اصطدم علي حمادي بعد أن قضى أربع سنوات يدرس في جامعة الأكاديميين العرب إحدى الكليات الأهلية في العراق، بعدم اعتراف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بشهادته بحجة ان كليته لم تحصل على ترخيص من قبل الدولة لممارسة نشاطها.
حمادي ويبلغ من العمر “30 عاما”، يشعر بمرارة كبيرة، لضياع أربع سنوات من عمره وخسارته أكثر من 10 آلاف دولار كأجور للدراسة، حيث يطالب الدولة بالاعتراف بشهادته من أجل أن يجد فرصة عمل في المؤسسات الحكومية والاهلية.
وتنتشر في محافظات العراق العديد من الكليات الاهلية غير المعترف بها، ويلجأ إليها الطلبة الذين معدلاتهم ضعيفة، ولا تقبلهم الجامعات الحكومية، بينما يبلغ عدد الجامعات والكليات الاهلية المعترف بها أكثر من 40.
ويقول كاظم المقدادي، استاذ الاعلام في إحدى الجامعات الأهلية، إن “التعليم الاهلي تجربة جديدة ظهرت في نهايات الثمانيات من خلال كليات المأمون والمنصور والتراث، ولكن بعد عام 2003 اتسع بشكل كبير واصبح هناك تراجعا في مستواه، لأن أغلبها تبحث عن الربح المادي، وليس الاستثمار في العقول”.
ويضيف المقدادي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك العديد من الكليات غير المعترف بها من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ما أصبح الطالب ضحية، لأنه لا يستفيد من دراسته بعد أربع سنوات”، مبيناً أن “مجلس الوزراء ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي يتحملان هذه المسؤولية، لأنهما من يمنحان رخصة العمل”.
ويؤكد أن “التعليم الأهلي أصبح متدنيا، لان بعض الكليات تقبل الطلبة دون شروط، وهذه مشكلة كبيرة جداً تواجه التعليم في البلاد”.
من جهة أخرى، يقول الدكتور سعدي الربيعي الاستاذ في إحدى الكليات الاهلية، إن “هناك فسادا كبيرا بهذا الملف، إذ هناك العديد من الكليات فتحت أبوابها أمام الطلبة دون توفر الشروط بعد دفع رشاوى لمسؤولين كبار بالدولة، خصوصا أنها تروج بأنها حصلت على الرخصة من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي”.
ويشير الربيعي في حديثه لـ”العالم الجديد”، إلى أن “الطالب يتحمل جزءا من المسؤولية لأنه لم يقم بالاطلاع على الكليات المعترف بها من قبل الحكومة”، موضحاً أن “العديد من الطلاب تعرضوا إلى الخداع من قبل مكاتب التعليم المنتشرة في البلاد عندما درسوا البكلوريوس والماستر والدكتوراه خارج البلاد، لكنها غير معترف بشهاداتهم، وأصبحت مجرد ورقة لا تنفع في البلاد”.
ويبين “شهدت الفترة الماضية تظاهر العديد من الطلبة في بغداد والمحافظات بأن كلياتهم الاهلية غير معترف بها، إضافة إلى أن هناك مشكلة قد تكون الكلية معترفا بها، لكن القسم غير معترف به من قبل الدولة وبالتالي فأن شهادته وهمية”. وشدد على ضرورة أن “تقوم وزارة الداخلية بإغلاق جميع الكليات غير المعترف بها، من أجل عدم وقوع الطلبة ضحية للشهادات المزيفة”.
وبالنسبة لرأي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، يقول المتحدث الرسمي باسمها حيدر العبودي، إنه “في سياق التعاطي العلمي والاشراف المباشر على الكليات الاهلية وضبط مخرجاتها حرصت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على التنبيه والتحذير من التعامل مع الكليات الاهلية غير المعترف بها وغير المثبتة في موقعها”، مبينا أن “الوزارة عازمة على إنهاء هذه المشكلة عندما اشترطت قبول الطلبة للعام القادم في الكليات الأهلية ضمن نظام القبول الالكتروني وباشراف مباشر من الجهات المعنية فيها”.
ويؤكد العبودي في حديث لـ”العالم الجديد”، على أن “ما يتعلق بشروط تسجيل الجامعات والكليات الاهلية يجب توفير المستلزمات المادية والبشرية والعلمية بما فيها البناية والمكتبات والمختبرات وغيرها من المستلزمات الاخرى، وعدم فتح باب القبول للطلبة قبل استحصال موافقة الوزارة النهائية”.
ويلفت إلى أنه “استنادا إلى التحذيرات الرسمية المتكررة من الوزارة للطلبة بشأن مخاطر الالتحاق بالكليات الاهلية غير المعترف بها رسميا، فان الوزارة لا تضمن حقوقا للطلبة المتخرجين منها”، مشيرا إلى أن “الوزارة تخاطب الجهات الحكومية المعنية لاغلاق الكليات غير المعترف بها”.