توغلت تركيا بعدتها وعديدها في العمق العراقي على مرأى ومسمع الجميع في خطوة مفاجئة ومثيرة للتساؤلات. اختلفت التفسيرات حول تلك الخطوة واختلف ايضا المواقف تجاهها على الصعيد العراقي والدولي. تركيا اعتبرت الخطوة في اطار جهودها لمكافحة الارهاب. فيما ردت الحكومة العراقية على لسان رئيس وزرائها بان تلك القوات لم تأت بطلب من العراق ودعت انقرة لسحب قواتها، اما الجانب الامريكي اعتبر دخول انقره العسكري خارج جهود التحالف الدولي لمكافحة داعش.
السؤال هنا هل تأتي تلك التحركات التركية العسكرية المريبة في اطار ردة فعل المحور التركي واصدقائه المناهض للمحور الروسي بعد سيطرة الاخيرة على الاجواء السورية بشكل شبه تام مما تسبب في تقدم الجيش السوري وسيطرته على مساحة اكبر كانت بحوزة الجماعات السورية المسلحة؟!
جوابا عن ذلك التساؤل لابد من التطرق لاحد اهم الاسباب التي دفعت بداعش الى الظهور بهذا الشكل المخيف، وكذلك دفعت البلدان الاخرى للقيام بدعمها. ان احد اسباب ظهور داعش هو تقطيع اوصال محور “المقاومة” او المحور الايراني السوري والى حد ما يضاف الى اليهم العراق. ذلك المحور يعتبر الطريق البري الواصل بين العراق وسوريا خطا استراتيجيا مهما في التواصل من هنا لابد من ايجاد قوة مثل داعش قادرة على تأدية المهمة. وبما ان العد التنازلي لداعش بدأ وأخذ الاخرون يتخلصون من تبعاتها اذن لابد من ايجاد بديل يؤدي تلك المهمة. البديل هنا اقليم سني مع قوات حفظ سلام عربية او دولية تمنع الحكومة العراقية من الامساك بزمام الامور في الانبار، وهذا ربما ما يفسر عودة نغمة المطالبة بإقليم غرب العراق خصوصا من قبل كتل سياسية عراقية وتزامن ذلك مع مقترحات امريكية عربية بضرورة وجود قوات عربية ودولية في العراق. وفيما يخص ما ذكره بعض المحللين بان تركيا فاوضت بغداد على السماح بخط غاز قطري الى تركيا فان ذلك ربما يكون احد الاهداف التي اضيفت لهذه الخلطة وليس بالضرورة ان يكون ذلك التصور ان صح هو الهدف الاستراتيجي من التوغل التركي.
وما يعزز ذلك التحليل ان قوى دولية واقليمية وحتى عراقية بعينها كان لها موقف رافض تماما لتحرير الانبار خصوصا بعد ان حاول الحشد الشعبي التدخل لحسم الموقف الصيف الماضي. حيث يبدو ان تحرير الانبار مرتبط بتوفير البديل. وكأن البديل الذي يقوم بعزل ذلك المحور هو اقليم سني مع جيوش مع المحور الاخر.
انطلاقا من ذلك تتضح الان الخطوة التركية والسياق الذي جاءت فيه، ان اهداف تلك الخطوة لم تخرج عن بعثرة الاوراق ودفع ملف الاقليم السني الى الامام بهذه الطريقة المستفزة.
جمال الخرسان
gamalksn@hotmail.com