رأت وزارة الخارجية الليبية أن مواقف العراق تجاه ليبيا تشجعها لاستئناف التعاون مع بغداد على كل المستويات، مؤكدة أن تنامي قوة “الارهاب” في كلا البلدين عطل التنسيق بينهما لكن حكومته تسعى لتعاون أكبر معه.
وفيما أشارت الى حساسية المشهد السياسي والأمني في البلاد التي تمزقها حروب داخلية، نفت حدوث أي فشل في جلسات الحوار المكثفة بين الفرقاء الليبيين، مشدّدة على ضرورة ان يكون حلّ الازمة الليبية مزدوجا على الصعيدين الامني والسياسي.
وبشأن تقييمه لمستوى التعامل مع العراق، قال وكيل وزارة الخارجيّة والتعاون الدولي الليبية د. حسن الصغير في حوار خاص مع “العالم الجديد”، إن “كلا البلدين يمران بأزمة سياسية وأمنية، ويواجهان خطر التنظيمات الارهابية المتطرفة”، مشيرا الى أن “العراق يعاني ازمة كبيرة منذ الاحتلال الاميركي، نتمنى بكل تأكيد ان يتعافى منها ويخرج من هذا النفق ويعود الى سالف عهده ودوره الريادي الهامّ”.
وأضاف الصغير “لقد تعاطينا بجدية مع عدة ملفات مع السلطات العراقية، ونرجو أن تزيد اواصر التعاون بين البلدين الشقيقين، لكن الصعوبات والتحديات الداخلية ومواجهة الخطر الارهابي لم تمكن البلدين من اتخاذ خطوات اكثر ايجابية، إلا أن موقف العراق كان واضحا وداعما للانتقال السياسي في ليبيا، ما يجعلنا نتطلع لاستئناف هذا التعامل بنسق أسرع”.
وحول مواقف دول الجوار وتعاونها مع ليبيا، أكد أنه “لا يمكن وضع دول الجوار كلها في قالب واحد، إذ أن من بين هذه الدول من يدرك حقيقة الخطر الذي تواجهه ليبيا، وهناك من لديه مخاوف وتحفظات، وهناك من لديه هواجس، مما يحدث في المنطقة بصفة عامة”.
ويجمل الصغير، المشهد السياسي والأمني في ليبيا، قائلا، إن “التذبذب السياسي هو سمة المرحلة لا فقط في ليبيا، بل في كافة دول المنطقة في شمال افريقيا والشرق الاوسط، ونحن نمر بمرحلة عدم استقرار سياسي نتيجة المتغيرات الاخيرة، وهو ما يجعلنا بحاجة ماسة الى تحقيق استقرار سياسي يؤدي الى استقرار امني تعقبهما تنمية مكانية وبشرية”.
وأضاف “بخصوص ليبيا كان هناك نظام ديكتاتوري خلّف بعد انهياره، تركة كبيرة جدّا من السلاح والخلافات البينية، لازالت الحكومات المتعاقبة الى اليوم، تعمل على حلّها من خلال سبل الحوار والتفاوض من جهة، والعمل العسكري من جهة اخرى.
وأما بخصوص جلسات الحوار المتتالية بين الفرقاء الليبين، فرأى المسؤول الليبي الرفيع، أن “كل الأطراف المعنيّة بالحوار الليبي أكدت مواقفها منه –سواء بشكل متزامن او متباعد- وقد كان موقفها مشتركا بخصوص اهمية الحوار وضرورة العمل على تجاوز المأزق والمفترق السياسي الصعب الذي تمرّ به ليبيا، وليس هناك أي خلاف في ذلك بين الفرقاء”.
وأضاف “أما فيما يتعلق بالنتائج، فانه للأمانة لايمكن الحديث اليوم عن نتائج حقيقية وملموسة للحوار، لكن يمكننا الحديث عن السير الجيد لجلسات هذا الحوار في انتظار قرارات جدية في الغرض وذلك بعد تزايد المخاطر الامنية وتنامي افة الارهاب من خلال اتخاذ تنظيمات متطرفة لعدة مناطق في ليبيا كملاذ آمن لها، على غرار تنظيم القاعدة، وأنصار الشريعة وأخيرا تنظيم الدولة الإسلامية، وهو مايدفعنا لمزيد من العمل والمثابرة لمواجهة هذه الجماعات من خلال التوصل الى حلّ سياسي بالتوازي مع الحلّ الأمني”.
ونفى الدبلوماسي الليبي “حدوث فشل في جلسات الحوار بين الفرقاء في الوقت الحاضر”، مؤكدا أن “ذلك يكون في حال علّق طرف من الاطراف المعنية مشاركته في تلك الجلسات او انسحب منها، وقتها يمكن الحديث عن فشل، لكن الان يمكننا القول ان هناك نجاحا نسبيا، لان الحوار لايمكن ان يلّبي مطالب مختلف الفرقاء باختلاف مواقفهم وتوجهاتهم، ورغم يقيننا من ذلك إلا اننا نتطلع بكل جدية الى ما ستتمخّض عنه هذه المباحثات لما فيه خير ليبيا اولا وأخيرا”.
وتابع “نحن حديثو عهد باختلاف الاراء والتعددية في المشهد السياسي، وهو ما انعكس بشكل سريع على الوضع الداخلي، علاوة على الصراعات العسكرية بين اطراف الصراع من جهة وبين قوات الجيش وتنظيم “داعش” من جهة اخرى ما زاد المشهد الليبي تعقيدا”.