ليس مفاجئا ان تتدفق الحشود المليونية مع اقتراب زيارة الاربعين لمرقد الامام الحسين بن علي في كربلاء، كما هو متعارف عليه في السنوات السابقة، وعادة ما يسبق تلك الزيارات الموسمية تشكيل غرفة عمليات من مختلف الجهات الرسمية والدينية من اجل انجاح تلك المناسبة الكبرى.
الجهات الحكومية اعلنت انها اتخذت تدابير خاصة هذا العام قبيل الزيارة من اجل عدم تكرار ما حصل في العام الماضي حينما اجتازت الامواج البشرية المنافذ الحدودية مع الجارة ايران دون اكمال الاجراءات الرسمية واستيفاء الرسوم. ورغم ما اعلن من استعدادات للزيارة تكررت تلك الظاهرة مرة اخرى وتدفقت حشود الزائرين الايرانيين بأعداد هائلة دون اكمال الاجراءات الخاصة.
وزارة الداخلية العراقية من جهتها حمّلت امس الاثنين الجانب الايراني مسؤولية ما حصل من انفلات الاوضاع في المنافذ الحدودية، حيث اكدت في بيان صادر عنها تابعته العالم الجديد على “تعمد الجانب الايراني فسح المجال امام الزائرين من اجل الضغط على المنافذ الحدودية العراقية لفتح الحدود بشكل غير قانوني وبحجة عدم سيطرة الجانب الإيراني على الداخلين من الحدود الإيرانية”. الوزارة التي يديرها الغبان “منظمة بدر” وهو من الشخصيات الحليفة لإيران تطرقت في بيانها للاتفاق الحاصل بين الجانبين والموقع مؤخرا وذكرت ان “الاتفاق كان ينص على أن يقوم الجانب الإيراني بمنع دخول الأفراد غير الحاصلين على تأشيرات الدخول من الاقتراب من المنفذ الحدودي”.
فهل عجزت الجهات الحكومية وغير الحكومية عن ادارة ملف زيارة الاربعين؟ هل فقدت الدولة العراقية السيطرة على تدفق دخول وخروج الزائرين في تلك المناسبة الدينية الموسمية؟! وهل يتحمل الجانب الايراني نفسه هل يتحمل المسؤولية عما يحصل؟
حول تلك الظاهرة السلبية واسبابها تحدث للعالم الجديد المحلل السياسي احسان الشمري قائلا: “هناك عدة اسباب، منها ما يرتبط بعدم التهيؤ قبل مدة زمنية تسبق الزيارة من قبل السفارة العراقية في ايران، اذ كان المفترض بها ان تعلن عن مدة لمنح الفيزا وتضع كل الامكانيات لانسيابية الاعداد وهي بتزايد مستمر”. الشمري وفي معرض حديثه عن الجهات التي تتحمل المسؤولية اضاف “إن المسؤولين العراقيين للمنافذ الحدودية يتحملون المسؤولية الكاملة عن هذه الفوضى بعدم قدرتهم على استيعاب الاعداد او ضبط الحدود، كما ان الجانب الايراني يتحمل بشكل كبير المسؤولية” وذلك “لأنه سمح بخروجهم من منافذهم الحدودية دون تأشيرة الدخول العراقية او ختم الخروج من ايران. الامر بحاجة الى وقفة من الخارجية العراقية سواء على مستوى السفارة العراقية في ايران وتغيرها او على مستوى وزارة الداخلية العراقية بوضع تقييم جديد للمنافذ الحدودية”.
اما الكاتب والباحث علي طاهر وفي حديث خاص بالعالم الجديد فقد ذهب لأبعد من ذلك حيث يقول: ” المطلوب هو ملاحقة مخترقي الحدود واستيفاء اجور التأشيرة فضلا عن الغرامة والمعاقبة القانونية” مضيفا “هذه زيارة الاربعين الثانية التي تحصل فيها هذه الفوضى، في المرة السابقة كان الامر مبررا بفعل عدم تهيؤ الجانب العراقي واستهتار الجانب الايراني بالسيادة العراقية واستسهالها اجراء” علي طاهر يعتقد ان المبررات السابقة لم تعد قائمة اليوم حيث يؤكد “اما اليوم فقد اتخذت السلطات العراقية عدة اجراءات منها فرض تأشيرة بـ40 دولارا للوافدين وايفاد 50 موظفا من الخارجية الى ايران لمنح تأشيرات الدخول واستقبال الزخم هناك، وهذا ما حصل فعلا حتى الاسبوع الماضي حيث منح العراق نصف مليون تأشيرة ويتوقع ان الرقم يتصاعد الى مليون بحلول الزيارة”. ازدياد الطلب على التأشيرة وبالتالي الدولار في ايران من قبل الزوار الايرانيين دفع الجهات الرسمية في ايران لرفع قيمة الدولار كما يعتقد علي طاهر.