اعلن الشيخ مروان ناجي الجبارة، احد وجهاء ناحية العلم في محافظة صلاح الدين، التي سقطت بعد مقاومة استبسالية من قبل اهاليها، و”فرسان العلم” بيد تنظيم ما يعرف بـ”الدولة الاسلامية” (داعش)، امس الاثنين، ان محافظ بغداد وافق على طلبٍ تقدم به لاقامة مخيم لاهالي “العلم” في بغداد.
وناحية العلم الواقعة على الكتف الشرقي لنهر دجلة قبالة ناحية العوجة، احتضنت نحو 400 جندي عراقي نجوا من مجازر (داعش) المروّعة، شهدت ايضا قبل نحو شهرين استشهاد شقيقة الشيخ مروان، عضو مجلس صلاح آمية الجبارة، في اشتباك مع عناصر التنظيم الاجرامي.
وفي تفاصيل استجابة محافظة بغداد، لطلب الشيخ الجبارة، كشف انه تقدم امس الاثنين، بطلب الى المحافظ علي التميمي، لاقامة مخيم نزوح لاهالي ناحية “العلم” في العاصمة بغداد، مشيراً ان الموضوع ستتم متابعته مع ادارة المحافظة ولجان النازحين.
وجاء في هامش التميمي على طلب آل جبارة، اقامة مخيم كرافاني من 350 كرفان في منطقة آمنة.
ويقيم الشيخ مروان، حالياً في بغداد، ويدير قناة سما صلاح الدين، والتقته “العالم الجديد”، لاضاءة ما حدث ويحدث في محافظة صلاح الدين.
العالم الجديد: ما الذي حصل في ناحية العلم بعد سقوط صلاح الدين في حزيران الماضي؟
بعد سقوط صلاح الدين في (12 حزيران 2014) حاول الدواعش اقتحام ناحية العلم، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك، بقينا نقاوم لأكثر من عشرة ايام، رفضنا دخول الدواعش الى مدينتنا، نعرف جيدا ان هؤلاء همج رعاع، لكن التحول السلبي الذي حصل هو خيانة وتواطىء عشيرتي “البو عجيل” و”العزة” الذين يسكنون في ناحية ايضاً، ما جعل عشيرة الجبور تقاتل لوحدها، مع غياب الدعم والاسناد الحكومي بشكل كامل، وسقوط الشهيدة “آمية ناجي” في (22 حزيران) فتأثرنا بذلك، وفي الاثناء اختطف الدواعش منا خمسين عائلة، فدخلنا بمفاوضات معهم من اجل دخول المدينة رمزيا، فسقطت المدينة، لكن بقيت المسافة كبيرة جدا، بين الجبور الذين يشكلون معظم سكان العلم وبين داعش.
ما ازعج الدواعش كثيرا من العلم، ان المدينة آوت 406 من الجنود الذي فروا من الموصل، وقاعدة “سبايكر”، وبقية القطعات المرابطة في مختلف القواطع، آويناهم لمدة اسبوعين، بقوا معنا حتى قبيل سقوط المدينة، وفرنا لهم مستمسكات بديلة مما مكنهم من العودة الى اهاليهم في الجنوب، او في كردستان، ومن بينهم الجندي الشاهد من ضحايا “سبايكر” علي حسين كاظم من اهالي الديوانية الذي ظهر في معظم وسائل الاعلام.
العالم الجديد: الشهيدة آمية، هل ثمة تفاصيل عن هذه المرأة البطلة؟
آمية ناجي جبارة، من مواليد (26 نيسان 1974) تحمل شهادة بكالوريوس في القانون، ولأنها حقوقية، كانت ناشطة بمجال حقوق المرأة، وعملت لفترة بمنصب مستشار شؤون المرأة لمحافظ صلاح الدين السابق احمد عبد الله الجبوري، وهي من عائلة مضحيّة ومتعلمة، فاخوها الشهيد معاوية جباره قائد صحوة صلاح الدين، وعمها الشهيد عبد الله جباره الذي قاوم الدواعش حينما اقتحموا مجلس محافظة صلاح الدين في (29 آذار 2011) حتى استشهد.
العالم الجديد: ما الذي دفع قبيلة الجبور، لاتخاذ موقف رافض لتنظيم (داعش) جنوب صلاح الدين؟
قبيلة الجبور في جنوب صلاح الدين من القبائل المتعلمة، وتحمل وعيا وثقافة يؤهلها لتشخيص الواقع وكشف الارهابيين والدواعش، تاريخيا اجدادي كانوا من سكنة الضلوعية، وبعد اكتظاظ المدينة انتقل احد اجدادي وهو الشيخ محمد الحسن جبارة، مطلع القرن العشرين الى قرية “الخرجة” والتي سميت بعد ذلك بـ”العلم”، استقر فيها، وفي عام 1933 قام بتأسيس مدرسة ابتدائية وفقا لما يذهب اليه الدكتور مصطفى جواد فأنها كانت ثاني مدرسة تفتح في الريف العراقي. من هنا فان سكان العلم وخصوصا من الجبور هم من ذوي الرؤية والبصيرة، معظمهم من حملة الشهادات، من هنا يمكن القول ان الامية سبب رئيسي فيما حصل من تفشي للإرهاب.
العالم الجديد: هناك تطورات ميدانية في العلم خلال الفترة القليلة الماضية، ما الذي يحصل؟
قبل ايام وبعد ان انزل سكان العلم رايات الدواعش وسط المدينة واستبدلوها بالعلم العراقي، وكردة فعل على ذلك قام التنظيم الارهابي بخطف حوالي 150 شخصا من سكان العلم من عشيرة الجبور ولا زال مصيرهم مجهول.
حالياً فإن الوضع الانساني مزر جدا داخل العلم بعد سيطرة الدواعش عليها، القتل والتهجير سارٍ على قدم وساق. لقد نزح كثيرون من العلم، والنازحون يعانون الامرين، لدينا حوالي 400 عائلة من مدينة العلم حاليا موزعين على الجوامع في بغداد، لم تسعفهم لجنة صالح المطلك، ولم تقدم لهم ما يستحقون.
العالم الجديد: هل هناك تحركات ميدانية في القريب العاجل لتحرير العلم؟
بعد تحرير مدينة “بيجي” مؤخرا نتأمل خيرا بحسم موضوع العلم وتحرير كامل صلاح الدين. في الايام الماضية التقينا بجهات عراقية مختلفة، برئيس الوزراء العبادي، ووزير الدفاع، التقينا بالأميركان ايضا والجميع وعدنا خيرا، وسيكون هناك تحرك قريب لتحرير المدينة ان شاء الله.
العالم الجديد: الى ماذا تعزو هذا الانهيار العسكري المبكر في حزيران الماضي خصوصا في صلاح الدين؟
ما حصل من انهيار عسكري في مدينة صلاح الدين ناتج بالدرجة الاولى عن تفشي ظاهرة الفساد الاداري في المؤسسة العسكرية، الفساد في تعيين الافواج والالوية، الفساد فيما يتعلق بالمقاتلين الوهميين “الفضائيين”، المحاصصة في المجال الامني.. جميع ذلك ساهم بما حصل من انهيار عسكري.
العالم الجديد: كنتم تديرون قناة فضائية اين اصبحت تلك القناة الان؟
لان الحرب اعلامية بالدرجة الاولى، ولأننا نحتاج الى منابر تناهض الارهاب اطلقنا من ناحية العلم فضائية في آذار الماضي باسم “سما صلاح الدين”، لكن بعد سقوط المدينة بيد داعش، استحوذ الدواعش عليها، سرقت بعض المعدات، وبعضها نقلناها خارج المدينة، اختطفوا مصورا يعمل في القناة واعدموه، وموظف اخر لازال مخطوفا، اما المبنى فقد اصبح مقرا لما يسمى في عرف الدواعش بـ”الحسبة”. نحتاج للأعلام المهني الجاد، داعش لديها امكانيات اعلامية هائلة وهي تتفوق احيانا على الاعلام الوطني، يجب الارتقاء بالمستوى الاعلامي المناهض لداعش لان الحرب في جزء كبير منها اعلامية.