انتكست الصناعة العراقية بعد عام 2003 بسبب إهمال الدولة بالإضافة إلى غياب التخطيط وانتشار الفساد المالي والإداري، ما أدى تعطل آلاف المصانع.
وكانت الصناعة المحلية تشكل نسبة 14% من الناتج القومي بينما تشكل اليوم 2%، ما جعل عددا من السياسيين يطالبون بإلغاء وزارة الصناعة وتحويل صلاحياتها لمجالس المحافظات لأنها لم تنهض بالقطاع الصناعي منذ سنين عدة.
وقال سلمان الموسوي، عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب، إن “القطاع الصناعي العام يتكون من أكثر من 70 شركة جميعها تحقق خسائر، بالرغم من اهتمام الحكومة بالقطاع منذ عام 2003 وحتى الآن”. وعزا ذلك إلى أن “الموازنة المالية العامة لا تعد بالطريقة الصحيحة ولا تستثمر الموارد المالية بالطريقة المثلى”.
ودعا الموسوي إلى “تأهيل الشركات الحكومية وتحويلها إلى القطاع المختلط وبعدها إلى القطاع الخاص، لأن مسؤولية الدولة لا تتعلق بصناعة الاسمنت أو غيرها من المواد، بل هي جهة رقابية”.
وأضاف أن “الدستور العراقي يؤكد ضرورة التوجه نحو اقتصاد السوق، ولكن الإجراءات في السنوات الأربع الماضية، تركزت في دعم القطاع العام ومؤسسات الدولة، وهذا خلل كبير”.
وذكر النائب أن “الدولة العراقية أهملت القطاع الخاص، وأصبحت مسؤولة عن كل شيء”. ولفت إلى أن “التجارب الاقتصادية التي نجحت في دول العالم يقف خلفها القطاع الخاص، لذلك على العراق أن يدعم هذا القطاع للنهوض باقتصاده خصوصا أنه يمتلك ثروات بشرية وطبيعية هائلة”.
إهمال متعمد
واتفق هاشم ذنون، رئيس اتحاد الصناعات العراقية، مع توجهات الموسوي بأن الصناعة تتعرض للإهمال المتعمد. وقال ذنون إن “العراق يمتلك 72 شركة حكومية تتألف من 195 معملا ومنشأة 75% منها معطلة حاليا”.
وتابع أن “القطاع الخاص فيه 40 ألف معمل 95% منها معطلة عن العمل، بينما في القطاع المختلط هناك 21 ألف مشروع 90% منها معطل”.
وأرجع ذنون عدم اهتمام الدولة بالشركات الحكومية والأهلية إلى سيطرة الأحزاب السياسية على مفاصل الدولة بأكملها. وأوضح أن “الأحزاب تتحكم حاليا بالصناعة وأن مصالحها لا تنسجم مع النهوض بها”.
واستطرد الصناعي قائلا إن “الأحزاب السياسية تمتلك العديد من الشركات الأهلية وهي مسيطرة على السوق في الوقت الحالي، وهدفها الحفاظ على مكانتها، من خلال إبقاء السوق معتمدة على التجارة من الدول المجاورة والإقليمية”.
وأكد أن “مجلس النواب أقر في عام 2010 أربعة قوانين تخدم القطاع الخاص ولكن لم تنفذ حتى الآن، وهي قانون حماية المستهلك، وقانون حماية المنتج المحلي، وقانون التعرفة الجمركية، وقانون الاحتكار”.
مؤامرة دولية
ويجد سلام عادل، المتخصص الاقتصادي، أن “الصناعة العراقية تتعرض لمؤامرة دولية ينفذها بعض الساسة في العراق، لأنه لا يعقل أن تدخل سلع استهلاكية بقيمة 74 مليار دولار في عام 2013 بينما موازنته المالية تبلغ 118 مليار دولار”.
وأردف أن “الدول التي يستورد العراق منها لا تريد نهوض صناعته، خصوصا أن السوق العراقية ممتلئة بالسلع الرديئة وبأسعار مرتفعة قياسا بالدول المجاورة”، مشيرا إلى أن “أسباب خسائر الشركات العراقية يعود إلى عدم فرض تعرفه جمركية على السلع المستوردة ما يجعلها أرخص من العراقية عند طرحها في السوق”.
ويبدو عبد الحسين شياع، عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب، متفائلا وهو يقول إن “الحكومة الجديدة برئاسة حيدر العبادي وضعت خطة مناسبة للنهوض بالصناعة وتحقيق التنمية والاستثمار، خصوصا وأن العبادي من الشخصيات الاقتصادية المهمة”.
وتؤكد وزارة الصناعة أنها جادة في إعادة تأهيل المصانع المعطلة عن طريق عرضها للاستثمار. وتعزو هيفاء المجيد، مديرة التخطيط في الوزارة، حال القطاع إلى “الحصار الاقتصادي الذي دام 13 عاما، بالإضافة إلى التدمير والسلب والنهب والتلكؤ في تشريع القوانين”.
وترى المجيد أن “الصناعة العراقية لها قاعدة عريضة ترتكز عليها أهمها وجود عدد كبير من المعامل لمختلف الصناعات موزعة على أغلب المحافظات وقد صرفت مبالغ طائلة في الخمس سنوات الأخيرة لاستبدال الخطوط الإنتاجية القديمة فيها بأخرى وفق أحدث التقنيات العالمية”، وتعقب بأن “هناك كوادر فنية متخصصة لتشغيل وصيانة تلك المعامل ناهيك عن امتلاك العراق للثروات المعدنية التي تستخدم كمواد أولية لتصنيع المنتجات”.