تتعالى في الآونة الاخيرة الكثير من الاصوات الطائفية يوماً بعد يوم، ولا يقتصر انتشار الطائفية على انها مجرد اصوات فحسب، بل تعدى ذلك الى خلق حالة من الرعب والهلع لدى كثير من المواطنين بسبب استهتار بعض الجماعات المسلحة التي تقتل وتخطف تحت مسميات دينية وطائفية.
هذه الحالة أنتجت شعورا بانعدام أسس المساواة والعدالة بين المواطنين، وهذا الأمر يعود الى عوامل متعددة أبرزها:
أولا: ضعف الدولة، وانتشار الجماعات المسلحة التي تقتل وتعتقل تحت مسميات طائفية.
ثانيا: جهل الرأي العام، وعدم التفكير بما يٌقال ويُسمع ويُقرأ والتصديق المباشر له، فهناك العديد من الخطابات السياسية والدينية التي تدعو الى الطائفية والاقتتال الطائفي، أو خلق روح الفتنة بشكل مباشر او غير مباشر وهنا تقع المسؤولية على عاتق المتلقي في فحص ما يتلقاه. بالاضافة الى عدم تفريق الجماهير بين حرية التعبير التي كفلها الدستور، وبين اثارة الفتنة الطائفية، فالبعض يتعدى على الطوائف والاديان الأخرى تحت ذريعة حرية التعبير، وهذا بدوره يؤدي مبدئياً الى خلق روح التوتر والتشنج التي قد ينتج عنها الاقتتال الطائفي.
ثالثا: استغلال بعض المناسبات والطقوس الدينية في التعدي والتهجم على بعض الطوائف والاديان، وهنا يجب أن تكون الطقوس الدينية والشعائر تخضع للعديد من الشروط التي من أهمها عدم التعدي في هذه الطقوس والشعائر على الاديان والطوائف الاخرى.
رابعا: بعض المناهج التربوية والدراسية، اضافة الى انتشار العديد من المدارس الدينية والحوزات التي تنشر الافكار الطائفية في خطاباتها وكتبها ودروسها، وغياب الرقابة عنها وعن المنابر والخطباء.
خامسا: الكتب، الصحف، قنوات التلفاز الممولة والتي كان لها الحجم الاكبر في نشر سموم الطائفية.
أما حل مشكلة الطائفية، فيقع بالنقاط الاتية:
الحل الأول يقع على عاتق الجماهير، ويتلخص بالتفكير في كل ما يُقرأ او يُقال او يُسمع، لأنه لابد من ايمان المتلقي بحقيقة مهمة وهي أن أي دين يرفض قتل من يختلف معي دينيا، بل على العكس تماماً كل الشرائع والاديان السماوية تقر بالاختلاف والتعايش السلمي معهُ.
الحل الثاني يقع على عاتق الحكومة ويتخلص بالنقطتين التاليتين:
الاولى: الرقابة، فلو خضعت وسائل الاعلام، المدارس الدينية والحوزات والمؤسسات الدينية، المنابر والخطباء، المناهج التربوية، الكتب الى الرقابة الكافية من الدولة، لما شاهدنا تصاعد كل هذه الاصوات الطائفية، لكن غياب الرقابة وضعف الدولة جعل كل من يهب ويدب ان يتحدث بما لذ وطاب من الاحاديث الطائفية التي تدعو الى الفتنة والاقتتال واصدار الفتاوى ايضاً.
الثاني: إقرار القوانين والعقوبات الصارمة التي تحد من ارتفاع الاصوات النشاز ويجدر الاشارة الى أهمية اقرار قانون تجريم الطائفية الذين يحتوي على ست مواد (المادة الاولى: تعريف جرائم الطائفية، الثانية: تجريم الطائفية، الثالثة: الافعال الخاصة التي تعتبر من جرائم أمن الدولة، الرابعة: العقوبات، الخامسة: الظروف القضائية المخففة، السادسة: الاحكام الختامية).
وعلى الحكومة ان لا تقتصر على اقرار القوانين، فحسب بشكلها النظري، بل عليها ان تعمل على تطبيق القوانين بشكل عملي وساري على الجميع وليس على طائفة دون اخرى.