العاطلونَ عَنِ العملْ
الأبرياءُ من الوظيفةِ
في اضطرابِ الوقتِ،
بل هم يحفظونَ لدودةِ القزِّ ابتكارَ المعجزاتِ،
رتّقوا مليونَ ثُقبٍ في جيوبِ اللَّهِ،
وانتظروا طويلاً عند بابِ الفرنِ،
لم يتسكعوا جدّاً لأنْ لا وقتَ ثمّةَ
هم لم يهرعوا للموعدِ الماضي غداً،
لا يعرفونَ حريرَ هذا العصرِ
الغائبونَ عن احتفالِ ربيعهمْ ببذارهم،
النائمونَ نهارهم
كالراقصاتِ،
موكّلونَ بما تبقّى من عقيقِ دموعهِم
في أمسياتِ الموتِ والهجرانِ
مشغولونَ بالوقتِ الإضافيِّ
الذي سيسيلُ من زيتِ المكائنِ
إذ تُعلِنُ الحاناتُ حادثةَ الغيابِ،
وتدقّ أجراسُ المقاهي، غالباً،
وافتضاحِ الذاكرةْ.
غيابِهمْ،
من دونِهمْ.
لكنَّهمْ في مهرجانِ الحبِّ
إيقاعُ التفاني في الغزلْ.
مشغولونَ بكلِّ شَيْءٍ عدا مراجعةَ حساباتهم المصرفيّةِ، والزمنُ في تقاويمِهم تكرارُ القلقِ، بينما تتسرّبُ العصافيرُ من معاطِفهم لفرطِ الجوعِ. المسافاتُ لا تبلغُ أيّ نهايةٍ فَهُم لا يريدونَ بلوغَ أيّ نهايةٍ إلا تدبيرَ مبالغِ الفواتيرِ والجلوسَ على مسطبةٍ في حديقةٍ عامةٍ يتأملونَ الظهيرةَ الصيفيةَ مع زجاجةِ بيرةٍ حتى لو لم تكنْ باردةً بينما فناجينُ قهوتهم باردةٌ على الدوامِ. الهواءُ أكثرُ حريّةً في غرفةٍ نظيفةٍ، وما العولمةُ إلا تقنيةٌ بارعةٌ لممارسةِ الحبِّ عبر الرسائلِ الإلكترونيّة، ولم يدخلوا مطعماً في حياتهم إلى لغسلِ الصحونِ.
عن العملْ
لا يعبأونَ بما تردّدَ عن سباقِ البنكِ
والسوقِ التي امتلأتْ بهم،
متفرجينَ وعاجزينَ عَنِ البلاغةِ،
ذاهبينَ إلى أسرَّةِ نومهمْ كي يكملوا أحلامَ يقظتِهمْ
فلا فروَ الثعالبِ في خزانةِ زوجةِ المطرودِ من ذاكِ الزواجِ
ستعيدُ بعضَ حقيبةٍ ضلّتْ طريقَ السردِ
كما اعتادوا،
ولا تعاليمَ السفرْ
والراوي مقيمٌ
لا ذهابَ ولا إيابَ
سوى التماثيلِ التي يُصغي الغريبُ
لهمسِها المسموعِ،
تنثرهُ على أكتافِ مَنْ عبروا المساءَ إلى البكاءِ،
عقاربُ الساعاتِ عكسَ عقاربِ الساعاتِ،
حولَ معاصمِ الوقتِ المتاحِ،
ووقتهمْ لم يكفهمْ
لقياسِ خيباتِ الطريقِ بمن وصلْ
وهجاءِ أوسمةِ البطلْ.
البطلُ يضحكُ بعضلاتِه الصقيلةِ على عظامِ القرى النازحةِ، أمام العدساتِ، بطلُ الطائفةِ الظافرةِ نجمُ المرحلةِ وفيلسوفُ الكراهيةِ والصاعدُ إلى مستقبلنا، النابتُ فأساً بارداً في أوجاعِ العائلةِ والمفتونُ بعطورِ المعجباتِ والمُكلّلُ بمجدِ التفاهةِ، قريرُ العينِ بلا كوابيسَ، وهادئُ القلبِ بلا رجفةِ خوفٍ ولا مساميرَ حشو الوسادةِ.
العاطلون عن العملْ
تاريخُ ثرثرةِ المكانِ
وبهجةِ الصعلوكِ
عِنْدَ نبيذهِ،
والبيتُ عثرةُ عاطلٍ
في كأسِ جمْرٍ نادرٍ
في لحظةِ الكسلِ المرادفِ للكسلْ
في حافرِ الفرسِ المبكّرِ
ضدَّ الطريقِ إلى الأملْ.
وهو يركضُ يائساً
5 نيسان 2016