استبقت السلطات نشوب أكبر حرب عشائرية في البصرة، باعلان انطلاق خطة لنزع سلاح العشائر، في محاولة ردع أخيرة قبل اندلاع المواجهات المحتملة بين عشيرتي الكرامشة والمياح، ورغم ان الخطة انطلقت غرباً في قضاء الزبير الذي لا يشهد اي مواجهات، الا ان المنطقة المقصودة شرقاً وشمالاً.
امس الاول السبت، قررت خلية الأزمة الأمنية في البصرة، نزع الاسلحة من المواطنين وعدم السماح لأي سلاح خارج إطار سيطرة الدولة، على خلفية المعارك العشائرية الدائرة في المحافظة الجنوبية الغنية بالنفط والغاز.
وقال رئيس اللجنة ومحافظ البصرة ماجد النصراوي، في مؤتمر صحفي حضرته “العالم الجديد”، إن “القرار اتخذ بالاتفاق مع القادة الامنين، بسحب جميع الأسلحة غير المرخصة، ولاسيما المتوسطة والثقيلة من جميع مناطق البصرة”.
وبيّن أن “الحملة التي اطلقت بدءاً من قضاء الزبير وستشمل جميع مناطق البصرة، ولاسيما تلك التي حدثت فيها نزاعات عشائرية، بالتعاون مع القوات الأمنية والحشد الشعبي وبالتعاون مع العشائر التي وقعت على وثيقة الشرف بعدم الاقتتال وايقاف العيارات النارية العشوائية”.
وأكد أن “الاجتماع خلص الى توجيه القيادات الأمنية تنفيذ أوامر إلقاء القبض الصادرة بحق المخالفين والخارجين على القانون بشكل حازم للحد من خرق الأمن”، مضيفاً أن “المرحلة المقبلة ستشهد استقرارا امنيا”.
فيما كشف قائد عمليات البصرة اللواء الركن سمير عبد الكريم، أن “قوة عسكرية توجهت الى قضاء القرنة، حيث دارت اشتباكات عشائرية، لبسط الامن ومنع المواجهات المسلحة”.
أمس الأحد، شنت القوات الامنية حملة تفتيش واسعة في منطقة الهارثة (شمال)، بالقرب من منطقة كرمة علي، مساحة الاقتتال بين الكرامشة والمياح، وشمالاً دخلت القوات الامنية الى منطقة الشخاطة بالقرب من الكرمة في رتل عسكري بأمرة ضباط كبار. ولم تعلن نتائج المداهمات.
وبحسب مراسل “العالم الجديد” في البصرة، فان عمليات الدهم التي شنت شمال مركز البصرة في الهارثة وكرمة علي، جاءت كخطوة استباقية للحيلولة دون نشوب “أكبر وأشرس معركة عشائرية” في تاريخ المدينة منذ عمليات التحالف الدولي العام 2003، بين عشيرتي الكرامشة والميّاح.
وبيّن ان “العشيرتين تجمعان السلاح المتوسط والثقيل منذ نحو اسبوع، لخوض معركة حاسمة، تنتهي لصالح أحد الطرفين”.
سبب النزاع
ينشب النزاع المسلح بين العشيرتين منذ زمن، جراء مقتل طفل من عشيرة المياح (الشحمان)، بطلق طائش في قتال لعشيرة الكرامشة، فما كان من العشيرة الاخيرة الا أن بادرت وفقا للعرف بأخذ هدنة قصيرة (عطوة) من عم الطفل، ريثما يتم الجلوس لفض حادثة القتل سلمياً بدفع الدية، الا ان (الكرامشة) اهملوا “عطوتهم” وتجاهلوا المطالبات المياحية، لأكثر من عام، حتى قررت عشيرة المياح “الانتقام”، فقتلت شخصين من الكرامشة، وانكرت، الا ان السلطات القت القبض على القاتل، فردت الكرامشة بالهجوم على بيوت للمياحيين في حي الرسالة بناحية الهارثة، بالاسلحة الخفيفة والمتوسطة، لتعقد بعدها هدنة هشة، سقطت قبل نحو شهر.
المياح تبرر
أحد وجهاء عشائر المياح ينفي في اتصال هاتفي مع “العالم الجديد”، أن تكون عشيرته متسببة بمقتل شخصين من الكرامشة.
وبيّن الوجيه الذي فضل عدم الاشارة الى اسمه، أن “المياح براء من دم الشخصين، لكن الكرامشة يصرون على اننا مسؤولون عن مقتلهم، وتطالب بفدية قدرها 50 مليون دينار، مع التبرؤ من القاتل الذي هو تعتقد أنه من عشيرتنا”، منوّهاً أن “طلب الكرامشة هذه الفدية والتبرؤ، اذلال لنا واستفزازي، وتحدي لا نقبله”.
ويضيف أن “عشيرتنا طالبت الكرامشة بالجلوس والتفاهم، والقسم بأن القاتل ليس منا، وطلبنا منهم (شد الراية) من دون دفع أي مبلغ، لكنهم رفضوا”.
حرب على الأبواب
امس الاول السبت، اجتمع شيوخ عشيرة المياح، وقرروا إعلان الحرب على عشيرة الكرامشة، رداً على هجومهم الأخير، واستفزازاتهم المتوالية، و”تلقينهم درساً” حتى لا يعاودوا الاعتداء على المياحيين.
واذا ما اندلع قتال ثأري بين المياح والكرامشة، فان التقديرات تؤكد تفوق المياحيين على خصومهم، لجهة انهم عشيرة تفوق اعداد ابنائها، عشيرة الكرامشة، حيث تقدر بـ30 الفاً بينما ويتوزعون في مناطق واسعة من البصرة، ولديهم صلات حزبية وحكومية وامنية، وينتمي اليها محافظ الاسبق “شلتاغ عبود”، بينما الكرامشة لا تتعدى نفوسها 5 آلاف فرد، ويسكنون في مناطق محدودة، في الدير والماجدية والشخاطة وكتيبان والكرمة ونهران عمر ومعسكر مجاهدي خلق سابقاً بمنطقة الشافي، غير أنهم متمرسون بالقتال وتجارة السلاح، والمخدرات، والتسليب والقتل، والسطو المسلح، ولديهم مطلوبون كثر للقضاء، وغالباً ما يلجأون الى تقديم رشىً كبيرة لضباط أمنيين لعرقلة أوامر القاء القبض.
وتخشى السلطات في البصرة من اندلاع القتال بين العشيرتين، ما قد يعرض استقرار المدينة الى الخطر، لجهة ان مناطق القتال بعضها قريب من المواقع النفطية، فيما سيقطع الطريق الرابط بين بغداد والبصرة المتجه نحو مناطق شمال المحافظة، ومنها الى العمارة.