على خلفية تدهور الاوضاع الامنية بعد العام 2003، وفي ظل غياب الدولة تم اللجوء الى الشركات الامنية الخاصة من اجل توفير الامن، للشركات، الوفود، والكثير من النشاطات الدبلوماسية والتجارية التي تقع في دائرة الاستهداف من قبل الارهابيين او في اطار الجريمة المنظمة التي تنشط هي الاخرى في ظل تردي الاوضاع الامنية.
من المحافظات العراقية التي تشهد نشاطا ملحوظا للشركات الامنية المحلية والاجنبية هي البصرة، نتيجة لما تمثله من اهمية كبيرة في المجال الاقتصادي باعتبارها مدينة نفطية اولا، ولأنها المنفذ البحري الوحيد للعراق ثانيا، لكن أحوال الشركات الامنية في البصرة مدعاة للقلق ايضا، بسبب النشاط السلبي الذي تقوم به بعض تلك الشركات ضد الشركات المثيلة لها بدوافع مختلفة.
مؤخرا حصلت “العالم الجديد” من مصادر امنية خاصة في محافظة البصرة على تفاصيل مثيرة تتعلق بخروقات امنية او معرقلات واجهت العديد من الشركات الامنية تكشف أن من يقف وراءها هي شركات أخرى، بدوافع التأثير على سمعة بعض الشركات او دفعها لترك العمل في ذلك المجال في محافظة البصرة.
المصدر الأمني الذي رفض الكشف عن نفسه، اكد في حديث لـ”العالم الجديد” أيضا على أن “بعض الشركات الامنية المحلية المعنية بتوفير الامن للشركات الاجنبية وبدافع الحصول على عقود من تلك الشركات لتأمين الحماية الكافية لها، تقوم في البداية بتهويل الوضع الامني بالبصرة، ومن ثم تقوم بوضع عبوات ناسفة لها في الطريق، ثم يتم الابلاغ عنها قبل وصول وفد الشركة الاجنبية الى المكان المحدد لتتأكد من وجود خطر يحدق بها، ما يستدعي ضرورة التعاقد مع جهة تكون قادرة على حمايتها”.
في ذات السياق ايضا، هناك منافسة محتدمة بين الشركات الأمنية المحلية، حيث أعلن في ايلول سبتمبر الماضي عن انفجار عبوة ناسفة على عجلة لشركة (الأعضاء) الأمنية في منطقة الجزائر بالقرب من مجمع ماكسي التجاري، ثم بعدها بفترة استهدفت عجلة تابعة لشركة (نسور الرافدين) الامنية، وهناك حوادث امنية كثيرة مشابهة استهدفت مواكب بعهدة شركات امنية.
تلك الحوادث الامنية واخرى مشابهة هي من وجهة نظر رئيس اللجنة الامنية في مجلس محافظة البصرة جبار الساعدي في حديثه لوسائل الاعلام مؤخرا، من فعل الشركات الأمنية نفسها، حيث قال ان “ما يتم تداوله عن الوضع الامني بشأن الشركات الاجنبية في البصرة هو من فعل الشركات الامنية الاجنبية العاملة في المحافظة”.
ويضيف الساعدي ايضا “يهدف ذلك الى إرباك وتزييف الحقائق أمام الشركات التي ترغب في العمل لابتزازها عن طريق فرض مبالغ مالية ضخمة مقابل توفير قوة حماية لتلك الشركات ولتنفيذ أجندات خاصة بسبب وجود عناصر مخابراتية مجندة للعمل ضمن هذه الشركات”.
ملابسات الموضوع والظروف المريبة التي تحيط به دفعت وزارة الداخلية لتشكيل لجنة تفتيش الى مقر الشركات برئاسة قائد شرطة البصرة اللواء فيصل العبادي. الأخير وفي تصريحات اعلامية أكد أن “هناك مراقبة على الشركات الامنية، وخصوصا التي لا تحمل تراخيص أو التي تستخدم عمالة بدون رخصة او برخصة منتهية، تم توجيه إشعار لجميع الشركات بضرورة العمل ضمن الضوابط وعدم تجاوزها”.