بعد أن كشفت “العالم الجديد” في سلسلة تقارير عن حجم الفساد الذي يشوب عمل المراكز الثقافية بالخارج والتابعة لوزارة الثقافة، تستمر برصد الخروقات القانونية والمهنية التي تأسست عليها تلك المراكز، بالاضافة الى ما يصدر عنها من تشويه لثقافة وتاريخ العراق الفني والابداعي، وليس آخرها قيام مدير مركز لندن بإحالة نصب فني في العاصمة البريطانية الى فنان مغمور بقيمة 40 ألف دولار، يصمم لحساب الوزارة، من دون الرجوع الى أي من نحاتي العراق وفنانيه المعروفين.
كل ذلك جرى ويجري بعلم المسؤولين المباشرين عن عمل تلك المراكز، وأبرزهم الوزير السابق سعدون الدليمي (صهر مدير المركز)، ووكيله طاهر ناصر الحمود، ومدير دائرة العلاقات الثقافية عقيل المندلاوي.
ويقول مصدر مطلع بوزارة الثقافة في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المراكز الثقافية في الخارج قد تم تأسيسها على جملة من القرارات المخالفة للدستور، وقانون الخدمة الخارجية المنشور علنا حتى هذه اللحظة، على موقع الوزارة الخارجية”.
ويوضح المصدر، أن “القانون ينص على ضرورة أن لا يكون المرشح حاملا لجنسية البلد الذي يعين فيه، باعتبار أن أي تعيين من هذا القبيل في أي مركز أو دائرة أو ملحقية عراقية سيؤدي بالضرورة الى الحد من سلطة القضاء العراقي بملاحقة واستقدام المخالفين من نوع هكذا موظفين في حالة ارتكابهم مخالفات قانونية مثل الاختلاس والإضرار بمصالح البلد، لأن انتماءه للدولة الأخرى (المضيفة) وامتلاكه لجنسيتها سيكون حاميا له أمام أي ملاحقة، لأن من واجبها حماية رعاياها ومصالح حاملي جنسيتها”، لافتا الى أن “ذلك سيكون مسوغا للسرقة والضرر بالصالح العام دون حساب، لاسيما وأن هؤلاء ليسوا بعراقيي الانتماء والسكن، وليس لهم أدنى مايربطهم بالوطن الام، وأنهم بمجرد انتهاء مهامهم فانهم لن يعودوا الى العراق، بل سيبقون في بلدانهم الاخرى التي عاشوا فيها سنين طويلة، وهو ما ينطبق على مراكز (ستوكهولم)، (لندن)، (واشنطن)”.
ويضيف أن “الشرط الآخر وهو قضاء المرشح (لمنصب المدير او الموظف بالمراكز الثقافية في الخارج)، لفترة لا تقل عن سنتين كخدمة فعلية في وزارة الثقافة”، مبينا أن “وزارة الثقافة لم تلتزم بهذا الشرط، إذ أن بعض مدراء وموظفي تلك المراكز لم يخدم في الوزارة ولو ليوم واحد، بل إن مدير مركز لندن عبد الرحمن ذياب الجبوري (وهو صهر وزير الثقافة السابق سعدون الدليمي)، تسلم كتاب تعيينه وهو جالس في محل اقامته بالعاصمة البريطانية، كونه يعمل مصورا في قناة الشرقية وتربطه علاقة جيدة بمديرها الاعلامي سعد البزاز، وهكذا هو الحال مع مدير مركز واشنطن، وعدد من موظفيه”.
ويتابع “علما إن هنالك عددا آخر قد تم تعيينهم بنفس الطريقة، وهم لم يصلوا بناية الوزارة، وأسماؤهم مدونة في إرشيف خاص، داخل دائرة العلاقات الثقافية”.
ونشرت “العالم الجديد” تقريرا مفصلا وبالأسماء في (17 أيلول سبتمبر الماضي)، عن تورط الوزير السابق ووكيله ومستشاره والمفتش والمدراء العامين في الوزارة بتعيين أبنائهم وذويهم في المراكز الثقافية بالخارج.
واستكمالا لهذه النقطة بالتحديد يردف المصدر، أن “معظم التعيينات لم تتم بناءً على كفاءة أو استحقاق، وإنما بناء على محسوبية ومنسوبية من النوع الرديء جدا”، لافتا الى أن “عبد الرحمن ذياب مدير مركز لندن مثلا، لا يملك أي تاريخ او منجز ثقافي سوى أنه مصور تلفزيوني، دخل عالم السياسة كمرشح عن قائمة وحدة العراق التي يرأسها وزير الداخلية السابق جواد البولاني، وهو ضابط برتبة رائد في الجيش العراقي السابق، وكان آمر سرية بالقوات الخاصة، لكنه الآن يتبوأ أخطر منصب في مدينة التراث والعلوم والثقافة والأدب – لندن”.
ويشير المصدر الى أن “هذا الرجل فضلا عن كونه دخيلا على الوسط الثقافي ولم يحقق منجزا حقيقيا طيلة توليه رئاسة المركز (عامان ونصف)، الا أنه يتصرف بفردانية بمقدرات مالية ضخمة، وليس آخرها ترشيح فنان غير معروف، من معارفه لإنجاز نصب يمثل العراق أمام مركز الدراسات العربية- الاسلامية برعاية جامعةEXTRA البريطانية وبقيمة تتجاوز الـ40 ألف دولار، من دون الرجوع لأي جهة ثقافية أو الاستعانة بأبرز فناني العراق المعروفين بأعمالهم الفنية في الخارج”.