ازداد الملف الغامض لاختطاف سيدة الأعمال العراقية الكردية سارة حميد ميران، غموضاً بعد الاعلان عن هروبها أمس الاثنين، من منزل كانت تحتجز فيه بمنطقة البياع (غرب بغداد) على حد زعم الرواية الرسمية، وتسليم نفسها للشرطة الاتحادية، بعد أن أعلن عن اختطافها في البصرة.
وعلى الرغم من تأكيدات المصادر الأمنية لهروب ميران، الا أنه ثمة حلقات مفقودة في القصة المثيرة للاختطاف في (9 أيلول الماضي).
الرواية التي اطلعت عليها “العالم الجديد”، تفيد بأن “السيدة ميران تمكنت من الافلات من قبضة خاطفيها عبر إيجاد منفذ في المنزل والقفز على أربعة دور مجاورة، ما ادى لمطادرتها من قبل الخاطفين قبل ان تسلم نفسها الى الشرطة الاتحادية التي سرعان ما اشتبكت مع الخاطفين، ما أسفر عن اصابة أربعة من عناصر الشرطة بجروح مختلفة”.
وتمضي الرواية التي يفضي بها مسؤول أمني رفيع في البصرة، بالقول إن “سارة نقلت الى مقر لرئاسة الجمهورية، وهي تتمتع بصحة ووضع جيد”.
الرواية غاب عنها تحديد زمن “الهروب” المفترض، وغاب عنها ايضا ان السيدة ميران تجهل المنطقة، فضلا عن صعوبة تنقلها على اسطح اربع دور سكنية، بلحاظ عمرها وبنيتها الجسمانية، والكيفية التي وصلت بها الى نقطة تابعة للشرطة الاتحادية.
لكن ثمة تفاصيل أخرى لـ”الهروب”، تبتعد عن البياع لتصل الى منطقة عرصات الهندية وسط العاصمة، فبحسب شهود عيان من المنطقة، فان اشتباكا دام نحو 15 دقيقة وقع بالقرب من مطعم عيون بغداد في العرصات، بين تنظيم مسلح يعمل بغطاء حكومي ويشارك في جهود مكافحة تنظيم “داعش”، وبين الشرطة الاتحادية.
وبحسب شهود عيان، فإن “الاشتباك وقع قرابة الساعة الثانية ليلاً من صباح الاثنين، ما استدعى وصول تعزيزات نوعية من قوة مكافحة الارهاب وقوات النخبة في الشرطة الاتحادية على نحو عاجل، بمساندة مدرعة عسكرية”.
وبالربط ما بين الحادثتين، وما افادت به مصادر أمنية لـ”العالم الجديد”، فان اشتباك العرصات، حدث بين عناصر حركة أهل الحق (العصائب)، وبين الشرطة الاتحادية، مشيرة الى أن “سبب الاشتباك قد يكون مداهمة لتحرير السيدة ميران من الخاطفين”.
مصدر في الحكومة العراقية، أفاد لـ”العالم الجديد”، بأن “ميران مختطفة على يد أحد الجهات المسلحة المتنفذة، وبعلم الحكومة التي فاوضتها على إطلاق سراحها”.
وهو ما يؤكد تصريح محافظ البصرة ماجد النصراوي في 30 ايلول الماضي، “اننا نعرف الجهة الخاطفة ونفاوضهم لاطلاق سراحها”، مستدركاً “سيتم تحريرها قريباً”.
وتعد ميران أكبر المستثمرين في قطاع العقارات بالبصرة، اذ تستثمر مشروعاً عقارياً باسم “سعفة البصرة”، والذي تجاوزت نسبة انجازه الجدول المقرر، واعادت تأهيل اكبر فندق دولي في المدينة “شيراتون البصرة”، الذي تم حرقه ونهبه العام 2003، لتعيد افتتاحه باسم “ميلينوم البصرة”، وتشغل منصب المدير المفوض لشركة الصقر الجارح.
غير ان قيادة شرطة البصرة، اصدرت بياناً امس الاثنين، اكدت فيه “تحرير” السيدة ميران، مُصرةً على موقف يشوبه الكثير من الغموض، يستدعي ما افاد به مصدر أمني في 30 ايلول الماضي لـ”العالم الجديد”، من أن قضية الاختطاف “لا تخلو من أمرين، الاول هو ابعاد الشبهة الجنائية لتتحول الجريمة الى قضية سياسية، تدخل ضمن الصراع السياسي بين الاحزاب والحكومة”، أما الامر الثاني فان “المحافظ بوصفه المشرف على الامن في البصرة، يزوّد بمعلومات من ضباط استخبارات غير كفوئين يشوشون عليه”.
ونوّه المصدر حينها الى أن “عصب الاستخبارات في البصرة ضعيف جدا، واغلب الضباط في الاستخبارات يفتقدون للكفاءة، والمصادر، والحس الامني والوطني”، مبينا انهم “عاجزون عن معرفة هوية العصابات التي تقوم بأعمال خطف في البصرة، وتبتز المقاولين والمستثمرين بمبالغ مالية”.
وشدد على ان “اختطاف السيدة ميران امر جنائي محض، من قبل عصابة متنفذة تبحث عن فدية مالية كبيرة لقاء اطلاق سراحها”، لافتاً الى ان “اتصالات أجريت مع عدد من الفصائل المسلحة لمعرفة مصيرها، لكنهم نفوا تورطهم بالحادثة، او علمهم بالجهات الخاطفة، لانشغالهم بقتال (داعش) وتدريب المتطوعين وإرسالهم إلى الجبهات وتأمين الخطط العسكرية والاسلحة والذخائر”.
قيادة شرطة البصرة، قالت في بيانها أمس، والذي اطلعت عليه “العالم الجديد”، إن “عملية تحرير المختطفة ميران” تمت بعد “قيام قائد شرطة البصرة اللواء فيصل كاظم العبادي بمعية فريق عمل متخصص بجرائم الخطف، مكون من مختلف صنوف الاجهزة الامنية في المحافظة، يعمل على تحليل المعلومات المتوفرة عن الاختطاف، وبعد نشر السيطرات والدوريات الالية والراجلة ومراقبة ارقام الهواتف المشتبه بها وتضييق الخناق على الخاطفين”.
ويبرز تناقض في الرواية الرسمية، بادعاء شرطة البصرة تحرير الخاطفة التي فرّت من خاطفيها من بغداد!