يبدو أن القطعات الاضافية التي وصلت الى تكريت الأسبوع الماضي، بما فيها قطعات من جهاز مكافحة الارهاب وقوات التدخل السريع، لم تكن بهدف اضافة زخم اضافي للقوات الأمنية المرابطة هناك، بل ملأً للفراغ الذي أحدثه ابعاد قوات الحشد الشعبي، وخصوصا الفصائل الاساسية من المشاركة في تحرير مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين. حيث اطلق رئيس الوزراء حيدر العبادي بخطاب متلفز الأربعاء الماضي، المرحلة الاخيرة من عمليات تحرير صلاح الدين. إذ جاء في كلمة العبادي القصيرة التي بثت عبر القناة العراقية الرسمية “ها قد حلت ساعة الخلاص، وحل ربيع العراق، ودقت ساعة الانتصار لتعود صلاح الدين الى حضن الوطن العزيز”.
ومع انطلاق العمليات العسكرية صدرت سلسلة من المواقف السياسية والميدانية من معظم التشكيلات البارزة في الحشد الشعبي تدعو لعدم المشاركة في عمليات تحرير مدينة تكريت احتجاجا على مشاركة التحالف الدولي.
ومع صمت الجانب الحكومي العراقي، جاء الموقف الأميركي الذي وضع النقاط على الحروف ليوضح حقيقة ما دار خلال الاسبوعين الماضيين حينما تباطأت وتيرة العمليات العسكرية في محيط مدينة تكريت، ففي جلسة استماع امام الكونغرس الامريكي عقدت الخميس الماضي، صرح الجنرال الاميركي لويد أوستن قائد القيادة المركزية للجيش الأميركي التي تشرف على القوات في الشرق الأوسط، ان “انسحاب الميليشيات الشيعية من الخطوط الأمامية كان شرطا لتنفيذ غارات جوية أميركية ضد أهداف تنظيم الدولة الإسلامية في تكريت”.
وأضاف لويد أن “الميليشيات الشيعية لم تعد الان جزءا من عملية تطهير المدينة”.
ويبدو ان الحكومة العراقية استجابت لهذه الضغوط بعدما شن التحالف الدولي سلسلة من الهجمات على مركز مدينة تكريت”.
مصادر ميدانية مقربة من ابرز قيادات الحشد الشعبي اكدت لـ”العالم الجديد”، أن “الحكومة رفضت مشاركة الحشد في عمليات تحرير تكريت، وطلبت منهم البقاء في المراكز الخلفية، وأوكلت المهمة بالدرجة الاولى الى الجيش، والشرطة الاتحادية، وقبل ذلك جهاز مكافحة الارهاب مع بعض الافواج التي تشكلت من ابناء صلاح الدين انفسهم”.
قيادي في الحشد الشعبي ينتمي لمنظمة بدر أكد في حديث لـ”العالم الجديد” بالقول ان “ما حصل هو تطور غاية في الخطورة، ويثبت مرة اخرى اننا يمكن ان نعود للمربع الاول مع هذا النوع من السياسيين الذين يقودون العراق”.
وتعليقا على تلك الحالة الجديدة التي تنذر بتصعيد الأزمة بين العبادي وتشكيلات الحشد الشعبي، تحدث ممثل المرجع السيستاني في كربلاء اثناء خطبة الجمعة الماضية، السيد احمد الصافي قائلا “لابد ان نلفت النظر الى مسألة وحدة الرؤية وتنسيق المواقف بين هذه الجهات العراقية الحريصة على دحر الارهاب وتوحيد القرارات المهمة والخطيرة، خصوصاً وان الانتصارات القريبة كانت بجهود الاخوة في الجيش والمتطوعين وابناء العشائر الغيارى”.
وبحسب الصافي فان “التقاطعات في وجهات النظر لها نتائج غير حميدة في المواقف العسكرية والامنية، بل لابد من تكثيف اللقاءات والمشاورات من اجل وضع الخطط اللازمة والكفيلة بطرد الارهابيين”.
الملفت ان التلفزيون العراقي الرسمي، وبعد ان كان يفسح المجال كثيرا لضيوف من الحشد الشعبي، تجنب خلال اليومين الماضيين استضافة أيّ من القيادات او الناطقين الاعلاميين باسم الحشد الشعبي او شخصيات محسوبة على تشكيلاته، واكتفى بالتعويض عن ذلك باستضافة محللين سياسيين، ورفع وتيرة الاغاني الوطنية.
وكانت عمليات تحرير صلاح الدين والمسماة “لبيك يا رسول الله”، قد انطلقت مطلع اذار مارس الجاري بمشاركة حوالي 30 ألف عنصر من الجيش العراقي والحشد الشعبي في رقعة جغرافية تصل لحوالي 4600 كيلو متر مربع.
وقد أدت العمليات الى تحرير مدينتي الدور والعلم بعد أن كانتا تحت تصرف تنظيم (داعش) منذ حزيران الماضي، كما أدت تلك العمليات الى تحرير مئات القرى والقصبات في محافظة صلاح الدين، إضافة الى بعض أحياء مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين.