ما الذي يجعلنا أكبر قلبا؟
أننا نخلق عذرا كي نحبا
قالها الشيخ و عيناه من التحديق
في ضوء شموس الله تعبى
فالذي يزداد بعدا ربما يحتاج قربا
والذي افرط لينا ربما لم يلق صلبا
ما الذي يجعل هذا البحر
مأسورا بخيط الرمل
كل الموج في ظلمته
يوسع هذا الخيط ضربا
ما الذي يجعل حبات من الرمل
ترد الموج مكسورا
وقد يملأ هذا البحر
كل الساحل الممتد رعبا
نحن ما اخترنا ولكن
آن أن نحتار أن نصبح شعبا
نحن أجبرنا على ذلك
فاخترنا طريق العيش حربا
ويظل الغامض الموعود
مثل اليوم صعبا
فلمن نترك هذا المسجد العامر قل لي؟
لكلاب الليل كي تكبر في باحته هذي الجراء؟
دكة نلقي عليها العمر ما ازداد عن الحاجة
من فيض الدماء؟
ولماذا إن رأينا بعضنا عدنا نصرُّ
رغم أنا قد عرفنا أن طعم الامس مرُّ؟
أجمل اللحظات للماء بأن يلقى مصبَا
دائما ما يبحث الماء عن المهرب
والنيران عن أي وقود
ورياح الكون عن كوتها في الظلمة
الأعمق من هذا الوجود
ويظل الطين يحيا راضياً
أو غير راض
مثل حمالين سود
إنما بعد مضي ما الى النبع نعود
هذه الدنيا على رحلتها
رحلة سادات قليل وعبيد
فلتكن سيد نفسك
ولتكن عبدا لها من قبل أن
يكسر شيء عارم كل الحدود
كل ما يفعله العالم من آلامه
أن يزيد القلب ثقبا
أين تبني عشها الطير
ولا أشجار في الشارع قل لي؟
أين تبني عشها
أنقاض دور
وهي فوق العالم الفاني تدور
طلقة أخرى تثور
طلقة لا يقدر الدمع على إطفائها
وتضج الطير والاطفال من أصدائها
إنها الحرب التي تبقى
الى الاحفاد تغلي في القدور
إنها ما يجعل القديس ذئبا
ويحيل الشاعر الحالم كلبا
إنها الحرب التي تخدعنا
في كل يوم ترتدي أثواب فلاح
لكي تلقي البذور
بينما تترك رملا حارقا تحت الصدور
ورمينا كل ما انبته القلب
من الابناء في النار
و هدمنا البيوت
و قطعنا ما تذكرنا من الاشجار
حتى صارت الانقاض دربا
كان شيء كلما تذهب شمس الله
خلف السور في القلب يموت
و لقد مات من الحسرة سدر الله
والاشجار لم تجن من التأريخ ذنبا
هي لم تعرف سوى من بذر البذرة
من يسقي
و من يلقط حبا
هي لم تعرف لماذا كل هذي الطائرات
ولماذا خلف هذي العربات
جثث الشبان مقتولين في الارض تجرُّ
ولماذا أقتل الاشياء للناس
بأن يمشي على الارض امرؤ
يفصح إني الان حرُّ
وقديما قبل جسرُ
يجمع الناس إذا ما فرق الموج المحبين
يريح الزورق المتعب من أسفاره
لكنما في الجسر هذا اليوم
شيء لا يسرُّ
يشنق الناس على أعمدة النور
صباح مكفهرُّ
ولقد نمشي على سكتنا
لكننا نستغرب الآن لماذا الوقت وعرُ؟
يحزن الناس
يعودون الى الزورق
والماء يمرُّ
آه ما أجمل هذا الماء
إذ يخرج من سرة هذي الارض
يلقي بالحصى في قعر مجرى
يلمس الاشجار في رحلته
جذراً فجذرا
غاسلا أقدام أطفالا شريدين
ومملوئين بالأوساخ ظفرا
واذا ما صار نهرا
خاف منه الناس لم يعطوه
إما فاض عذرا
وبنوا سدا طويلا كرقيب
يتبع الماء انحناءات
الى أن يودع الاعباء بحرا
واذا ما وصل النهر الى البحر توانى
قال محزونا لجمع الموج:
كان العمر عذبا
ما الذي نجني من الحرب
سوى ما يجعل الاطفال مرميين في كل تقاطع
يغسلون العربات
ويعيشون مع الماء وحزن الماسحات
ويبيعون السجائر
ويذلون كثيرا كبرياء العيش في ضجة شارع
فالاطارات تدوس العمر
والقلب وأغصان المشاعر
ما الذي نجني من الحرب
سوى أن يقتل الشاعر شاعر
وسوى أن يفقد الحبة طائر
كل فرد تبع اليوم إمامه
و مضى مبتهج القلب الى سوق القيامة
تاركا إمراة تنتظر الشارع أن يفرغ
كي تدنو لأطراف القمامة
ما جنينا من قليل من بقايا الحرب
ما بين الشرائع
غير أن تنصل ألوان الظفائر
وتصير الارض عاقر
وإذا خلف الستائر
بعض ما يتركه العالم في هدأة شارع
في الزوايا من بيوت الناس
جدران حزينات وأبصار دوامع
ما جنينا أي شيء غير أنا
قد طردنا في ظلام الليل أطفالا صغاراً
يستظلون بكف الله والعالم ماطر
ألهذا خلق الانسان ؟ جدران صفيحُ
وضيوف من ثقوب السقف أمطار وريحُ
حيث تذوي العائلات
كيف قلب المرء خلف السور
خلف الكاميرات
والبيوت الفارهات
كيف قلب المرء بين الجند ليلاً يستريحُ؟
متعبا أرقى على جسر العذاب
فأرى الناس التي تمشي الى حقل الخراب
وأرى تحتي هموم المركبات
جاريات صوب أحلام كثارٍ هاربات
مدن تفتح للأبناء أفقا من حراب
مدن في كل ليل ..في زوايا قلبها تقتل ربّا
مدن يطعنها قابيل تدنيه
ولكن تطرد الإبن المحبّا
ما الذي يفرح؟
أن تُطفأ في الاجساد هذي الطلقات
أن قلبا نابضا في الكون مات
ودما يجري كما يجري الفرات
فجأة أغفل مجراه وغطى الطرقات
ما الذي يفرح
شيخ طاعن يمسك فخّار الجسد
مثلما تُمسك آنيّة ماء
بينما القاتل يلقي قربه دلو الدماء
خوف أن يسقط من خاصرة ماء الحياة
غادر القاتل فورا
ثم غطت رملة الصحراء أشلاء الجميع
ولقد جف على الخط السريع
كل ما لم يره الصيف
على الاطراف من عشب الربيع
حالماً بين الندى والأجنحة
وانتقالات الفراش المفرحة
واذا يستيقظ الطفل بعين مالحة
في قماط بين كفين
رجال يحملون الاسلحة
لم يكن أكبر من هذا
لكي ينبت في عينيه قبح المذبحة
هذه الارض التي ترفض أن
تحيا قليلا في يد الريح
وتحيا في كتاب
أصفر الاوراق مهجورٍ
مليء بالتراب
ولقد أصبحت لا أبصر ناسا
إنما أبصر كتبا
وأنا انزل من جسر الى ضيق دربِ
مرهقا من كيس أحلامي وحبي
قائلا…ألآن في اقرب بيت خربٍ أترك قلبي
قال قوم دعك من هذي وغذ السير غربا
كيف قسمت البساتين وقطعت المدينة
فلك الخضراء والنهر
و للباقي الملاذات الحزينة
دائما ما كنت تختار الصواري
وأنا أختار ضلعا خشبا
هل مرة فكرت يا هذا
لماذا لم تعد تجري السفينة؟
لم يغير كل ماء الانهر العذبة
من طعمك يا ماء قليلا
أنت قد تجمعنا يوما بخيط
ضاع من ثوب السماء
أنت قد تشغلنا عن وجع الترحال في هذا العراء
أنت قد توصلنا أنى نشاء
إنما لست الذي يمنحنا جرعة ماء
ربما نترك بيتا فجأة
لكن ذكرى الماء من كاساته تبقى طويلا
لم يغير كل ماء الانهر العذبة من طعمك يا ماء قليلا
كيف نهران عظيمان و لا تطفأ نارُ
كيف نهران جميلان و ما فيك اخضرارُ
والصغارُ
أعين مملوءة حزنا تدارُ
كلما ساءلتهم عن حب هذي الارض حاروا
شارع يوصده فحم و حزن وحجارُ
شارع لا تفتح الذكرى طريقا فيه
لا يجدي انتظارُ
شارع جرحه الابناء فالابناء عار
وعلى كل حنين فيه ينهار جدارُ
كل عام ايها الجندي إغسل علمك
وارفع الرأس وصدق ندمك
فلكم ينفع أن توقظ ليلا المك
سيد أنت فأدب خدمك
بعد أن تهدأ أوجاع البداية
كلما حررت أرضا
بدل الراية ازرع شجرا
ما اذي ينفع أن تركز راية
فوق أتقاض بناية
ساكنوها استسلموا لكنهم
قد بصقوا سرا عليها
ليس غير الريح ترخي جانبيها
راية موحشة سوف تخاف المطرا
راية لا يطلع البرعم منها
سوف لن يرحمها عصف النهاية
فوق أنقاض بناية
ما الذي ينفع أن ترفع راية
قد تطول الحرب عمرا
سرفات
وبقايا طلقات
والى الارض تشير اللافتات
حجر يؤلم غصناُ
طلقة تثقب في الصورة قلباُ
صادق النية ..تدمي الذكريات
قطة ماءت من الوحشة في الليل
ولم تكتم أساها الحجرات
سرب نمل فرح السير
بأن سيدة البيت مضت عنه
وها يأخذ جهرا من يد الحرب الفتات
وجراء دون أن يضربها الاطفال
تمشي حرة في الطرقات
قطط تجلس خلف الباب
لا تجرؤ أن تجلس فوق العربات
باب بيت ظل مفتوحا
وصنبور صغير ظل مسؤولا
عن الاشجار يلقي القطرات
قد تطول الحرب عمرا
طلقات…