تنتظر “شيدا الجاف” بشغف، مرافقة وحدتها العسكرية من أجل الذهاب الى جبهات القتال لمقاتلة تنظيم داعش في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في الموصل وكركوك.
شيدا الفتاة العراقية الكردية المولعة بالفن والاعلام، وجدت نفسها مدفوعة برغبة جامحة في الانتقال من العمل في القنوات الفضائية وفن صناعة الافلام القصيرة، الى فنون مقاتلة العدو، واستخدام السلاح، بعد الالتحاق بمعسكر تابع لقوات البيشمركة في أحد جبال السليمانية.
ويضم المعسكر مئات المقاتلات من مختلف الأعمار، وهن يرتدين الزِّي الكردي الرجالي ذا السراويل العريضة واللون البنّي الغامق في إشارة الى كفاءتهن المساوية للرجال في مهارات القتال، ويحملن فوق صدورهن جعب الذخيرة، فيما يضعن فوق أكتافهن البنادق الروسية “كلاشنكوف”.
تنظر شيدا نحو سلاحها الذي تنتظر حمله بفارغ الصبر، وتقول في مقابلة مع “العالم الجديد”، “تدربت على القتال، وأنتظر موافقة وحدتي العسكرية للذهاب الى جبهات القتال لإنقاذ المدنيين الأبرياء، ومقاتلة أعداء الانسانية والرحمة”.
وبشأن دوافعها للانخراط في هذا الحقل، تؤكد المقاتلة الكردية الشابة أن عائلتها هي “من شجّعتها على المشاركة في صفوف قوات البيشمركة، نتيجة الإحساس بحجم الظلم والحيف الذي يكابده أبناء الشعب العراقي عموما والكردي تحديدا، لاسيما بعدما حدث لأهالي سنجار من قتل وسبي للنساء على يد تنظيم داعش”، مدفوعة “برغبة عارمة في إعادة أمجاد المقاتلات الكرديات في القرن الماضي، وإحياء أدوارهن الكبيرة بالكفاح المسلح ضد الظلم والاضطهاد، لأن المرأة الكردية العراقية كان لها دور كبير في مقارعة الاضطهاد الذي طال الشعب الكردي من خلال حملها السلاح الى جانب الرجل”.
وتعد مشاركة المرأة الكردية في خوض غمار الكفاح المسلح ضد تنظيم داعش ليس أمرا حديثا، فمنذ عشرينيات القرن الماضي، حملت المرأة الكردية السلاح ولعبت دورا فاعلا في مختلف الثورات الكردية أمثال السيدة “حفصة النقيب” التي تحولت فيما بعد الى رمز للحركة النسوية الكردية.
وفي مطلع السبعينيات من القرن المنصرم، قام حزب العمال الكردستاني PKK المعارض لتركيا باستثمار الطاقات النسوية في عملياته العسكرية، ونجح الى حدّ كبير في برهنة دور أن المرأة الكردية لا تقل شأنا عن الرجل في ميادين الكفاح المسلح، وتحوّلت “نوروز جرندو” رقما ثقيلا وقطبا مهما داخل الحزب.
بينما قام حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس العراقي السابق “جلال طالباني” في فترة التسعينات بإدخال المرأة في الميدان العسكري والسياسي واستطاع التغلب على العوارض والعقبات الاجتماعية السائدة.
وتردف شيدا التي تنحدر من مدينة السليمانية باقليم كردستان العراق، في حديثها لـ”العالم الجديد”، أن “داعش ارتكب في العراق مجازر كبيرة، وأنا مثل أي فرد حريص على وطنه، لا يقبل بالخضوع والإذلال أمام هؤلاء الأوغاد المجرمين الذين ما يزالون يمزقون البلاد”.
المقاتلات الكرديات من أمثال شيدا الجاف ينتشرن على طول جبهات قوات البيشمركة في إقليم كردستان الممتدة من خانقين شرقا وحتى سنجار غربا.
وتؤكد شيدا أن “العراق والشرق الأوسط يحتضن نساء ذكيات قادرات على إيجاد حلول للمشاكل التي تواجه الدولة”، داعية الى “الاستفادة منهن بدل تهميشهن وإقصائهن، لأن المرأة رغم اضطهادها وتهميشها لكنها لا تزال تناضل لتثبت وجودها في الحياة”.