خلال الطور الاول من عملية تحرير الموصل، من الطبيعي ان لا يذكر غير العسكر، الجيش والحشد، قوات الاتراك في بعشيقة وهل يشاركون بالطيران او لا، والبيشمركة الكردية، والحضور العسكري الامريكي والغربي بوجه عام. المهمة عسكرية، والمعني المباشر بها، هم العسكر، لا احد ينظر للقوى الخفية، القوى الواقفة وراء وخلف المشهد المتحرك على الخارطة، بدباباته وجنوده وصواريخه وطائراته، لا احد الان يتذكر وزن العراق الفعلي المهتز اجمالا، واين سيوضع، او اين سيتجلى وخلف اي من القوى المحاربة؟ وهل من عراق غير منظور هو الان في حالة ترقب وتحفز، بانتظار تحول المعركة الى مابعد عسكرية؟
نعم العراق لايخوض اليوم معركة توازن قوى بين دولتين، مع انه خاض في تاريخه ( اطول حرب بين دولتين بعد الحرب العالمية الثانية 1980/1988 مع ايران الأكبر منه مساحة وعدد سكان ) اليوم المعركة تخص وجوده وتكوينه ضمن حالة مختلفة نوعيا، تخص اعادة تشكله بعد انهيار”الدولة الحديثة” كما عرفت وتعرف، بعد 82 عاما من عمرها، وحلول اليات اعادة بناء الوطنية، بظل ارجحية دور ومكانة مكونات “ماقبل الدولة” ممثلة ومؤطرة باحزاب وتكوينات اسلامية باطر “حديثة”، قابلة لتحويلها الى قوى خبث سياسي بالحد الاقصى غير المجرب من قبل.
الموصل كما الفلوجة وتكريت، لم تحيِ فقط قوة صوت المرجعية، باعتبارها المركز التوحيدي الاكبر في ظروف الانهيار( يدعي المالكي بتفاهه تليق بدجال، انه هو من اسس الحشد الشعبي ) وبالمناسبة يقول بوتين: “ان السعودية تخشى العراق، ولا تتدخل فيه مباشرة ،لان رجلا عجوزرا في النجف، اذا قال كلمة، يصبح العراقيون في قلب مملكة ال سعود خلال ساعات) العام ،فالمرجعية نفسها معنية اليوم بالنطق بحساسية تتعدى دورها الروحي، وبما يحفظ لها كينونتها، فالمرجعية بدون عراق واحد موحد، هي اضعف، وقد تصبح لاشيء، لابل وقد يتم اغراقها بالمؤثرات، وقوة حضورالمراجع المنافسه، فعراق واحد موحد، يعني مرجعية نجفية قوية وقيادية على المستوى العالمي، قادرة وفعالة، وكل هذا حري بان يسقط ادعاءات المالكي الكاريكيتيرية. الوطنية العراقية اليوم ضرورة، لكل مفرداتها، بنسب متفاوتة، مليشيات واحزاب، وتجمعات، وكل هذا الزخم محكوم راهنا وعبر الحدث المتوالي المتداخل، بقوة عملية، ووبدفع ديالكتيك اعادة التشكل والتركيب من “الاحادية” الى ” وحدة التعدد” التي تثبت كل يوم حضورها الفائق، وتدل على مسارب انخراطها ضمن نسيج مركب باولويات وتفاعلات توحيدية اخرى، غير ماقد سلف ومرعلى هذه البلاد.
ومن لايرى اليوم الى الموصل من هذا المنظار، فانه حتما سيضيع، وسيرى معركة مجردة ناقصه العناصر، والاهم غير حيه ولاحيوية، بلا ديناميات، وكانها خارطة موضوعه امام هيئة اركان منكبة على طاولة، وبيد كل عضو من اعضائها عصا رفيعة للاشارة لنقاط الانتشار والتراجع والالتفاف، بينما المطلوب، والمشهد الموصلي الفعلي الماثل، لايتجلى خقيقة سوى خلل خارطة اكبر، لايشكل فيها مشهد العسكر وهيئة اركانهم سوى زاوية صغيرة من زوايا عراق يقف اليوم متحفزا متجددا يقظا.
وللحديث صلة