صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

النتيجة القاتلة

مرت الأمة المسلمة بلحظات لم تجب فيها عن نوع محدد من الأسئلة يتعلق بالعقائد وتحديدا…

مرت الأمة المسلمة بلحظات لم تجب فيها عن نوع محدد من الأسئلة يتعلق بالعقائد وتحديدا بالتوحيد. لم يتفق أحد على إجابة رسمية، بل ان الإجابات تقاتلت فيما بينها والسؤال ينظر مذهولا. كان نمو دور العقل بعد غياب الوحي لحظة ارتباط سلسلته المعرفية بما سبقه وانتاجه للأسئلة التي عجزت الأجوبة عن قطع تناسلها. الصوفية منحوا الأمر مزاجا آخر، وقالوا ان التوحيد مستحيل. يقول أبو بكر الشبلي (من أجاب عن التوحيد بالعبارة فهو ملحد، ومن أشار إليه فهو ثنوي، ومن سكت عنه فهو جاهل، ومن وهم أنه واصل فليس له حاصل، ومن أومأ إليه فهو عابد وثن، ومن نطق فيه فهو غافل، ومن ظن أنه قريب فهو بعيد، ومن تواجد فهو فاقد، وكل ما ميَّزتموه بأوهامكم وأدركتموه بعقولكم من إثم معانيكم، فهو مصروف مردود إليكم، محدث مصنوع مثلكم). يبدو لي أن هذا الرأي هو الأكثر اقترابا من الاجابة، رغم أنه يضعها في خانة العدم، وهو متطابق مع ما عُرف عن المعرفة الصوفية المفرغة من طموحات السياسة او ما عُرف عن رغبة الفلسفة في استدامة أسئلتها كمورد رزق.

 

يبقى صاحب الجواب بعيدا عن التطابقات، فهو مختلف لأن وجوده في اختلافه، أقصد هنا منكري البدعة وهادمي أصنام التفكير الحر وقاطعي أعناق السائلين بذل المعرفة. هؤلاء يرون في تراكم المعرفة الدينية المسلمة حشوا يجب استئصاله، وهكذا فالنص نطق لديهم في زمن مضى ولا حاجة له، بل الى نطقه القديم، كونه خضع للاتفاق وشهد الوحدة والإجابة الرسمية.

 

وهنا يأتي دور الشيعة ليكونوا أرقا لعبيد القرن الهجري الأول. الشيعة يقولون ان ذلك القرن لم يشهد اتفاقا ولم تتحصل الإجابات بلفظ متشابه، ولذا فالشيعة أخطر من الجميع لأنهم يضعون الإجابة الأولى موضع الشك، ومن دون الجماعة التي تم تصويرها على أنها واحد؛ وقع عبيد القرن الهجري الأول في موقف محرج بلا إجابة واحدة. الأمر لا يخضع هنا لتراتبية محددة في معايير الزمان والمكان، فيمكن لمقلد يقلد قارئا أولا للنص ان يكون إجابة على قارئ أول آخر لم تسعفه التفاصيل في تبيان قراءته.

 

وبالعودة الى الصوفية فان خلاصاتهم هي الانتباهة الأكثر التصاقا بالحياة، ولا يتعلق الأمر هنا بآليات الطريق بل بالنتائج. لو استعدنا تاريخيا الإجابة الحنبلية عن سؤال خلق القرآن وردة الفعل الأشعرية على عقيدة وحدة الوجود ووحدة الشهود لتأكدنا أن هناك سجلا من الهزائم التي منيت بها القراءات الأولى بسبب محدوديتها أمام اتساع مديات العقل عبر الزمن.

 

إقرأ أيضا