صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

اليمن: طفح الكيل

  قلناها مرارا وتكرارا

 

قلناها مرارا وتكرارا.. إن الشعب قد طفح الكيل به مما يعانيه. وﻻ مجال للمزايدة عليه أو المتاجرة بمعاناته او استثمار مصائبه المتعاقبة.. واكبرها من كانوا في السلطة او وصلوا اليها.. ان هذا الشعب المكلوم بأبنائه ممن تغيرت أفكارهم بمجرد ان وصلوا الى السلطة.. ويتحدثون عن الفساد وهم اكثر انغماسا فيه.. وينتقدون وصاية من حكموا قبلهم وهم اكثر تعصبا وتمسكا بالوصاية على هذا الشعب تحت شعارات دينية وأحقية الهية ما انزل الله بها من سلطان.

 

يدعون الشعب لتقديم الدعم لما اسموه بالمجهود الحربي.. وهم ينفقون ملايين الرياﻻت في لوحات وشعارات قائدهم الذي يريدون فرض افكاره على جميع ابناء الشعب ابا من ابا ورضي من رضي.. وهذا امر جد خطير فإن استمروا في ذلك فلن يطول مقامهم كسلطة أمر واقع… وسينتهون سياسيا عقب انتهاء العدوان طال الوقت ام قصر…

 

لذلك ننصح سلطة اﻻمر الواقع باحترام هذا الشعب وعدم المنية عليه كأنهم اخرجوه من الظلمات الى النور.. تحت مسميات وافكار لم تخرج عن كونها افكار تعصبية او انتقامية ممن كان قبلهم في السلطة… ليأتوا هم ليرتكبوا الخطأ تلو اﻷخر.. والتي تصب جميعها في خانة انهاء سلطتهم وانهائهم سياسيا.وهو ما يقودنا لبذل النصح لهم والذي يتمثل في النصائح التالية:

 

اولا: اتركوا عنكم الغرور والمنية على الشعب وبأنكم من حرره وقضى على الطغاة ولفاسدين… واجعلوا تعاملكم مع الجميع  من منظور سياسي معتدل ومرن.

 

ثانيا: تقبلوا اﻵخرين ورحبوا بأفكارهم وآرائهم وانفتحوا على جميع القوى السياسية – حتى من تعتبرونهم اعداء ايديولوجيين لكم-لكي تستمروا في الحياة السياسية.ويتقبلكم اﻻخرون.

 

ثالثا: ﻻ ترتكبوا أخطاء من سبقوكم في السلطة.حتى ﻻ تتسببوا في انهاء فترة بقائكم فيها في اقرب وقت.وﻻ تسفهوا أدائهم أو أرائهم أو ما ارتكبوه ﻷنكم تستعدون أناس كثيرون من أبناء الشعب حتى من كانوا قد تقبلوكم بكل عﻻتكم واخطأكم.

 

رابعا: ﻻ تتﻻعبوا بعواطف البسطاء وتدغدغوا مشاعرهم بشعاراتكم التي تعتقدون انتم فقط بأنها الحقيقة الكاملة.وانها الطريق السليم والصراط المستقيم.. فعهد اﻻنبياء قد انتهى بخاتم المرسلين محمد بن عبدالله .وما بعده لم يخرج عن كونه اجتهادات يصيب صاحبها ويخطئ.. فلا تفرضوا آرائكم بالقوة وعليكم ان تتقبلوا اختﻻف اﻵخرين معكم بصدر رحب.

 

خامسا: ﻻ تختزلوا الوطن في جماعتكم وﻻ تعتقدوا انكم الصالحون وما عداكم ظالون.فهنا تكمن بداية نهايتكم سياسيا وايديولوجيا… وﻻ تلعبوا على وتر الدين فنحن مسلمون ولن تدخلونا اﻻسﻻم من جديد.. فاعرضوا افكاركم بهدوء وبسﻻم بعيدا عن تخوين وتكفير من يخالفونكم وتصنيفهم واقصائهم واستعدائهم تحت رداء الدين وما تعتقدونه صائب يراه اﻷخرون خطأ وهذه سنة الحياة.

 

سادسا: ليكن لديكم استعداد لتقبل تعاون اﻵخرين معكم.واﻻستعانة بهم في امور كثيرة قد ﻻ تمتلكون الخبرة الكافية للتعامل مع المواقع واﻻحداث التي قد تواجهكم.. فهذه امور دولة وليست مركزا تنويريا او مدرسة دينية.فشؤون الدولة تتطلب الكثير من الخبرة والتروي والصبر والفكر المنفتح على الجميع.

 

سابعا: ﻻ تمنوا على الشعب بانكم تقاتلون وتدافعون عنه وعن حدوده.فجميع أبناء الشعب يقاتلون ويدافعون عن حياض هذا الوطن كﻻ في مجاله وتخصصه، وﻻ فضل ﻷحد على اﻷخر… فجميعنا في جبهة واحدة لمقاومةعدوان غاشم سيندحر قريبا بجهود جميع أبنء الوطن اليمني الموحد.

 

ثامنا: ﻻ تتعاملوا مع اﻷخرين من موقع انكم في السلطة. وﻻ تستعدوهم وﻻ تقصوهم ﻷنكم ستنتقلون من خانة السلطة الى خانة المعارضة في أي وقت.. وهذه سنة الحياة.ومن ثم فما اعتبرتموه مظلومية بالنسبة لكم وانكم كنتم مقصون ومستبعدون- وهو قول غير صحيح- ﻻ تمارسوه اليوم وﻻ تقصوا احد وﻻ تستعدوا أي طرف او حزب او جماعة.ﻷن انتقامهم منكم سيكون أفضع مما ارتكبتموه في حقهم. وهنا ﻻبد من تحكيم العقل وعدم التسرع والوقوع في اﻷخطاء التي كنتم تشكون منها عندما كنتم في صعده.

 

وفي الختام اتمنى ان يقرأ هذا المقال بعين المتبصر والحريص على والوطن وﻻ يعتبره اي شخص قد يقرأه من جماعة الحوثي بأنه استعداء لهم.. فما قلناه ﻻ يخرج عن حرصنا على أبناء الشعب اليمني جميعا.ومن بينهم اخواننا الحوثيين فهم يمنيون وﻻ ينكر ذلك أي أحد.ومن حقهم الوصول الى السلطة – وفق آليات ديمقراطية وسياسية ودستورية ﻻ يختلف عليها اثنان- ومن حقهم نشر افكارهم والمشاركة في العملية السياسية واﻻلتزام بشروطها.. واﻻندماج والتعامل مع اﻵخرين لما فيه مصلحة هذا الوطن..

 

وحفظ الله اليمن من شر ومكروه

 

د. مجاهد صالح الشعبي: أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء

 

إقرأ أيضا