صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

بارزاني.. كيف دخل (الإليزيه) وحيدا؟

  لم تكن هي المرة الأولى التي يقوم فيها رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني…

 

لم تكن هي المرة الأولى التي يقوم فيها رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني بإحراج سفارات بلاده في الخارج، والتي لا يطلعها في العادة على جداول زياراته، غير أن زيارته أمس الثلاثاء، الى باريس، ودخوله قصر الإليزيه بلا أضواء، بينت أن الاصطفاف الدولي الداعم للدبلوماسية العراقية لا يتماشى مع رغباته.

 

ففيما اعتبر الدبلوماسي الأممي المعروف غسان سلامة الزيارة بأنها “عادية”، وفضل الحديث عن التطورات الجديدة التي يشهدها العراق خصوصا رفع حظر التجوال، نفى برنار كوشنير وزير الخارجية الفرنسي السابق، حدوث متغيرات في سياسة فرنسا تجاه العراق بعد زيارة بارزاني.

 

بارزاني الذي تعقبته عدسة “العالم الجديد” أمس، بدا وحيدا رغم وفد صغير رافقه من أربيل، حيث ترجل من سيارة ليست ديبلوماسية، ليدخل القصر الفرنسي الأشهر من أجل لقاء الرئيس الفرنسي هولاند، تحت جنح الظلام، ومن دون إعلان رسمي، وبلا أي تغطية إعلامية من الجانب الفرنسي – سوى بعض وسائل الاعلام المقربة من حكومة الاقليم، بالاضافة الى قناة العراقية-، ليخرج بعد 30 دقيقة بالضبط، من لقاء بروتوكولي ليس أكثر.

 

وبدت إجراءات البروتوكول عادية تماما من دون أية مراسيم رسمية يرفع فيها علم العراق او الإقليم، ولا ممثلين عن حكومة بغداد او سفارة العراق في باريس، فيما تم تصنيفه وفق تقاليد الاليزيه بـ”ضيف” فقط، لذا لم يكن هناك تصريح صحفي عقب اللقاء، وتم الاكتفاء بإشعار الصحفيين بوجود “ضيف سياسي أجنبي”.

 

وفي الوقت الذي تلقى فيه بارزاني رد الفرنسيين الصريح، بأن “لا مساعدات عسكرية إلّا عبر بوابة بغداد” كما صرح بذلك مصدر دبلوماسي عراقي رفيع، بدا رئيس الاقليم إيجابيا في حديثه عن حكومة العبادي التي وصف العلاقة معها بـ”الممتازة”.

 

حتى أن بارزاني الذي التقته “العالم الجديد” في مقر السفارة العراقية التي أقامت مأدبة عشاء على شرفه، وحضرها عدد من كبار الدبلوماسيين الفرنسيين والعرب، بدا قريبا من موقف بغداد إزاء التدخل العسكري البري الأجنبي، حين أكد بالقول “نحن لا نحتاج الى قوات عسكرية أجنبية على الارض، بل نحتاج الى الضربات الجوية والعتاد”.

 

بارزاني داخل السفارة العراقية في باريس أمس (العالم الجديد)
بارزاني داخل السفارة العراقية في باريس أمس (العالم الجديد)

 

لكن بارزاني الذي رافقه فؤاد حسين رئيس ديوان اقليم كردستان، عاد وكرر مقولته السابقة “الحدود ترسم بالدم، وليس عبر سايكس بيكو”، مستدركا إن “الفدرالية تعني تقاسم السلطة والمال”.

 

وعن الحرج الذي تشعر به الأوساط الدبلوماسية العراقية دائما بسبب زيارات بارزاني غير المعلنة، يشير المصدر الدبلوماسي الى أن “تلك الأوساط المحرجة دائما ما تبرر ذلك بوجود حالة استثنائية تمنح تسمح له بمقابلة الرؤساء خارج البروتوكولات الرسمية”.

 

وعلى الطرف الآخر من طاولة العشاء التي أعدها السفير العراقي في باريس فريد ياسين انضم ضيوف آخرون، ومنهم الأخضر الإبراهيمي الدبلوماسي العربي المعروف الذي عبر عن استغرابه في حديث لـ”العالم الجديد” من “فكرة تحريك حدود سايكس بيكو”، قائلا إن “الأمم المتحدة توافق في حال قررت شعوب المنطقة ذلك، وليس بقرارات سياسية”.

 

فيما انضمت الى الطاولة شخصيات سياسية فرنسية متقاعدة، لم يعد لها تأثير في القرار الفرنسي، باستثناء سفير فرنسا الحالي في العراق الذي صادف وجوده في باريس فانضم للدعوة.

 

أما برنار كوشنير وزير الخارجية الفرنسي السابق، فيقول من جانبه لـ”العالم الجديد” أمس، “لا توجد أشياء جديدة في سياسة فرنسا تجاه العراق، وأن المشاركة في الحرب ضد (داعش) يأتي ضمن الجهود الدولية لمكافحة الارهاب بشكل عام”.

 

 

سيف الخياط الى جانب كوشنير أمس (العام الجديد)
سيف الخياط الى جانب كوشنير أمس (العام الجديد)

 

ومن اللافت للانتباه ان لا يبدي دبلوماسي أممي معروف في الشرق الأوسط مثل غسان سلامة اهتماما بزيارة الزعيم الكردي مسعود البرزاني الى باريس، ويفضل التعبير عن فرحه برفع حظر التجوال في بغداد.

 

إذ يقول الدبلوماسي اللبناني المخضرم في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الزيارة عادية ولاتحمل شيئا جديدا”، مفضلا “الحديث عن التطورات الجديدة التي يشهدها العراق، خصوصا رفع حظر التجوال”.

 

ويضيف “أعرف تماماً معاناة سكان العاصمة منذ ان كنت مستشارا للامم المتحدة العام 2004 ضمن بعثة السفير سيرجيو دي ميلو، وأن هذه مناسبة لإعادة الحياة الطبيعية للمواطنين”.

 

 

إقرأ أيضا