اعربت باريس امس السبت، عن نفاذ صبرها من عدم التوصل الى اتفاق حول البرنامج النووي الايراني في وقت لا تزال تدور فيه المفاوضات الجارية في فيينا منذ 15 يوما حول ما وُصف بـ”المسائل الصعبة”.
وبعد لقاء مع نظيره الايراني محمد جواد ظريف، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس “كل شيء على الطاولة، حان وقت اتخاذ قرار”.
وفي المقابل اعرب الوفد الايراني الذي خرج مبتسما الى شرفة القصر حيث تجري المفاوضات عن وجهة نظر اخرى، اذ قال احد المسؤولين الايرانيين لوكالة فرانس برس “ليس لدينا اي مهلة زمنية للتوصل الى اتفاق جيد”.
وغداة تمديد جديد للمحادثات، عقد الطرفان الرئيسيان في المفاوضات وزير الخارجية الاميركي جون كيري وظريف اجتماعا ثانيا عند الظهر في قصر كوبورغ في فيينا بحضور وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني، وذلك بعد لقاء ثنائي صباحا.
وعلى الاثر، كتب كيري على موقع تويتر انه لا تزال هناك قضايا “صعبة تتطلب حلا”.
وبالاضافة الى كيري وظريف وفابيوس، شارك كل من وزير الخارجية الالماني فرانك والتر شتاينماير ونظيره البريطاني فيليب هاموند في اجتماعات السبت في فيينا.
ويغيب وزيرا الخارجية الصيني والروسي منذ عدة ايام عن المباحثات الجارية في فيينا، الا ان كيري اتصل هاتفيا بنظيره الروسي سيرغي لافروف خلال النهار لاطلاعه على سير الامور. ويشارك ممثلو الصين وروسيا في اجتماع مساء السبت لمجموعة 5+1.
والهدف من هذه الجهود هو اغلاق ملف يؤثر سلبا في العلاقات الدولية منذ اكثر من 12 عاما. وتسعى مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين والمانيا) التي تفاوض طهران منذ ايلول/سبتمبر العام 2013 الى التوصل الى اتفاق يضمن عدم حيازة طهران السلاح النووي، مقابل رفع العقوبات عن الجمهورية الاسلامية.
ويتهم الغربيون ايران بالعمل على برنامج نووي عسكري بغطاء مدني منذ العام 2003، وهو ما تنفيه طهران بشدة.
ومنذ 2006، فرض المجتمع الدولي عقوبات عدة على طهران، اثقلت كاهل اقتصاد البلاد التي تعد حوالى 77 مليون نسمة.
وبدأت جهود التوصل الى اتفاق حول البرنامج النووي الايراني في ايلول/سبتمبر العام 2013 مع وصول الرئيس المعتدل حسن روحاني الى الحكم في الجمهورية الاسلامية.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر من العام نفسه توصلت ايران ومفاوضوها الى اتفاق اطار جمدت ايران بموجبه جزءا من انشطة برنامجها النووي مقابل رفع محدود للعقوبات.
وبعد جولات عدة، تهدف مفاوضات فيينا الى وضع اللمسات الاخيرة على نص من مئات الصفحات قيد المناقشة. لكن المفاوضات التي كان يفترض ان تفضي الى اتفاق في المهلة التي حددت في 30 حزيران/يونيو، مددت مرات عدة.
ومساء الجمعة اعطى كيري بارقة امل متحدثا عن تسوية بعض “المسائل العالقة” خلال جلسات تمت في اجواء “بناءة جدا” خلال امس.
ومنذ ايام عدة، تطالب طهران بالتزام فوري برفع كل العقوبات التي تؤثر في اقتصادها وكذلك تلك التي تشمل تجارة الاسلحة وبرنامجها البالستي، واعلنت موسكو الجمعة تاييدها للمطالب الايرانية.
لكن الغربيين، ومع اقرارهم بان لكل بلد برنامجه العسكري التقليدي، فهم يعتبرون ان رفع الحظر عن الاسلحة سيكون صعبا امراره على الصعيد السياسي بالنظر الى الظروف الاقليمية وضلوع ايران في نزاعات عدة ابرزها سوريا والعراق.
وثمة ايضا خلاف على وتيرة رفع العقوبات وتفتيش المواقع العسكرية الايرانية ومدة الاتفاق.
والخميس، تصاعدت حدة النبرة مع اتهام كل جانب للآخر بعدم اتخاذ القرارات اللازمة.
اما السبت، فبدا المرشد الاعلى للثورة الايرانية آية الله علي خامنئي اكثر تشددا، اذا دعا خلال كلمة له امام طلاب في طهران الى الاستمرار في التصدي للولايات المتحدة التي اعتبر انها “افضل مثل على الغطرسة”.
وبالنسبة الى المحلل كيلسي دافنبورت، المتخصص في هذا الملف، فان “الوقت ليس للمزايدة والمواقف المتصلبة. هذه لحظة تاريخية، ويمكن ان تكون هناك عواقب وخيمة اذا فشل المفاوضون في اغتنام الفرصة لابرام اتفاق جيد”.
وحذر الخبير الذي يعمل في منظمة مراقبة الاسلحة في واشنطن من ان “ارجاء قرار ابرام اتفاق في هذه المرحلة، او الفشل في حل التفاصيل النهائية وترك طاولة المفاوضات، سيسمح للخصوم المتشددين الرافضين للاتفاق، لاسيما داخل الكونغرس الاميركي، بالتحرك لمنع وضع الصيغة النهائية لاي اتفاق”.
وهؤلاء يستعدون فعلا للمعركة. والجمعة، ذكر السناتور الجمهوري جون كورنين ان مجلس الشيوخ “اثبت في الماضي انه لا يقف مكتوف اليدين حين يوقع الرئيس اتفاقيات لها عواقب وخيمة على الامن القومي”.
وفي حال ابرام اتفاق، سيقدم النص الى المشرعين الاميركيين الذين يمكنهم عرقلته ولكن بغالبية الثلثين في الكونغرس.