ذكر وزير الخارجية الألماني فرانك-فالتر شتاينماير أن من مصلحة المجتمع الدولي تقديم مساعدات سخية لمخيمات اللجوء التابعة للأمم المتحدة في الشرق الأوسط، وذلك قبيل انعقاد مؤتمر للدول المانحة من أجل سوريا.
قبيل انعقاد مؤتمر المانحين من أجل سوريا في لندن الخميس المقبل، قال شتاينماير في تصريحات لصحيفة “راينيشه بوست”الألمانية الصادرة اليوم (الاثنين الأول من فبراير/ شباط 2016) “لا ينبغي أن يحدث مطلقا أن يتراجع مخزون المواد الغذائية في مخيمات اللجوء إلى النصف مثلما حدث العام الماضي ويتضور الناس جوعا ويتجمدون من البرد لأن الأموال نفدت من المساعدين”.
وأكد شتاينماير ضرورة التخطيط منذ البداية لتغطية الاحتياجات الضرورية للحياة، موضحا أن هذا ليس مطلبا أخلاقيا فحسب، وقال: “من مصلحتنا أيضا ألا يضطر اللاجئون إلى التوجه إلى أوروبا لأن الحياة في المناطق المقيمين فيها لم تعد ممكنة”. وبناء على دعوة من ألمانيا وبريطانيا والنرويج والأمم المتحدة، تستضيف لندن يوم الخميس المقبل أكثر من 70 مسؤولا حكوميا، من بينهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، لجمع المزيد من المساعدات للسوريين.
من جهة أخرى قالت وكالة الإعلام الروسية نقلا عن نائب وزير الخارجية غينادي غاتيلوف إنه سيبحث محادثات السلام السورية مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة ستافان دي ميستورا والوفد الأمريكي في جنيف اليوم الاثنين.
وأعلنت الأمم المتحدة في بيان مساء أمس الأحد أن دي ميستورا سيلتقي اليوم ممثلي نظام الرئيس السوري بشار الأسد الذين سبق أن استقبلهم الجمعة. وبعد ذلك سيلتقي للمرة الأولى بشكل رسمي بوفد المعارضة الممثل بالهيئة العليا للمفاوضات. ويريد دي ميستورا بدء حوار غير مباشر بين الجانبين في عملية قد تستمر ستة أشهر وهي مهلة حددتها الأمم المتحدة للتوصل إلى إقامة سلطة انتقالية تنظم انتخابات في منتصف 2017.
الى ذلك، قررت حكومة ولاية برلين بعد جدل طويل، تغيير قانون للسماح ببناء عدد أكبر من مآوي اللاجئين في مطار تمبلهوف بالمدينة. وبهذا القرار تنقلب الحكومة على نتائج استفتاء جرى في عام 2014 وقضى بتحويل المطار إلى حديقة عامة.
القرار الجديد سيجعل من المطار أكبر مخيم لاجئين في ألمانيا يقيم فيه حوالي 7000 لاجئ. لكن أحزاب المعارضة وناشطين حذروا من أن القرار سيحول مخيم اللاجئين إلى “غيتو” من شأنه أن يفاقم التوترات الاجتماعية.
ويقضي القانون ببناء خمس بنايات جديدة في أرض المطار، إضافة إلى بناء مراكز رياضية وروضة أطفال ومدرسة وغيرها من المرافق. ويقضي القانون بتفكيك جميع المباني في اليوم الأخير من عام 2019.
وتدافع الحكومة عن قرارها بالقول إنه ليس لها بديل عن البناء في مطار تمبلهوف لتجنب تشرد اللاجئين، وأن الملاجئ التي سيتم بناؤها هي مؤقتة. وخلال نقاش البرلمان للقانون الجديد، قال عضو البرلمان دانيل بوخهولتس: “لا نريد لأي شخص عايش الحرب والإرهاب أن ينام في الشارع”.
ويحكم ولاية برلين ائتلاف مكون من الحزبين المسيحي الديمقراطي والاشتراكي الديمقراطي يحظيان بأغلبية من عشرة مقاعد في البرلمان. وقال العضو ماركوس كلير من الحزب المسيحي واصفاً الخطة: “إنها بسيطة وسريعة، لكنها ليست حلاً جيداً”، ليصوت ضد القانون في الاقتراع.
وقد وصفت زعيمة حزب الخضر في برلين أنتيه كابك خطة بناء “قرية لاجئين” بأنها “إستراتيجية اليأس”. وأضافت “حتى الآن لا يوجد دراسة جدوى لإيواء 7000 إنسان، والتصرف بسرعة لا يؤدي سوى إلى التصرف بشكل سيء”. وذهب عضو حزب اليسار كلاوس ليدرر في نقده أبعد من ذلك ووصف الخطة بأنها “كارثة تامة لسياسة الاندماج”.
وتخشى المعارضة من أن الحكومة تنوي تشييد أبنية على أرض المطار وهي تستخدم تدفق اللاجئين كذريعة لتنفيذ خططها من “الباب الخلفي”. لذا قالت زعيمة الخضر كابك، إنه لم يكن هناك حاجة لتغيير القانون إذا كانت المباني مؤقتة.
أما فيلكس هيرتسوغ، وهو أحد المدافعين عن مبادرة تحويل مطار تمبلهوف إلى حديقة عامة، فتنتابه مشاعر مختلطة حول الخطة الجديدة. فعلى الرغم من أنه يقر بأن الحكومة بحاجة ماسة لمأوى للاجئين في حالات الطوارئ، إلا أنه يرى في الخطة بأنها “حل مؤقت سيء”. ويقول في حديثه مع دويتشه فيله “واضح أن الحكومة ليس لديها مفهوم محدد حول ما يجب القيام به”. ويضيف “لا يمكن القول إن هذا كان حلاً وسطاً، لكن علينا أن نأوي هؤلاء الناس، وللأسف لا توجد بدائل واضحة حالياً”. لذا يرى أن البناء في “حقل تمبلهوف هو الحل الأسهل”.#bbig#
وكان هناك مبادرات بديلة تقدم بها مواطنون وجمعيات – بدعم من مكاتب مهندسين معماريين – للتعامل مع تدفق اللاجئين على برلين، بما فيها خطط لاستعمال مطار تمبلهوف دون المساس بنتائج استفتاء 2014. وقد بادر ناشطون إلى إطلاق موقع إلكتروني يمكن للمواطنين الإعلان فيه عن توفر سكن في بيوتهم لإسكان اللاجئين مؤقتاً.
رغم الإعلان عن أن الأبنية ستقام في المطار لمدة أربع سنوات فقط، يساور البعض القلق بأنها قد تبقى. ونظريا، فإن مآوي الطوارئ للاجئين الحالية في المطار مصممة لكي يقيم فيها اللاجئون لمدة أسبوعين فقط، إلا أن عددا كبيرا من اللاجئين يقيمون فيها منذ شهور.
“نعم، إنها حظيرة حيوانات دافئة”، قال لاجئ من دمشق للدويتشه فيله وأضاف: “هذا المكان جيد للحيوانات، كنا نظن، ولكن إذا كنا نتحدث عن البشر، فإن الأمر مختلف بالتأكيد”. ويعيش هذا السوري وزوجته مع عشرة آخرين في خيمة تفصل بينهم سواتر من القماش في قاعة كبيرة. ولا يتوفر لديهم فرصة للطبخ، والمراحيض الوحيدة هي بلاستيكية و”رائحتها سيئة”، وعلى اللاجئين ركوب حافلة للوصول إلى الحمام إذا أرادوا الاستحمام. “نحن خائفون من أنهم يخططون لإبقائنا هنا”، يقول السوري الذي رفض الإفصاح عن اسمه. ويضيف: “على الألمان أن يعرفوا أن السوريين يرغبون في العمل ولم يأتوا إلى هنا من أجل الطعام، نحن هنا لبناء هذا البلد معا لأن بلدنا هي بلد الحضارة”. ويختم كلامه قائلا: “نحن نعرف ما هي الحضارة، لذلك نريد الخروج من هنا والعودة للحياة. دعونا نبدأ رحلة النجاح – ولا تعتقدوا أن معامل معاملتنا مثل الحيوانات ستكون أفضل للبشرية”.
المصدر : DW عربية