صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

بشهادات المسؤولين: كيف أفسد المقاول عصام الأسدي مشروع ماء الرصافة

وقف المقاول الخمسيني، محاطا بأرباب وسائل الاعلام المحلي وأصحاب الفضائيات ووكالات الأنباء، وهم يستقبلون زائري…

وقف المقاول الخمسيني، محاطا بأرباب وسائل الاعلام المحلي وأصحاب الفضائيات ووكالات الأنباء، وهم يستقبلون زائري أكبر مشروع “متلكئ” للماء في العاصمة بغداد، من أعضاء لجنة الخدمات النيابية.

 

 

عصام الأسدي، المستثمر الذي تحول من مالك أسهم محدودة في شركة “بيبسي بغداد” العام 2000 الى أكبر تاجر في العراق إبان حكومة نوري المالكي التي فتحت له قاصات ميزانياتها الانفجارية، وانتقى منها ما شاء من مقاولات عملاقة، فعادت عليه بثروة طائلة لن يتكهن أحد بحجمها، بفضل علاقته اللا محدودة بمستشار رئيس الوزراء السابق “أبو مجاهد”، ومن ثم بصابر العيساوي أمين بغداد الأسبق.

 

 

لم تكن زيارة أعضاء لجنة الخدمات النيابية الأخيرة في نيسان ابريل الماضي، الى مشروع ماء الرصافة هي الوحيدة في هذا السياق، بل سبقتها زيارات متكررة الأعوام السابقة، امتدت الى دورات برلمانية سابقة، لكن جميع تلك الزيارات مرت بصمت ودون ضوضاء على الرغم من التلكؤ الواضح لواحد من أكبر مشاريع العاصمة في العقود الأخيرة، لأسباب لم تتأكد “العالم الجديد” منها بعد، وتتعلق برشى وهبات تورط فيها نواب ومسؤولون سابقون وحاليون.

 

 

ويعتبر مشروع ماء الرصافة من المشاريع الاستراتيجية التي تشرف عليها أمانة بغداد، وتمت إحالة المشروع الى شركتي دكرمونت الفرنسية والمبروك للمقاولات.

 

 

إلا أن تلك الحصانة التي تمتع بها الأسدي طيلة أعوام، ودعّمها بعلاقات طيبة مع سياسيي الكتل المختلفة، والفضائيات والوكالات المتنوعة، بدأت تتصدع، بفضل ارتفاع أكثر من صوت مسؤول كشف عن مثالب ذلك المشروع الذي أرهق ميزانية الدولة، وأظهر مخالفاته الخطيرة، التي تمثلت بمنشأ المعدات الصينية المستخدمة في المشروع، بدل أن تكون فرنسية، كما كان متفقا عليه في العقد المبرم مع أمانة بغداد.

 

 

وحين تم الاستفسار من المقاول الأسدي رئيس الشركة المنفذة، عن الموضوع من قبل أحد النواب الزائرين، حاول تمييع القضية والتقليل من شأنها بالقول “صحيح أن المنشأ صيني، لكن التجميع فرنسي”، وهي قضية مضحكة ومستبعدة جدا.

 

 

المخالفة الأخرى، تمثلت بأن المنفذ للمشروع شركتان عراقيتان (وهما شركتا العصام والمبروك المملوكتان للأسدي)، ولم تكن فرنسية، كما كان ينص العقد.

 

 

استخدمت الشركة المتلكئة معدات صينية بدل الفرنسية خلافا للعقد (العالم الجديد)
استخدمت الشركة المتلكئة معدات صينية بدل الفرنسية خلافا للعقد (العالم الجديد)

 

وعلى الرغم من مرور ما يقرب من شهرين على زيارة لجنة الخدمات النيابية للمشروع، واطلاعها على سير العمل فيه، وتسجيل المؤاخذات التي يعد من أبرزها التلكؤ والتسويف، ومطالبتها من الشركة المنفذة تقديم تقرير بهذا الشأن للجنة النيابية خلال مهلة أسبوع فقط، فان شركة الأسدي لم تقدم أي تقرير يذكر، كما أن اللجنة ذاتها لم تتسلم تقرير أمانة بغداد بهذا الخصوص أيضا، والذي من المفترض أن يقدم عقب استضافة أمينة بغداد ذكرى علوش في بداية ايار مايو، بأيام.

 

 

اللافت في زيارة لجنة الخدمات النيابية، التي رصدت “العالم الجديد” بعض تفاصيلها عبر مصدر مطلع، هو أن عددا من أعضاء اللجنة أبدوا تساهلا واضحا مع الأسدي أثناء الزيارة، حتى أن أحدهم (تتحفظ “العالم الجديد” على ذكر اسمه)، لم يكن مهتما بأي جزئية من المشروع، بل أنه سأل سؤالا وحيدا وهو “هل هناك مأدبة في نهاية الجولة؟”، فيما لم يظهر آخرون اهتماما يذكر، بل تجولوا وخرجوا، ولم يتذكروا حتى اسم الشركة المنفذة.

 

 

وفي هذا الصدد، عدّ نائب محافظ بغداد، جاسم البخاتي، مشروع ماء الرصافة من المشاريع المتلكئة.

 

 

وقال البخاتي في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مدير ماء بغداد وعدنا في اللقاء الأخير أن يتم دخول المشروع الى الخدمة بتاريخ 15 حزيران (يونيو) الحالي، الا أنه ولغاية الان لم يدخل العمل”، مشيرا الى أن “انعدام الماء في عدد من مناطق بغداد وضواحيها، إضافة الى توقف ضخ الماء في مناطق اخر مثل المعامل”.

 

 

ويقضي إنشاء هذا المشروع على شحة المياه في مدينة الصدر وبغداد الجديدة والغدير وغيرها من المناطق المهملة والمتضررة ويوفر (2,275) مليون متر مكعب يوميا، من المياه الصالحة للشرب، فيما سيضخ الفائض الى الاقضية المجاورة.

 

 

11255162_820680711318834_1643914425_n

 

وأضاف البخاتي أن “مناطق الفضيلية والكمالية والحميدية لم يصل لها ماء صافٍ بالمستوى المطلوب”، مبينا “اليوم، استجدت لدينا ظاهرة شحة المياه واتجهنا الى استعمال الحوضيات لغرض المعالجة، ولكنها لا تفي بالغرض”.

 

 

وفي هذا الاطار، كشفت عضو بلجنة الخدمات والاعمار النيابية، عن وجود فساد مالي واداري كبير في مشروع ماء الرصافة العملاق، فيما طالبت بمحاسبة مسؤول الشركة المنفذة، وبقية الجهات الحكومية المعنية بالمشروع.

 

 

وقالت أميرة عبدالكريم زنكنة في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “لجنة الخدمات والاعمار وأثناء زيارتها الميدانية لمشروع ماء الرصافة الكبير الذي تأخر كثيرا عن موعد استكماله، وجدت تلكؤا وتقصيرا من قبل الشركة المنفذة، وهذا ما يدل على وجود شبهات فساد إداري ومالي كبير في المشروع”.

 

 

وذكرت زنكنة ان “هناك أموالا طائلة مخصصة لها منذ فترة طويلة”، عازية تلكؤ المشروع الى “سوء الإدارة واختيار شركة غير رصينة”.

 

 

ونوهت النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، الى أن “اجوبة رئيس الشركة المنفذة المدعو عصام الاسدي لتساؤلات الأعضاء خلال الزيارة لم تكن مقنعة”.

 

 

ويعتبر الحاج عصام الأسدي المقاول الاساسي لمشروع يستعمل شركة دكرمونت الفرنسية والمبروك كواجهتين، أولاهما تصميمية، والأخرى تنفيذية، ويملك اسطولا من الشركات حديثة التسجيل، وهو أيضا رئيس مجلس ادارة بيبسي بغداد.

 

 

واستبعدت زنكنة ان “يكتمل اعمال المشروع نهاية العام الحالي ما يسبب في استمرار شح المياه الصالحة للشرب في جانب الرصافة”.

 

 

 

عملية إحالة المشروع جاءت للشركات المنافسة، وتم رفع التوصية من امين العاصمة الاسبق صابر العيساوي، بكلفة (1136) مليار دينار عراقي وبمدة انجاز لا تتجاوز 28 شهرا، والكلفة هي تقريبا مليار دولار.

 

 

وقامت قبلها امانة بغداد باستبعاد شركات عالمية من عملية منح العطاءات بحجة الوضع الامني، وتم توقيع العقد بتاريخ 7/12/2008.

 

 

11261099_820680721318833_1554608657_n

 

وكانت لجنة الخدمات والاعمار النيابية, قد استضافت أمين بغداد ذكرى علوش لمناقشة اسباب التلكؤ في مشروع ماء الرصافة الكبير. اجابت امينة بغداد على استفسارات لجنة الخدمات النيابية، بان الامانة شكلت لجان اسراع العمل و فرض الغرامات التأخيرية على الجهات المنفذة واجراءات سحب العمل من الشركات التي لاتنفذ العمل حسب الضوابط وبالمدة المقررة بالاضافة الى حقوق الامانة التي تم تأمينها بالكامل من خلال الخطابات البنكية”، مؤكدة على ان “الامانة عازمة على انجاز مشروع ماء الرصافة الكبير الذي تعطل منذ اعوام الذي بلغت نسبة انجازه وصلت الى 96 بالمائة حتى الان”.

 

 

وبدوره، قال رئيس لجنة الخدمات والاعمار ناظم الساعدي في اتصال هاتفي مع “العالم الجديد”، ان “هذا المشروع متلكئ، وينطوي على مشاكل، كونه يشغل مساحة كبيرة جدا، وجرى نزاع بين الشركة ومواطنين حول الارض، فضلا عن تأثير الظروف الامنية حتى مضي الى هذه الفترة”.

 

 

وأشار الى أن “المشروع وصل به الانجاز الى 96 بالمائة والشركة المنفذة تعهدت نهاية العام الحالي اكمال المشروع”، لافتا الى أن “أعضاء لجنة الخدمات ارتأوا أن يقوموا بزيارة ميدانيا للمشروع، هل فعلا نسبة الانجاز 96 في المائة، لاسيما أن مناطق الرصافة تعاني من شحة الماء”.

 

 

وأوضح “خلال الزيارة تبين أن منشأ المواد لاسيما المضخات المائية والعمل متكامل وبين مسؤول الشركة أن 98 في المائة نسبة انجاز المشروع”.

 

 

وبين الساعدي ان “المشروع متلكئ، ولسنا مسؤولين عن الفترات السابقة، نحن اليوم مسؤولون عن هذا المشروع، وطلبنا من الامانة ان تزودنا بكافة اوليات المشروع لبيان أسباب التلكؤ”.

 

11304441_820680717985500_475937030_n

 

 

 

إقرأ أيضا