صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

تراثيات 2: العنبري صديق الإنسان

 

القطب الصوفي عامر العنبري (النباتي المقاطع للحكام، المدافع عن غير المسلمين، والمتخلي عن عطائه “راتبه” للفقراء:

 

تلبية لطلب عدد من الأصدقاء الأعزاء، و استمرارا لمشروعي السابق عن الإمام الفذ أبي حنيفة النعمان، سأنشر تباعا سلسلة من التعريفات المقتضبة بعدد من الأعلام المهمين في التراث العربي الإسلامي ممن يدخلون في باب “التصوف القطباني” وهذا المصطلح هو من مبتكرات معلمي الرحل هادي العلوي ويقصد بة التصوف كما أسس لة سلوكا وقولا أقطاب التصوف بفرعية “الاجتماعي النضالي” و”العرفاني الفلسفي”، وستكون وقفتنا اليوم مع القطب عامر العنبري:
هو عامر بن عبد قيس أبو عبد الله ويقال أبو عمرو التميمي العنبري البصري،  تابعي بصري عاش واشتهر في عهد الخلفاء الراشدين/ خلافة عثمان بن عفان، و قيل إنه توفي منفيا في بلاد الشام في زمن معاوية، ويعتبر من مؤسسي الإرهاصات الأولى للتصوف القبطاني.

 

قاطع الحكام وامتنع عن الخدمة الحكومية والتعامل مع الحكام.

 

كان يوزع عطاءه “راتبه كمقاتل في جيوش الفتح” على الفقراء، ولا يبقي منه إلا ما يسد الرمق.

 

كان نباتياً لا يأكل اللحم.

 

اختار العزوبة فلم يتزوج.

 

لا يحضر صلاة الجمعة/ برر ذلك بأنه يحضرها ولكن في الصفوف الخلفية.

 

قيل بأنة فضَّل نفسه على آل عمران “الأنبياء”، ولكنه نفى التهمة وهادي العلوي يرجح عدم صحة التهمة، لأنه (متواضع ولم يكن يحب التباهي على طريقة الشعراء).

 

عرف بدفاعه عن غير المسلمين “أهل الذمة بالمصطلح التراثي”/ رواية: شاهد مرة عونا من اعوان حاكم البصرة يظلم ذميا فتدخل وخلصة منة وقام خطيبا في الناس نهى فيها من اضطهاد الذميين لأنة من اعمال المنكر. وختم بالقول (لن تنقض ذمة محمد وانا حي) في إشارة الى الحديث النبوي (احفظوني في ذمتي.. ومن آذى ذميا فقد آذاني ومن آذاني كنت خصمة يوم القيامة).

 

استجوبه أحد الولاة ودار بينهما هذا الحوار:

 

الوالي: ألا تغشانا؟ (ألا تزورنا؟)

 

عامر: إن سعد ابن أبي العرجاء يحب الرفعة “الوجاهه”!

 

الوالي: ألا نستعملك؟ (نوظفك عندنا؟)

 

عامر: حصين بن أبي عامر يحب العمل “الوظيفه”!

 

الوالي: ألا نزوجك؟

 

عامر: ربيعة بن عِسل تعجبه النساء!

 

الوالي: إن هذا الرجل يزعم أنك لا ترى لآل إبراهيم عليك فضلا!

 

عامر (يفتح المصحف ويقرأ الآية التاليه): إن الله اصطفى آدم و نوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين.

 

يمكن أن نستنبط – والكلام هنا لي وليس لأستاذي العلوي – من رد عامر الأخير نفيا لتهمة تفضيل نفسة على آل إبراهيم ويمكن ان نستنبط منها تأكيدا بالاعتماد على تقديم القرآن لآدم على الآخرين وبما أن عامر من بني آدم فهو مقدم عليهم بموجب الآية !

 

ختاما: يبدو ان اضطهاد أعوان الحاكم وحمايات المسؤولين والنواب اللصوص صار شاملا في عصرنا فهؤلاء لم يعودوا يميزون بين المسلم وغير المسلم فهم يضطهدون الجميع ويطلقون النار عليهم دون تمييز تطبيقا للنسخة الطائفية من ديموقراطيتهم الأميركيه، وهم لا يملون ولا يشبعون من الاستعمال و”العطاءات/ الرواتب الفضائية والبرية” ومن اللحم – بكافة أنواعة حياً وميتا – فسلام على روحك وذكراك، شيخنا النبيل عامر العنبري، كم نحن بحاجة لأمثالك!

 

إقرأ أيضا