هو أبو خالد يزيد بن الوليد بن عبد الملك، الخليفة الأموي المرواني الثاني عشر. استطاع القدرية ” المعتزلة الأوائل” التأثير عليه وكسبه الى مذهبهم. وسمي بالناقص لأنه أنقص عطاء العسكريين قليلا.
ثار على ابن عمه الخليفة الوليد بن يزيد بن عبد الملك، الشاب النزق الماجن والطاغية المقيم آنذاك في الأردن، فأرسل له جيشا حاصره وقتله. وبويع بالخلافة في دمشق بدعم من القدرية.
خطاب يزيد في يوم استخلافه مهم جدا وهو يتضمن برنامجه وهو “برنامج القدريين”، ولأنه طويل سألخصه بالنقاط التالية :
يبدأ يزيد خطابه بالعبارة الشهيرة التي بدأ بها الحسين بن علي “ع” خطابه قبل توجهه إلى العراق في حضرة أخيه محمد بن الحنفية، والتي تقول (إني والله ما خرجت أشرا ولا بطرا…)، ويضيف يزيد (ولا حرصا على الدنيا ولا رغبة في الملك وما بي إطراء نفسي، إني لظلوم لنفسي إن لم يرحمني ربي. ولكني خرجت غضبا لله ورسوله ودينه، داعيا إلى الله وكتابه وسنة نبيه لما هدمت معالم الهدى وأطفئ نور أهل التقوى وظهر الجبار العنيد المستحل لكل حرمة والراكب لكل بدعة مع انه والله ما كان يصدق بالكتاب ولا يؤمن بيوم الحساب). نلاحظ انه اكتفى بقوله (داعيا إلى الله وكتابه وسنة نبيه)، وتجاوز صيغة (وسنة خلفائه)، وصيغة يزيد قريبة من تلك التي اعتمدها الإمام الثائر زيد بن علي السجاد.
تعهد يزيد بن الوليد بأنه لن يبني لنفسه أو لآل بيته قصورا، ولا يتخذ لهم مزارع ويكري لها أنهارا.
تعهد بأنه لن ينقل أموال الخراج وغيره من أي بلد إلى العاصمة دمشق كما كان يفعل أسلافه بل ينفقه على المحتاجين اليه من اهل البلد نفسه فإذا زاد منه شيء صرف على البلد القريب منها حتى الوصول إلى دمشق.
تعهد بأنه (لا يجمر المسلمين في الثغور)، أي لا يطيل مدة تجنيد الجنود والمقاتلين في جبهات الفتوحات وكانت هذه مشكلة كبيرة عانى منها المجتمع العرب الإسلامي آنذاك.
لا يجور ويظلم أهل الجزية في الجباية والضرائب.
ميز بين الأعطيات (رواتب نقدية) والأرزاق( تعينات من الأطعمة والتموينات ) كما كانت الحال في مؤسسة “دار الرزق ” التي كانت تقدم الطعام مجانا للمحتاجين في عهد الراشدين.
تعهد بألا يتخذ له حاجبا يمنع الناس من الوصول إليه والتظلم عنده شخصيا.
تعهد بعدم احتكار السلطة والحكم ودعا الرعية إلى أن يخلعوه من الحكم إذا انحرف عن برنامجه هذا إلا إذا تاب واعترف بأخطائه.
إعلانه استعداده للتنازل عن الحكم ومبايعة من هو أفضل منه ممن يرتضيه المسلمون بديلا له (فإن أردتم بيعتي على الذي بذلت – أعلنت وتعهدت – لكم، فأنا لكم، وإن مِلْت، فلا بيعة لي عليكم، وإن رأيتم أقوى مني عليها، فأردتم بيعته، فأنا أول من يبايع، ويدخل في طاعته…) وهذه ضربة جذرية لمبدأ الحكم الوراثي الأموي ومن بعده العباسي فالفاطمي …الخ.
عمليا كان أول إجراء له هو إعادة اهل جزيرة قبرص الذين هجرهم أبوه، الخليفة الماجن، الوليد بن عبد الملك ونفاهم الى بلاد الشام، واعتبر ذلك ظلما وعدوانا.
مات يزيد بن الوليد ميتة غامضة يرجح أغلب المؤرخين انه اغتيل بالسم من قبل أسرته الأموية والتي كان يتزعمها داهية متحمس هو مروان الحمار الذي سيكون آخر خليفة لبني أمية قبل أن يسقطهم العباسيون المتحالفون مع خرسان.
وبعد وفاة يزيد زحف مروان نحو دمشق واستولى عليها من ابراهيم شقيق يزيد الناقص وهو قدري أيضا كأخيه ولكنه كان ضعيفا لم يقو على مجابهة مروان .
المصادر: شخصيات غير قلقة في الإسلام/ ص 118 وما بعدها / هادي العلوي/ دار الكنوز الأدبية – بيروت. ومصادر تراثية أخرى.