تزامنا مع التشنج الملحوظ الذي أرسى بظلاله على العلاقات الأوروبية – الروسية، وخصوصا في البلدان التي تشترك مع روسيا حدوديا، فقد انشغلت، منذ قرابة أسبوع، وسائل الإعلام السويدية والروسية، وكذلك وسائل إعلام معظم بلدان بحر البلطيق، بقصة الغواصة الروسية التي يعتقد أنها تعطلت في أعماق “خليج انغارو” قرب العاصمة السويدية ستوكهولم.
ونظرا لحساسية الموقف تبادل البلدان سلسلة من التصريحات القوية، فالسويد حذرت، وروسيا نفت ولكنها سخرت من التصريحات السويدية في ذات الوقت.
بداية القصة تعود إلى التقاط أجهزة المراقبة السويدية رسالة استغاثة باللغة الروسية صادرة من جسم مجهول في المياه الإقليمية السويدية، وقد تزامن ذلك مع التقاط أحد المواطنين صورة لجسم غريب يشبه الغواصة يطفو جزء منه إلى السطح، ما زاد الطين بلة، هو وجود ناقلة نفط روسية أبحرت بالقرب من المياه الاقليمية السويدية وأثارت الشكوك بأنها يمكن أن تكون قد قدمت العون للغواصة المعطلة.
تلك المعطيات المثيرة للجدل أدخلت المملكة السويدية في حالة استنفار قصوى، حيث قامت الدولة بحملة كبرى للبحث عن ذلك الجسم الغريب الذي قيل إنه شوهد على مقربة من ستوكهولم.
وشاركت في عمليات البحث عشرات القطعات العسكرية التابعة للبحرية السويدية، ومن أهمها سفينة فيسبي “HMS Visby K3” المجهزة بإمكانية اكتشاف الغواصات، إضافة إلى سلاح الجو، مع إجراءات احترازية خاصة جدا تتعلق بالمجال الجوي لرحلات الطيران المدنية فوق نطاق تلك المنطقة، حيث ألزمت الرحلات المدنية بالطيران على ارتفاع معين إلى اشعار آخر، كما طلب من الزوارق الخاصة الابتعاد بمسافة 10 كيلومترات عن منطقة البحث المفترضة، غير أن جميع تلك الجهود لم تسفر عن نتيجة ملموسة.
وتأتي تلك الحادثة في سياق سلسلة من الاستفزازات الروسية على خلفية ما حدث في الملف الأوكراني، وأيضا بعض ممارسات السويد وبلدان المنطقة المستفزة للجانب الروسي، كما ارتفعت في السنوات الأخيرة حمّى المناورات بين مختلف الاطراف.
ففي حزيران الماضي جرت مناورات عسكرية لحلف الناتو في ليتوانيا إحدى جمهوريات البلطيق تزامنت مع الذكرى الخامسة والستين لتأسيس ذلك الحلف، بمشاركة السويد وفنلندا أيضا، على الرغم من أن البلدين ليسا عضوين في الناتو. وقد شارك في المناورات حوالي 4700 جندي و800 آلية. ومع أن تلك المناورات لم تكن الأولى للحلف في بحر البلطيق، إلا أنها جاءت بعد ايقاف التعاون بين الحلف وروسيا الاتحادية.
وردت روسيا في ذات التوقيت، ومن إحدى مقاطعاتها المطلة على البلطيق، بمناورات عسكرية كبيرة بذات العدد والعدة. على ذات الصعيد قررت المملكة السويدية وفنلندا قبل مدة قصيرة رفع سقف التعاون مع الناتو الذي له ارتباطات سابقة مع الدولتين في إطار اتفاقية “شركاء من أجل السلام” منذ العام 1994، حيث قررت الدولتان في نهاية آب الماضي توثيق ذلك التعاون بالسماح لقوات من الناتو بتنظيم مناورات ونشر قوات تدخل سريع عند الضرورة بموافقة الدولتين.