صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

تمهيد لدراسة فلسفة الدين.. للمفكر عبد الجبار الرفاعي

فلسفة الدين هي التفكير الفلسفي في كل ما يتصل بالدين؛ شرحاً وتفسيراً وبياناً وتحليلاً، من دون أن تتكفل التسويغ أو التبرير أو الدفاع أو التبشير، وإلى هذا؛ فإن فلسفة الدين تتناول أسئلة تتعلق بإمكان معرفة الله تعالى، ومعرفة صفاته، وكيفية تحديد العلاقة بين الله عزّ وجلّ والعالم، وكيفية فهم طبيعة الله تعالى، والعلاقة بين وجوده وماهيته.

 

كذلك تتناول فلسفة الدين أسئلة تتعلق بطبيعة الدين نفسه، وطبيعة اللغة الدينية، بالإضافة إلى أسئلة تتعلق بمعنى العبادة الدينية، ودور الإيمان فيها، وعلاقة الأخير بالعقل.. ولا علاقة لفلسفة الدين بإيمان فيلسوف الدين والباحث والدارس في هذا الحقل أو عدم إيمانه، كما هو حال المتكلم واللاهوتي في اللاهوت وعلم الكلام. ذلك أن الباحث في فلسفة الدين يفترض أن يكون محايداً، يتحرى الموضوعية، وما يقود إليه العقل والأدلة في بحثه، فهو لا يعنيه تكريس المعتقدات الدينية، مثلما لا يعنيه نفيها، ولا يتوقف تفكيره عند حدود أو سقف معين لا يتخطاه في بحثه، كما يفعل اللاهوتي والمتكلم، الذي ينطلق من مسلمات إعتقادية، ولا يكف عن التدليل عليها، من خلال الأدلة النقلية والعقلية.

 

وإلى هذا، فإن المكتبة العربية تفتقر إلى كتابات جادة في فلسفة الدين، ما عدا مؤلفات قليلة جداً، وبعض الترجمات، ولعل كتاب محمد إقبال “تجديد التفكير الدين في الإسلام” هو أول دراسة جادة في فلسفة الدين، يؤلفها مسلم في العقد الثالث من القرن العشرين. ضمن هذه المقاربات تأتى مجموعة الأبحاث التي ضمها هذا الكتاب “تمهيد لدراسة فلسفة الدين” والتي جاءت بمثابة مدخل وتمهيد للمضي في وضع مؤلفات عربية حديثة في هذا الموضوع، أي في فلسفة الدين، وقد شمل هذا المجلد بعض الترجمات لفلاسفة غربيين كتبوا في فلسفة الدين من مثل بين الإيمان والفلسفة (سبينوزا) بالإضافة إلى أبحاث دارت حول عدد من الموضوعات في ذاك الإطار من مثل الفلسفة الدينية أو الدين الفلسفي (د. فضل الرحمن)، “العقل والإيمان: دراسة مقارنة بين ابن عربي وكيركگورد (د. محسن جوادي)، فلسفة الدين من منظور الفكر الإسلامي حوار مع د. أبو يعرب المرزوقي… إلخ. وقد تميزت هذه الأبحاث بالموضوعية وبالرصانة العلية مما يزيد من أهمية هذا الكتاب، ليكون تمهيداً لمؤلفات تبحث في فلسفة الدين بفكر منفتح.

إقرأ أيضا