بعيدا عن الجيوش العسكرية والأمنية والمليشياوية التي تستعد لاقتحام مدينة الموصل، وبينها مجموعات تابعة لدول اقليمية، ومجموعات مناوئة لدول اقليمية، فضلا عن المجموعات الحزبية والعشائرية والقومية والمذهبية العراقية.. بعيدا عن كل هؤلاء، فإن الموصل تستعد لاستقبال جيوش أخرى:
جيوش المنظمات المدنية الوهمية التي تكثف استعداداتها منذ اشهر لاقتحام المدينة، عبر الاعلان عن نفسها كراعية للاعمال الاغاثية والخيرية، وحرصها على تأسيس شبكات واطلاق واجهات وائتلافات مدنية، هدف معظمها الفوز بالجزء الأكبر من التخصيصات المحلية والدولية المرصودة للجهد المدني في بناء السلم والتعايش، وعبر مشاريع مدينة وهمية تقودها ما يمكن وصفه بـ”المافيات المدنية”.
جيوش الاعلاميين، بينهم صحفيون محليون وآخرون دوليون، يستعدون لدخول الموصل فاتحين، بعضهم يفكر في تأسيس صحف، والبعض في تخصيص مساحات مميزة من صحفهم ومواقعهم وقنواتهم لتغطية (انتصارات ونكسات وفواجع وكوارث الموصل المحتملة).. كثيرون منهم يتأهبون في فنادق اربيل ومعهم فرق من المترجمين، طامحين بأخبار دسمة بزوائد سياسية، يجنون من خلالها أموالا سهلة وتفتح باب صفقات مالية سياسية مغرية، مبينة على ركام موجات من الأخبار والتقارير المشوهة والملفقة.
جيوش السياسيين المتحزبين، الباحثين عن مغانم ومواضع للبروز والتسلق في ميادين ما بعد “التحرير والتظهير”.. جيوش تبحث عن فرصتها التاريخية للصعود الى منصات القرار تحت يافطات وشعارات كبرى يؤطرها الزيف، تمكنها من استغلال كل ما يمكن استغلاله واستثمار كل ما يمكن استثماره وبيع كل ما يباع، على امل الفوز بمال وجاه عظيمين.
لا اعرف ان كان أهالي الموصل وكعادتهم منذ عقود، سيلتزمون بيوتهم مجددا، ويفضلون الصمت والانزواء، على مواجهة جيوش الفاسدين القادمين الجدد .. لا اعرف ان كانوا قد استفادوا من تجارب الأمس، حين قبلوا بالأعراب ان يقودوا مدينتهم في كل صغيرة وكبيرة ويعيثوا فيها خرابا.
لا اعرف ان كان الموصليون قد استوعبو الدرس.. حين قبلوا بان يبدل البعثيون خلال ساعات ملابسهم ويرتدوا “ملابس الجهاديين” تحت “حمى الطائفية”، وحين قبلوا بان يتغلغل فيها تنظيم القاعدة وان ينظم اليه مفسدو الأرض وتجار الدم مقصرين دشاديشهم ومطيلين لحاهم، وحين قبلوا أخيرا بداعش حاكما وسمحوا للمنافقين ونهازي الفرص بأن يبدلوا ملابسهم مجددا الى اللباس الافغاني.
لا اعرف هل سيكرر رجال الدين، خطبهم النارية وفتاويهم التكفيرية، ويكثفوا صولاتهم ضد “الحشد الشيعي” و”الجيش الكردي والعراقي” ويتناسون كعادتهم جيوش الفاسدين الكبار من ابناء جلدتهم والذين حولوا أجمل وأنظف واكثر مدن العراق تطورا خلال سنوات الى خراب يباب…. لا اعرف هل سيسكت الموصليون مجددا ويلتزمون بيوتهم ممهدين الدروب لجيوش الفاسدين الجدد!!.