تراكمت الوثائق على مكتبي، وتنوعت الملفات المرسلة لي، وتعددت الشكاوى التي يستوقفني اصحابها للحديث عن معاناتهم الخاصة او معاناة زملائهم، ففي كل مرة اذهب فيها الى شبكة الاعلام العراقي يستوقفني الاصدقاء للحديث معي عن شبهة فساد اداري او اخلاقي، او مشكلة خاصة، او وضع مريب تقف خلفه حالة انتفاع من وجوه كالحة لا هم لها الا الحصول على اكبر قدر ممكن من المنافع المحرمة والمكاسب غير الشرعية وغير القانونية وغير الاخلاقية، كنت ضيفا دائما في قناة العراقية واذاعات الشبكة الاخرى، وكان لدي اتفاق دائم بأن اكون ضيفا ثابتا في اذاعة الفرقان، ولم تنقطع لقاءاتي في الشبكة حتى ان اذاعة جمهورية العراق وقناة العراقية تدينان لي بمكافأت مالية لحد هذه اللحظة ولم اسأل عن هذه المكافأت بعد ان بدأت الحملة على شبكة الاعلام والمشبوهين فيها، لم استطع السكوت وقد تراكمت الوثائق عن شبهات الفساد في مفاصل مختلفة من شبكة الاعلام العراقي، ولا يحق لي ان اغض النظر وقد استنجد بي مجموعة من الاصدقاء شاكين الفساد الاداري والاخلاقي لرئيس الشبكة وبعض المتنفذين، فنظرت في الوثائق والملفات فوجدت الشبهات تحيط بالشبكة ورئيسها من كل جانب، صفقة المطبعة، وملف الدراما، والبث الرقمي، والتعيينات خارج الضوابط، والاجور خلافا للمدونة التجارية، وشبهات المركز الخبري، ناهيك عن صفقات الاعلانات، وصولا الى الشبهات الاخلاقية التي اصبحت لا تطاق وبسببها كاد الشبوط يفقد منصبه منتصف عام 2014 لولا تدخل النائب ياسين مجيد.
رأيت بأن سكوتي غير مبرئ للذمة من الناحية الشرعية ومخالف للقانون وغير مبرر من الناحيتين الاخلاقية والوطنية، فقررت ايقاف كل انواع التواصل مع شبكة الاعلام العراقي والبدء بالاتصالات القانونية لايصال ملفات الفساد وشكاوى الاصدقاء بدون ذكر اسمائهم الى الجهات المعنية، اول خطوة قمت بها الاتصال باحد النواب في لجنة الثقافة والاعلام في مجلس النواب، وقد اتصلت به قبل كتابة هذا المقال فرفض ان اذكر اسمه في المقال، عندما اتصلت به كانت لديه معرفة مسبقة بالكثير من الامور ولكن تنقصه الوثائق والتوضيحات حولها، فقمت باعداد ملف من ستين صفحة ووثيقة وارسلتها للنائب وكان من المفروض يناقشها مع النواب داخل لجنة الثقافة والاعلام وبعدها يتم استدعاء الشبوط لمناقشته، كما تعهد بارسال نسخة من الملف للجنة النزاهة في البرلمان وهيئة النزاهة، وقال لي في وقتها بأن الملف مستوفٍ تماما لكل الشروط القانونية التي على اساسها سيتم فتح تحقيق كبير بخصوص الوضع في شبكة الاعلام العراقي، ومر شهر ولم يتحقق شيء مما اتفقنا عليه، فاتصلت به عدة مرات فلاحظت بانه يسوف ويتحجج بأن لديه التزامات، وأخر اتصالات اجريتها معه لاحظت بأنه لم يعد يعير أي اهمية للموضوع، وأخر اتصالين في يومين مختلفين لم يرد على اتصالاتي، كان من الممكن ان اكتفي بهذا القدر واقول بأني حاولت ولم تنجح محاولاتي لايقاف الفساد في شبكة الاعلام الا اني كنت مقتنعا بان مجرد القيام بهذه المحاولة غير مبرئ للذمة، فبدأت بحملة شاملة قلت فيها كل ما اعرفه وموثق لدي من شبهات الفساد والمخالفات للقانون والضوابط وركزت على الشبوط ومتنفذين معروفين بانتفاعهم من اموال الشبكة وتعاملاتها المالية والسياسية، تمت دعوتي في قناة بلادي الفضائية لمناقشة قانون شبكة الاعلام العراقي الجديد وهو صفقة اخرى من صفقات الشبوط بمساعدة ميسون الدملوجي وبعض الاعلاميين المقربين من الشبوط والدملوجي، كان الحوار بأدارة المبدع زاهر موسى في برنامجه الرائع حبر وورق وكان الضيف الاخر في اللقاء جمعة الحلفي رئيس تحرير مجلة الشبكة التابعة لشبكة الاعلام العراقي، كان الحوار موضوعيا وناقشنا فيه بجرأة واعتدال قانون الشبكة والمواقف السياسية والاعلامية منه، وعلى هامش الحوار تحدثت عن شبهات الفساد والتلاعب المالي والاستقطابات في التعيينات حسب القرابة الحزبية والفئوية، ولم اقل شيئا غير موثق، بل قلت بدقة متناهية ما هو مشهور على السنة الاعلاميين والمراقبين وقد كتبت فيه مقالات ونشرت عنه منشورات في مواقع التواصل، بعد اللقاء اتصل الشبوط بمكتب الجعفري محرضا علي وطالبا عدم اعادة اللقاء وعدم استضافتي في قناة بلادي واستجاب مكتب الجعفري وادارة بلادي لمطالب الشبوط، في صباح اليوم التالي صحوت على عدة اتصالات من اصدقاء واقارب يستفسرون مني عن سبب نشر عدة مقالات ومنشورات في وكالات وصفحات الكترونية وهمية ممولة من المال العام تسيء لي وتشكك بسيرتي الذاتية والعلمية وحياتي الخاصة فشعرت بان الشبوط واتباعه بدأوا حربهم علي، وقد اعلمني بعض الاصدقاء بان الشبوط اقام دعوة قضائية ضدي في محكمة النشر، اتصلت بي عدة وكالات للرد على ما جاء في المقالات والمنشورات المسيئة، وما زلت لحد هذه اللحظة اتذكر واضحك على قزم من اقزام شبكة الاعلام العراقي لا ارغب بذكر اسمه لضآلته قال ان محمد نعناع جاء ليعمل في المركز الخبري فمنعناه فقام بهذه الحملة ضد الشبكة، في حين اني احتفظ برد لاحد اصدقاء هذا القزم وهو يقول لي نشرنا هذا المنشور لنحرق قلبك ولو عدت لمثلها قلنا عنك ما هو اكثر من ذلك، ولا بأس بذكر اسم هذين القزمين رمزا ( س ع / س ش) وكبيرهم السمسار(ج و)، ومن الوكالات والصحف التي اتصلت بي لمعرفة اسباب حملة التسقيط التي شنت ضدي وكالة وصحيفة المراقب العراقي وقد كان الحوار معها صريحا وجريئا كشفت فيه اسباب الحملة الشبوطية ضدي وتطرقت الى شبهات فساد في شبكة الاعلام وفي بعض برامج الشبكة، فمارس الشبوط نفس الدور الذي مارسه بعد لقاء قناة بلادي واتصل بالجهة المسؤولة عن صحيفة المراقب وشرق وغرب في الكلام معهم حول دوافعي من الحملة ضده فحصل على ما اراد، ورفع دعوة قضائية ثانية، امتثلت للسياقات القانونية بعد تبليغي بالحضور لمحكمة النشر والتزمت بالاجراءات القانونية بحزافيرها وقدمت الوثائق اللازمة، كان الشبوط يشيع باني لم اقدم أي وثائق عن الفساد في شبكة الاعلام والبعض صدقه بل وقف معه كما تحدث في احد الملتقيات ويدعي اعلاميون بلا حدود الذي قرر دعم الشبوط وعقد جلساته في مبنى الشبكة، الى ان جاءت لحظة الحقيقة وقال الخبراء في محكمة قضايا النشر بان ما قدمته من وثائق صحيح وصادر من جهات رسمية واعلن قاضي الجنح براءتي مما نسبه الشبوط لي في دعاواه الكيدية، وباعتراف القضاء، والخبراء في محكمة قضايا النشر فان الوثائق التي قدمتها تدين الشبوط واخرين معه في الشبكة بقضايا فساد مالي واداري، في هذا الوقت اشاع الشبوط انه تصالح معي وقد كذب في ذلك، وحقيقة الامر كنا مدعوين للقاء رئيس الوزراء فجاء وسلم علي وجلس بجانبي وبدأ بالكلام المعسول معتذرا عما بدر منه ومتعهدا بفتح صفحة جديدة في الشبكة واسمعته كلاما شديدا كان المفروض ان يستحي منه وانا بعمر ابناءه، واتذكر انه كان يحمل ملفا فيه اوامر ادارية لمسألة رواتب الشبكة فقلت له لقد تسببت بضرر كبير للموظفين باقحامك التمويل الذاتي في قانون الشبكة الجديد وطلبت منه انصاف الموظفين والعمل على انهاء معاناتهم.
وبعد كل ما جرى اود ان ابين مسألتين:
اولهما: ان طريق محاربة الفساد والفاسدين طريق شائك وصعب جدا ويحتاج الى شجاعة كما يحتاج منك ان تكون سخيا لانك ستتحمل تكاليف مادية لن يشاركك احد في انفاقها لتغطية نفقات المحامين ومستلزمات اخرى.
ثانيها: لا تتوقع نصرة واسعة من الناحية الواقعية فلربما يتركك حتى اقرب الناس اليك عندما تشد الازمة عليك، هذه المعركة مع الشبوط والمنتفعين في شبكة الاعلام العراقي لمكافحة الفساد كانت تجربة مهمة بالنسبة لي وقد ابرأت ذمتي بقدر ما استطعت في وقت اسابق فيه الزمن لتكملة مشروعي الفكري الذي رهنت حياتي المقبلة لاجله وهو مشروع (الكونسبت الجديد) الذي انجزت منه لحد الان نظام العلاقات ونظام العقوبات ضمن الرؤية الاسلامية الشاملة، وبموازاة هذا الجهد الفكري الذي ياخذ كل وقتي ويكلفني من قوت عائلتي احرص على توفير الوقت اللازم للقيام بالمهام التي هي حق علينا نحن الذين ندعي باننا مثقفين وناشطين مسؤوليتنا توعية المجتمع، ادعو الله الخير لكل العراقيين وان يحفظ الله شبابنا الواعين ويقدرهم على القيام بمسؤولياتهم تجاه مجتمعنا المظلوم.