تنشغل البصرة هذه الأيام بدخول نحو 5 آلاف طن من مادة الطحين الفاسد إلى ميناء أم قصر. وتبدو الحكومة المحليّة، وأعضاء مجلس المحافظة، مشغولين في الأمر كثيراً، وهم يفتشّون عن وجود حالات مماثلة تمّ التغاضي عنها، ودخل الطحين إلى المدن العراقيّة.
لكن مصدرا في ميناء أم قصر، استغرب كل هذه الضجّة حول الموضوع، حيث أكد أن “العديد من المنافذ الحدودية يتم ادخال الكثير من المواد المنتهية الصلاحية عبرها وبعضها مخالفة للشروط الصحية”، وهو لا يستثني الميناء الذي يعمل فيه من ذلك.
وقال المصدر، الذي التقته “العالم الجديد” إن “الجهات المعنية بالسيطرة النوعية غير كفوءة وتتأخر بعملها وكما يتم اعطاء رشاوي ومبالغ لإدخال مواد مخالفة منذ عام 2003 ولغاية”.
وأشار المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه، إلى أن “المواد الفاسدة الآن تجارة رابحة خصوصاً في ظل الاوضاع الامنية التي يمر بها العراق”.
ولفت المصدر إلى أن الطحين الفاسد الذي عثر عليه جهاز استخبارات الشرطة في ميناء أم قصر لم يكن ليتم لولا وجود خلاف بين التاجر وبعض الجهات الرقابية.
وبيّن أن “خلافا ماليا بين التاجر والجهة الرقابية بشأن مبلغ الرشوة أدى إلى التوصّل لكميّة الطحين”.
ولا ينفي المصدر أن “الكثير من التجار في الموانئ يتعرضون الى ابتزاز من الجهات المعنية والرقابية لاسيما التي في بغداد ويتم تهديدهم بتصنيف موادهم بغير الصالحة للاستخدام البشري”.
وتابع أن “التجار يدفعون مبالغ مالية إزاء كل طن من المواد الغذائية لاسيما تجار السكر رغم انهم يستوردون سكراً جيداً من البرازيل او غيره من الدول”.
وكان جبّار الساعدي، رئيس اللجنة الامنية في مجلس البصرة، كشف عن تمكن أجهزة الاستخبارات من ضبط كميات كبيرة تقدر بخمسة آلاف طن من الطحين التالف والمستورد، لافتا إلى “الشركة المستوردة تركية عراقية وتم اعتقال مدير ومعاون تلك الشركة اللذين تبين بعد التحقيق الأولي معهما أنهما من سكنة العاصمة بغداد وأحدهما مطلوب للجهات الأمنية”.
وقال محمد المنصوري، رئيس لجنة النزاهة بمجلس البصرة، إن “لجتنا مع هيئة النزاهة ستحاسب الجهات المتورطة في موانئ البصرة على ادخال هذه الكميات من الطحين الفاسد”.
وأكد في حديث لـ”العالم الجديد” أن لجنته “ستحقق مع الشركة الخاصة بالتفريغ والشحن المتعاقدة مع الموانئ ان كانت متورطة في ادخال هذا المادة من عدمها، وهل تورطت سابقاً في ادخال مواد اخرى منتهية الصلاحية”.
وطالب النائب فالح حسن الخزعلي بـ”التعجيل بإتلاف كميات الطحين الفاسد للحيلولة دون إيصاله إلى المستهلك ومحاسبة كافة المتورطين وإدراجهم ضمن قائمة الإرهاب”.
وقال إن “انه اتجار بحياة الأبرياء”، لافتاً إلى أنه “لابد من تفعيل التقييس والسيطرة النوعية وعدم مرور كافة أصناف المواد الغذائية إلا بعد فحصها والتأكد من سلامتها وصلاحيتها للاستهلاك البشري وعدم الاعتماد على شهادة المنشأ فقط”.
وطالب الخزعلي أيضاً “مجلس الوزراء بضرورة اعادة النظر بقراره السابق والمتضمن تخويل التجار بالاعتماد على شهادة المنشأ فقط فيما يستوردون من مواد غذائية”.
وشدّد أنه “لابد من تشكيل مديرية تشترك بها وزارات الداخلية والصحة والزراعة وقسم الأغذية في كلية الزراعة وغيرها من دوائر الاختصاص ومراقبة العمل بالموانئ والمنافذ الحدودية البرية والجوية والبحرية وان تكون ذات صلاحيات وغير خاضعة للتأثيرات السياسية”.