صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

داعش والعراق وإدارة التوحش

هذا ليس عنوان المقال الذي انا بصدد الخوض في تفاصيله الان انما هو لكتاب توغل…

هذا ليس عنوان المقال الذي انا بصدد الخوض في تفاصيله الان انما هو لكتاب توغل في اعماق الارهاب الذي ضرب العالم والعراق على وجه الخصوص وبحث في تفاصيل وحيثيات وجزئيات نشوء الارهاب والفرق بين القاعدة وداعش واسرار خطيرة ومهمة تكشف للمرة الاولى.

 

“اليك ايها العراقي وانت تقاتل ربيب الحرب والبداوة.. عاشق الغزوات والغنائم والجواري.. عبيد سلطانه.. عدو الفلسفة والعلم.. ابن الصحراء والغلظة الجلفاء.. الفاجر بسواطير لحيته ان اراد ان يبني.. والكافر ان اراد ان يؤمن.. المتوحش في مجتمعه” هذه الكلمات اختارها مؤلف الكتاب الدكتور ياسر عبد الحسين ليقدم من خلالها كتابه الى شعب فيه الملايين من المغرر بهم الذين انجروا وراء شعارات زائفة تعكز عليها مطلقيها لشرخ الصف وليكشف النقاب عن كل التساؤلات التي تدور في الاذهان عن الطرف الذي صنع الارهاب والشخوص المحركون للتطرف في العالم.

 

الكتاب ابتدأ بتقديم مهم قدمه الباحث المغربي ادريس هاني حمل عنوان ربيع داعش أو الدولة البارانويانية (هوس العنف المقدّس) والذي رأى فيه ان فكرة الأمّة في التصور الدّاعشي سليل الفكرة ذاتها منذ عهد الإخوان السلفيين في الجزيرة العربية والجماعات المسلحة المقاتلة.

 

مفهوم منزوع من أهمّ أساساته ألا وهي الثقافة, كيف يمكنك تصوّر أمّة من دون جذور ثقافية مؤسسة؟ فكرة الأمة هنا لغو. فهي تقوم أساسا على فكرة الإلغاء الثقافي مقابل شكل من التعويض المتخيّل بأمّة غير مستقرّة في مكان ولا تتوفّر على شعب، بل على مجموعات متنوعة يقدحها متخيّل واحد، ويجمع بينها فكر الهروب والعزلة. بالنسبة لأولفيه روا تتّضح هذه الفكرة بشكل واضح تماما. فهذا المخيال السياسي لفكرة الأمّة يعود بعد أن ينقطع الاتصال بالدّولة والمجتمع. وهذا بخلاف منطق الأشياء.

 

الكتاب الذي يتضمن 520 صفحة يصف الرحلة الطويلة للارهاب في العراق والعالم، وكانت فصوله قد تناولت موضوع مقاربات في الامن العالمي، نحو تعريف جامع للارهاب، والمنطلقات الايدلوجية للحركات الارهابية، والارهاب في العراق قبل الحرب.

 

وبحث ايضا اسرار العلاقة بين (صدام) مع (بن لادن)، وتضمن فصلا عن الزرقاوي والخلافة المؤجلة وعقدة استهداف داعش والقاعدة للشيعة من خلال موضوع السادية الزرقاوية والانتي – شيعة, وكذلك تضمن الكتاب صورا تنشر لأول مرة عن ابو بكر البغدادي زعيم داعش وملفاته الجامعية.

 

الكاتب عمد في مؤلفه الى وضع ظاهرة التطرُف والارهاب تحت مجهر التحليل; اذ تعدُ التنظيمات الارهابية الجديدة المُتمثلة بـ”داعش” وأخواتها تنظيمات ليست وليدة لحظة استثنائية في المنطقة, بل هي نتاج شبه طبيعي لتراكُمات عاشتها المنطقة بين الاستبداد والفقر والتطرُف أدَت الى صناعة البيئة المُناسِبة للارهاب بعيدا عن نظرية المؤامرة.

 

وعاد الكاتب الى جذور نشأة السلفية مُستنِداً الى أفكار شخصيات تاريخية في شرحه ظاهرة “داعش”, ونموِها في زوايا العالم العربيِ المُظلِمة, وساحاته الخلفية; واشار الى أنَ التنظيمات المتطرفة قديما وحديثا لا يُمكِن مُواجَهتها بالصواريخ والرصاص من دون أن تُواجَه بالأفكار, والعقائد, والحرب الناعمة, حتى لو كان الجزء الأبرز من “داعش” هو كونه عدواً عسكرياً يُجيد استعمال القنص, والتفجير, والتفخيخ, ولكن تبقى للمُواجَهة الثقافية معه مساحة أكبر.

 

الكتاب تطرق الى المرحلة الانية لداعش، وناقش اسباب فشل جهود المجتمع الدولي في وقف خط إنتاج الداعشيين وتناول المحاولات والخطابات الامريكية والفرنسية واخرى لدول عظمى دعت لمحاربة الارهاب لكنه شدد على ان هذه الخطوات لا تجدي نفعا وناقش الاليات الحقيقية دحر هذا التنظيم المتطرف.

 

الكتاب ركز كثيرا على العلاقة بين نظام صدام حسين وبن لادن,واطلق تصورات عن المُستقبَل القريب وامكانية تعرَض تلك التنظيمات للمزيد من الانشقاقات عند تعرُض مصادر التمويل للسيطرة من تنظيم آخر, وسيتحوَل العصر المُقبل الى (عصر اقتتال الجماعات المُسلحة) .

 

ويُفرِق المؤلف بين القاعدة ما قبل “داعش”, والقاعدة بعده خصوصاً استثمار الحواضن, وظروف المنطقة الاقليمية, ودخول العامل السياسيِ والعقائديِ بشكل لم يكن يُتصوَر من ذي قبل. كما يكشف موضوعات أخرى مُهمة .

 

الكتاب اجتهد كثيرا في تفسير هذه الظاهرة بعيدا عن تأطير نظرية المؤامرة، وان كان احيانا لاغنى عنها في تفسير بعض الادوات الدولية والاقليمية، وكما عبر احدهم ان داعش اصبحت اشبه بشركة متعددة الجنسيات، من خلال قراءة الخارطة الجيوسياسية للتنظيم.

 

إقرأ أيضا