كما استخدم تنظيم داعش سلاح الانفاق في مدن صلاح الدين، الفلوجة، الرمادي وحزام بغداد الشمالي والجنوبي مرة اخرى يعود التنظيم الارهابي الى استخدام ذات السلاح في معركة الموصل. حيث كشفت القوات المشتركة خلال اليومين الماضيين عن شبكة انفاق مرتبطة ببعضها في العديد من المناطق التي تم تحريرها بمحافظة نينوى.
ليس جديدا ان تنظيم داعش امتهن استخدام الانفاق بمختلف اشكالها واساليبها في معظم حروبه داخل وخارج العراق، تراكمات تجربته التي اكتسبها من تنظيم القاعدة طوال السنوات السابقة في العراق وحتى في بلدان اخرى اكسبته خبرة لا بأس بها مكنته من استخدام ذلك السلاح بشكل جيد، في الفلوجة والمناطق المحيطة بها حرص التنظيم على استخدام ذات الاسلوب مع تقنيات اكثر تطورا عن الانفاق التي تم اكتشافها في مناطق اخرى. وفي مدينة الموصل اضاف تكتيكا جديدا من اجل تطوير ذلك السلاح حيث كان يقوم التنظيم بمليء الخندق بالنفط الاسود والمتفجرات من اجل تفجيره عند الضرورة لتكون مصيدة للقوات العراقية المهاجمة.
ان الجماعات الارهابية تمتلك خبرة ممتازة جدا في هذا المجال، استثمرت كثيرا في تجربة التنظيمات الفلسطينية في قطاع غزة، وعمقت الفكرة تخطيطا وتنفيذا في سوريا من خلال مئات الانفاق التي نفذت هناك، بعض تلك الانفاق يسعى لكي تسير فيه المركبات بمختلف احجامها، ولحرب الانفاق مثال استثنائي في حرب الفيتناميين ضد الامريكان لا شك ان الجماعات الارهابية ليست غافلة عن تفاصيل تلك الحرب.
لقد حرصت “العالم الجديد” على متابعة ذلك الملف عبر سلسلة من التقارير، منذ معارك آمرلي ومناطق جنوب صلاح الدين وكذلك مناطق جنوب بغداد، عمليات تحرير الفلوجة والرمادي ثم تتوقف عند هذا الملف مرة اخرى تزامنا مع عمليات تحرير الموصل.
العالم الجديد كانت قد نشرت تفاصيل خاصة عن بعض الانفاق في صلاح الدين وشمال بابل، ففي 21 آب عام 2014 نشرت تفاصيل مثيرة عن احد الانفاق الطويلة التي تربط بين الفلوجة وجرف الصخر كانت قد عثرت عليه (سرايا السلام) وقامت بتفجيره تحت السيطرة.
في عمليات تحرير آمرلي ايضا تم العثور على نفق يمتد من قرية “البورضا” الى قرية “البوحسن”، فضلا عن الكشف عن سلسلة انفاق شمال بغداد اتلفت بعضها الفيضانات التي نتجت عن اغلاق سدة الفلوجة من قبل الارهابيين.
كما نشرت “العالم الجديد” في 16 ايلول عام 2014 تفاصيل نقلتها عن احد القيادات الميدانية في منظمة بدر أكد من خلالها العثور على بعض الانفاق في جنوب صلاح الدين، كما هو الحال مثلا مع نفق بمنطقة “سيد محمد” قرب بلد في مزارع “البوعجيل”، كان مليئا بالأسلحة والمعدات وقد تم تحديد مكان النفق بناءً على اعترافات أحد عناصر (داعش) بعد أن تم إلقاء القبض عليه.
كما نشرت الصحيفة في 2 نيسان عام 2015 تفاصيل خاصة عن سقوط معسكر “زنكورة” الواقع غرب الرمادي بيد تنظيم داعش بعد اشهر من الصمود وذلك باستخدام سلاح الانفاق، احد الجنود الجرحى الذي وصل حينها الى المستشفى الحسيني في كربلاء من اجل تلقي العلاج تحدث للعالم الجديد قائلا: “التنظيم حاول عشرات المرات اقتحام المعسكر لكنه فشل بسبب صمود القطعات المرابطة هناك، لكن اسلوب الانفاق كان هو السلاح الذي استطاع التنظيم من خلاله اسقاط المعسكر” مضيفا “فجر الثلاثاء 21 آذار 2015 خرج علينا بشكل مفاجئ من باطن الارض عدد كبير من الانتحاريين، استطعنا قتل الكثير منهم لكن بعضهم استطاع تفجير نفسه وسط القطعات مما احدث ارباكا داخل المعسكر” منوّها “الهجوم الانتحاري ترافق مع هجوم قطعات من خارج المعسكر، الارتباك الحاصل اجبرنا على الانسحاب للأسف الشديد”.
ان تنظيم داعش يحرص على استثمار عنصر المفاجئة في المعارك، وعادة ما يتخلى عن بعض التكتيكات الميدانية اذا ما اصبحت تقليدية ومكشوفة او تمت معالجتها بشكل جيد من قبل الجهد الامني الوطني. لكن التنظيم في المقابل يصر على استخدام بعض التكتيكات الميدانية، ومع انه يصر على عدم التخلي عنها لكنه في نفس الوقت يسعى لتطويرها بين الحين والاخر، على سبيل المثال: السيارات المفخخة المدرعة بشكل جيد التي يقتحم من خلالها الثكنات العسكرية او ارتال القوات المشتركة، اما السلاح الثاني الذي لم يتخل عنه التنظيم فهو شبكات الانفاق.
مرة اخرى يستغل تنظيم داعش سلاح الانفاق من اجل مكاسب ميدانية، ورغم ان الجهود العسكرية الوطنية استطاعت ان تحد من مفاجئات داعش على صعيد تفخيخ الطرق والبيوت وحتى السيارات المفخخة الا ان سلاح الانفاق لازال سلاحا فعالا لم تتم معالجته بشكل ناضج كما حصل مع الاساليب الاخرى التي عرف بها الدواعش. فذلك الملف الشائك جدا والمتعب لم يحظ باهتمام كاف من قبل الجهات المعنية، كان يفترض ايجاد حلول مناسبة تتناسب وحجم الخبرة التي امتلكتها القوات المسلحة بعد ذلك الكم الهائل من الانفاق المكتشفة.