صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

سابيرجيون: سؤال الهوية وأنساق التعبير عنها

سابيرجيون رواية تتصدى في صلب خطابها لموضوعة الهوية عبر تشكلاتها و تفككها في عراق ما بعد الحرب العالمية الثانية الى سقوط النظام الدكتاتوري وبداية الحروب الطائفية في العراق. هذه الرواية لكاتبها الروائي عامر حمزة تتخذ من مكان صغير كحي الآثوريين في أطراف بغداد مسرحا لأحداثها ، وربما بكلمات أدق لانعكاس الاحداث الكبرى التي عصفت بالبلد على مدى أكثر من ستين عاما على هذا المكان الصغير ذي الانسجام الاجتماعي الواضح. في هذا المقال نحاول تتبع خيوط تشكل الهوية عند الفتيان المسلمين القادمين من مصفى الدورة وتفككها عند الآثوريين الراحلين من البلد الى المهاجر معتمدين في هذا على إحدى اساسيات أدب الهوية وهي عملية التماهي الذي تتخذه الذات أداة في صيرورتها وبناء حدودها وتعريف نفسها في مواجهة العالم والتاريخ والتعدد الاثني و الديني في عراق نهايات القرن العشرين.

 

يبدو أن ألاثوريين هم السكان الاوائل لهذا الحي (الآثوريين) الواقع على ضفة نهر دجلة وسمي بهذا الاسم لانهم أول من سكنه ولأنهم ظلوا الغالبية فيه إلى أن حدثت الهجرات الكبرى لمسيحيي العراق على دفعات ، انتهاء بالحرب الطائفية التي سيطر فيها المتشددون من تنظيم القاعدة لفترة طويلة على بعض المناطق في بغداد في السنين التي أعقبت سقوط نظام صدام. إن آثوريي هذا الحي هم ممن بقي في مطار الحبانية العسكري الذي كان خاضعا للاستعمار الانكليزي لفترة طويلة وكان الآثوريون يسكنون هناك في مجمع للعوائل وعندما أنتفت الحاجة اليهم أعطيت لهم بيوت في هذا الحي بعد رحيل الاستعمار وغياب وجوده الفعلي والرمزي في العراق.

 

هذا الحي له تقاليده الثقافية التي نمت بمعزل عن الثقافة المحلية. إن هؤلاء الناس الذين عاشوا لجيلين ربما في هذا المطار مع الانكليز وتدربوا علي أيديهم ورثوا قيما ثقافية غربية مختلفة عن بقية المكونات المجتمعية العراقية. بالإضافة الى أنهم كانوا مرتبطين دينيا بالمتشابه معهم في الدين (الانكليزي). لذلك تجد أنهم حسب وصف الرواية يسمون أبناءهم وبناتهم بالأسماء الغربية مثل (مارك ، روميل ، جورج…) رغم أنهم ينتمون الى الكنيسة الشرقية التي رفضت أن تخضع للكنيسة الغربية. وهم اختلفوا عن السريان والكلدان العراقيين في علاقتهم بالثقافة المحلية حيث بقي هؤلاء يسمون أبناءهم وبناتهم بالأسماء العربية رغم أن الكلدان انتموا الى الكنيسة الغربية. إن هذه العلاقة القوية بالثقافة الغربية أثرت بشكل كبير على هوية هذا المكون وجعلت من علاقته بالثقافة العربية علاقة ضعيفة.

 

مما ظهر من هذه العلاقة في روايتنا سابيرجيون أن الراوي (الذي هو من الفتيان المسلمين الذين جاءوا الى حي الآثوريين) أن هؤلاء الفتية كانوا مأخوذين بطريقة العيش في هذا الحي التي تختلف كثيرا عما اعتاده هؤلاء الفتية أبناء العمال المسلمين في مصفى الدورة النفطي. تبدأ الرواية بهؤلاء الفتية ، مرشحين واحدا منهم لتحمل مسؤولية السرد ، واصفا هذا العالم الذي وجدوه في حي الآثوريين على أنه بداية الحياة بالنسبة اليهم. فهم يتفقون على لسان الراوي على أن هذا الحي كان بمثابة الجنة اليهم وأنه بداية العالم الذي انتبهوا فيه الى العلاقات المسالمة وانفتحوا فيه على جمال الطبيعة ومركزية المكان في هذا الوجود.

 

بمعنى أن حي الآثوريين كان نقطة التحول في تشكل الهوية عندهم. إن هذا التحول تضمن بعدين: الاول طبقي ، فقد اعتبر هذا المكان فاتحة عالم تخلصوا فيه من فقرهم ، وتجلى هذا في ذكر الرواية لنبات الشيخ “اصمله” وهو نبات رخيص موجود في الارض لا يباع يتناوله الفقراء عندما يجوعون. مع مجيء الفتية الى حي الآثوريين بدأ الحديث عن الزهور والديدونيا والياسمين والظلال والافياء…الخ. إن حي الآثوريين كان مفتاح حياة مختلفة على المستوى الاقتصادي والثقافي. فمن الناحية الاقتصادية لأبناء العمال ، يبدو أن وضعهم الاقتصادي تحسن لأنهم حصلوا على بيوت وربما كانوا يدفعون جزءا من رواتبهم بدل ايجارات فوفرت جزءاً من المال و منحتهم استقلالية عن عوائلهم الكبيرة(أجداد الفتية). من الناحية الثقافية فتح حي الآثوريين عالماً واسعا ومرحبا لهم حيث تعرفوا على ممارسات أوروبية تمسك بها آثوريو ذلك المكان. إن أبرز هذه المعالم في حياة الآثوريين هو العلاقة المنفتحة بين الفتيان والفتيات مقارنة بعالمهم السابق ذي الطبيعة الاسلامية التي لا تحبذ انفتاحا كهذا. فترى أن هناك تعاملا ومواعيد واماكن تجمع بين الجنسين كالكنيسة واماكن الحفلات. إن هذا بتقديرنا كان من العوامل التي جعلت انجذاب الفتية (وهم في فترة بداية المراهقة أو ما قبلها بقليل) أقوى الى هذا المجتمع “و مدرسة الكنوز التي كانت كنزا لأرداف البنات المستحمات بفيء الدور” (ص 8). و كذلك كانوا منجذبين الى الفتيان وطبيعتهم “أطلت رؤوسنا الصغيرة بوجوهنا السمر الحارة ورموشنا المتربة من فتحات الابواب الحديدية لبيوتنا ، فأخذنا بسحر جمالهم ووسامتهم ، طريقة حديثهم الهادئة ” (ص 7). بالإضافة الى أن هذا المجتمع فتح ذراعيه لهم ورحب بهم ، فهم من جانبهم بذلوا جهدا في محاولة جعل هذا المجتمع أكثر مرونة تجاههم حيث بدأوا بتعلم لغتهم و القاء التحية بها عليهم ، وهذا كان من محفزات هذا المجتمع للترحيب بهم.

 

لقد كانت هناك لحظات أثرت في بداية علاقة الفتية وتشكيل هويتهم الجديدة ، إلا أن عيد رش الماء كان بداية حقيقية لتحولهم. في هذا العيد الذي صادف بداية علاقتهم بالناس في حي الاثوريين(والذي هو ذكرى لتحول الكثير من الناس الى المسيحية حيث اضطر القساوسة الى جمع الناس في مكان واحد ورش الماء عليهم) يحدث الكثير. إن هذا الطقس مختلف تماما عن ما يمارسه المسلمون ولم يعتد عليه الفتية ، حيث يرش الفتيان والفتيات والرجال والنساء بعضهم البعض بالماء وهذا يجر الى متع ينتبه ويحرص مجتمعهم أن لا تجد مجراها الى التحقق . إن استعمال هذا العيد كبداية لعلاقة منفتحة وتقبل لهذا العالم للفتية فيه الكثير من الدلائل: فهو من ناحية كسر الجليد والحذر الذي ينتاب الجانبين الفتية الغرباء و أهالي حي الآثوريين.من الناحية الاخرى فإن عيد الرش أرخ بداية عملية الدخول الرمزي الى هذا العالم المسيحي حيث يتبنى الفتية المسلمون فيما بعد ثقافته دون التحول دينيا اليه. فنرى أن نسبة تداول الرموز الاسلامية لا يزيد عن 3-5 بالمئة مقارنة بترديد الراوي كثيرا لرموز مثل الصلبان والسيد المسيح والكنيسة والقديس مار كوركيس وما سواها الذي أخذ الحصة الاكبر من مساحة الرواية التي عكست عالم الفتية. لقد ذكر الراوي النبي محمد وخضر الياس وربما خبز العباس وما سواه لكن مساحة تداول الرموز الاسلامية لم يتعد ما ذكرنا. فكما كان الآثوريون أغلبية اجتماعية في الواقع كانوا أغلبية ثقافية في الرواية وفي عوالم الفتيان الداخلية وعناصر تشكيل هويتهم الثقافية.

 

يتفق المختصون بعلم الاجتماع و الدراسات الثقافية ودراسات الهوية على أن الهوية هي نتاج عملية التماهي (Identification). وهذا العملية تتلخص في انتباه الذات المستمر الى ما هو خارجها لكي تعرّف نفسها وتشكلها في توقها المستمر الى تلمس وجودها، ولكي تنطلق الى فعل التفاعل مع ما هو خارجها. وهنا سنركز على العالمين في تشكل هويتيهما: عالم الفتية المسلمين كأقلية صغيرة في حي ذي أغلبية مسيحية آثورية ، و الآثوريين كأقلية في مجتمع ذي أغلبية مسلمة. سنحاول تبين العناصر المشكلة للهوية عبر المآل الاجتماعي الذي وجدت انفسها فيه.

 

لقدكان في هؤلاء الفتية المسلمين رغبة أن يكبروا لكي يكونوا على قدر عال من الاستعداد لأن يكونوا فاعلين في هذا العالم الذي احتضن فتوتهم “كنا نريد أن نكبر، لكننا لانعرف كيف…؟” (ص 15). كانت في قلوب الفتية رغبة أن يشكلوا ذواتهم حسب النموذج الذي يرونه في حي الآثوريين مدفوعين بضغط قوى داخلية عديدة: مثل قوة الخروج من دائرة الشعور بالانهزام الذي يخلفه الفقر والعوز. وقوة جاذبة أخرى وهي الاقتراب من النمط السلوكي الوافد الذي تتم ملاحظته عبر النص الاعلامي كالمسلسلات والافلام الاجنبية ويجدون شبيها له في الحياة التي يحياهاالاثوريون. كذلك يمكن أن نرجح قوى الدفاع عن الذات حين تكون الذات غريبة في وضع الاقلية الاجتماعية فهي تسعى الى تبني قيم الاغلبية وتشكل هويتها اقترابا أو مقاومة لها. فيما يخص الاقلية المسلمة في حي الآثوريين كانت قوى الانصهار أكبر من قوى المقاومة أو محاولة التغلب فالذات هنا وازنت أو أشركت كل تلك القوى مضافة الى محاولتها نيل المكاسب التي تمنحها البيئة الجديدة من علاقات وانفتاحات على عوالم المرأة الغامضة بالنسبة اليهم وقصص الحب التي تجد صعوبة في تداولها في ثقافة مجتمعهم الاسلامي قبل مجيئهم.

 

لو قارنا بين استجابة المسلمين أنفسهم في حي الاثوريين لوجدنا فروقا. إن الرجال والنساء المسلمين لم يكن لهم ذكر وبالتالي وجود في الرواية سوى مرات معدودة. منها ما حدث في عيد الرش وغيرها مرتين أو ثلاثة. وهذا يعني أن تأثرا بالمحيط الثقافي الجديد لم يطرأ عليهم لأن هويتهم الثقافية قد شكلت قبل هذا الوقت وما تم بعدها كان محاولة لتعايش مرن مع الثقافة الجديدة مع وجود ثقة تعزيز من المحيط الثقافي العام للبلد خارج سياق حي الآثوريين. أما الفتيان فقد تأثروا كثيرا بحيث أصبحت هذه الثقافة الجديدة جزءاً كبيرا من ذواتهم وهويتهم الثقافية وحيث تركت حيزا بسيطاً لثقافتهم الاسلامية مما هو في تصالح وتعايش مع قيم الاغلبيةالآثورية. إن الاقلية المسلمة رغم تعايشها الكبير مع الاغلبية الآثورية لم تنصهر تماما في الاغلبية وهذا نلاحظه في عدة ملاحظات. بالاضافة الى تمنع البالغين عن التعاطي مع قيم المكان ذي الاغلبية الآثورية نرى بوضوح عدم ذكر لفتيات مسلمات في الرواية. فالفتيان وحدهم من كان مسموحا لهم من قبل عوائلهم بدخول هذا المجتمع ووحدهم من اقبل تحت تأثير القوى التي أسلفنا على الدخول في الثقافة الجديدة. إن هذا واضح ، اذا صنفنا الرواية كرواية سيرة اجتماعية ، و يجعل من خصائص الثقافتين البارزة جلية. فالثقافة الاسلامية في المجتمع العراقي المحافظ لا تفسح المجال للعلاقات بين الجنسين ويكون فيها تداول قصص الحب بمثابة سر قد يؤدي فضحه الى مشاكل وتداعيات اجتماعية. أما المجتمع الآثوري فلا يتشدد مثل المجتمع المقابل.

 

من الجهة الأخرى ، رغم أن الرواية اقترحت أن اسباب تمزق الهوية الثقافية هو التداعيات التي خلفتها السياسات فقد لا نتفق كثيرا معها. لقد مرت الرواية مرورا سريعا على التحولات في النظم السياسية لعراق ما بعد الحرب العالمية الثانية وذكرت بعض الجواسيس والاعدامات التي تعرض لها مسيحيو العراق. ثم مرت على آثار حروب الثمانينات وما بعدها من حصار وحرب طائفية. اقترحت الرواية أن هذه السياسات هو ما أدى الى نزوح مسيحيي العراق وآثوريي حي الآثوريين في الدورة من بغداد. وقد نأتي الى حقيقة لمسناها في الرواية يمكن أن تكون ارضية للسلوك الاجتماعي. قد تكون الحروب والسياسات الخاطئة عوامل مشجعة لهجرة العراقيين الآثوريين لكن لو جئنا الى الآثوريين كمكون اجتماعي في ضمن المحيط الاسلامي العربي الغالب لوجدنا أنساقا من المقاومة لثقافة الاغلبية. نجد هذا في تعلق الآثوريين بطرق العيش الانكليزية وتسميتهم ابناءهم وبناتهم بأسماء مثل جورج ومارك و هيلين وغيرها رغم انتمائهم الى الكنيسة الشرقية التي تسمي بالأسماء العربية. لو أجرينا مقارنة بين التفاعل الآثوري والتعامل السرياني والكلداني مع الثقافة المحلية العراقية لوجدناه مختلفا مثلما ذكرنا في الاسماء وطرائق العيش العربية التي يتبعها هؤلاء. كما يمكن أن نؤشر الى أن المقاومة الثقافية التي يتميز بها الاثوريون جعلتهم أكثر امتناعا من غيرهم من المكونات عن أن يسهموا في الثقافة المحلية العراقية و تبرز من بينهم شخصيات يمكن أن تثري الحياة العراقية مثلما فعل الكلدان والسريان. قد يكون هذا بسبب تداعيات سياسية جعلت سلوكهم الاجتماعي مختلفا عن غيرهم مثل المجزرة التي تعرضوا لها ايام حكم الملوك. نجد الموقف الذي تميزت به هذه الثقافة واضحا تجاه المكون العربي المسلم في حديث العجائز وتعليقاتهن عن الفتية العرب الجدد في حي الآثوريين “أربابا خميقا…عرب غير مرتبين” (ص 22). يمكن إيجاز كيفية تعامل آثوريي هذا الحي بما يلي. أن صفة الترحل غالبة فيهم ، فهم جاءوا أولا من الجبال ليعملوا مع الانكليز في المعسكرات ، ثم عندما رحل الانكليز ذهبوا الى المدن ، لكنها كانت توقفا لفترة الى أن حان موعد الهجرة الكبرى الى بلاد الغرب في أميركا وكندا وغيرها.

 

في النهاية كل من الطرفين حاول صياغة هويته حسب إرادته. الفتية المسلمون اندمجوا الى حد كبير جدا في المجتمع الآثوري ذي الثقافة المختلفة وشكلوا ذواتهم على اسسها. لكن بعد رحيل الآثوريين وخلو الحي منهم لم يبق لديهم إلا خواء الهوية فقد فقدت نقاط ارتكازها. حدث هذا في ظل تمزق النسيج الاجتماعي العراقي حيث لم يعد الرجوع ممكنا الى الهوية الاسلامية لكي تكون ملاذا آمنا يسند ذوات الفتية ، حيث القتل على الهوية وجثث الناس بسبب هوياتهم ملقاة في المزابل. لذا ظل الفتية ضائعين ومنهم الراوي الذي اختير ممثلا لهذه الجماعة”جوالين يغنون” يبحثون عن نقطة يرتكزون عليها في عالم ينهار بقسوة.

 

أما الاغلبية الآثورية التي رحلت فقد توقعت أنها ستشكل ذاتها وفق إرادتها في عالم الحرية والجمال دون الضغوط الاجتماعية التي تمارسها عليها الاغلبية العربية المسلمة. لكن هذا لم يكن متاحا فقد أصيبت بالإحباط لأن الذات قد شكل الكثير منها وشيدت في مكان آخر هو العراق. لقد بلغت إحدى شخصيات الرواية حد أن أدمنت على المخدرات والجنس. إن الذات قد تشكلت ضمن شبكة العلاقات والظروف التي حددتها وحين غاب المكان وغابت شبكة العلاقات تلك شعرت الذات بالفراغ. إن الخواء كما تصوره الرواية متناظر في كلا الجانبين وقد كان المكان سيدا وحاكما في تشكيل هوية طرفي المعادلة الاجتماعية. وقد عززت هذا الاحساس بالفقدان والخواء التكرارات للعوالم و اللحظات المفقودة التي وسمتها طبيعة العلاقات الاجتماعية في حي الآثوريين. إن آلية التكرار اعتمدت في لحظات الاستعادة والتلبث على تكرار كلمة بعينها يمكن أن تكون مركزا لعدد غير متناه من دوائر الاشعاع التي تبعثها لحظات الماضي. أما آلية التكرار الاخرى هي تلك التي تميزت بإيقاعها السريع ، ايقاع الهدم الذي تعرض له عالم حي الاثوريين بسبب غياب مرتكزات تشكل الهوية فيه وفي هذا التكرار لا يتاح لكلمة أن تكرر بل كل كلمة تشكل نقطة قوة في جملة وهذه الجملة حين تنهار تكون آخر كلمة فيها سببا لظهور مجموعة كلمات سرعان ما تنهار ساحبة وراءها عالما ينطفئ بعد لحظة من إضاءته. وتعكس الرواية بنائياً رحلة من الأسف والحسرة على زوال العناصر المكونة للذات والهوية ، ورغبة عارمة بالإبقاء الطفولي على عالم كان ورغبة في استعادته على أرض الواقع. إن رواية سابيرجيون تناقش أزمة الذات التي تتشكل ضمن ظروف اجتماعية غير مخطط لها استراتيجيا بحيث لا تثمر هذه الذات عن شيء وتظل أسيرة التحسر على لحظات تشكلها بإزاء إحساسها بحجم الانهدام فيها.

 

إقرأ أيضا