يضطر مطلك فليح، وهو سائق سيارة حمل نوع كيا، إلى دفع نحو 100 دولار كرشوة لأفراد في قوّات الجيش كلما ذهب بحمولة إلى مدينة الرمادي، مركز محافظة الانبار ومعقل الحكومة المحليّة، وبخلاف ذلك، فإن هؤلاء الأفراد لن يسمحوا له بإدخال البضاعة، التي غالباً ما تكون مواد غذائية، إلى المدينة.
وتعيش الأنبار حالة حرب منذ أكثر من عام بعد سيطرة تنظيم ما يسمّى “الدولة الإسلامية” المعروف بـ”داعش” على نحو 70 بالمائة من مساحة المحافظة، الأمر الذي دفع إلى استخدام الحكومة لابناء العشائر لمواجهة تنظيم “داعش” الذي يستخدم أسلحة ثقيلة كان قد استولى عليها إثر انسحاب قطعات من الجيش من مواقعها.
وقال فليح، في حديث لـ”العالم الجديد” أمس، “نعاني بشدة من سيطرات الجيش المنتشرة على مداخل مدينة الرمادي والطرق المؤدية إليها، ويفرض علينا بعض الجنود أتاوات مالية مقابل السماح لنا بالمرور، خاصة إذا كنا نحمل معنا مواد غذائية أو مشتقات الوقود”.
وأشار فليح، إلى أنه “إذا كانت سيارات الحمل محملة بالمواد الغذائية ومشتقات الوقود تكون الأتاوات بين 100 إلى 200 دولار فأكثر”.
ولا ينفي الشيخ ملحم عبد الواحد الدليمي، أحد شيوخ عشائر الأنبار، وجود هذه الظاهرة في صفوف الجيش.
وقال في حديث لـ”العالم الجديد” إن “بعض مقاتلي الصحوات وأبناء العشائر يأخذون أتاوات على الحواجز التي يقيمونها”، ولكنه أشار إلى أن “هذه الأفعال فرديّة من قبل ضعاف النفوس”.
وأوضح الدليمي، أن “موضوع الطرق المغلقة لم يكن عبثياً، بل هو عبارة عن اتفاق بين قوات الصحوة وعدد من ضباط وجنود قوات الجيش والشرطة لتحويل تلك الطرق والسيطرات الأمنية إلى تجارة مربحة تدر أموالاً طائلة لهم عبر فرض أتاوات مالية على المواطنين”.
ولفت الدليمي إلى أن “ضباطاً وجنودا ومقاتلي عشائر أصبحوا أثرياء خلال العام المنصرم بسبب تلك السيطرات الأمنية والطرق والمنافذ المغلقة التي يقومون بفتحها خلال الاسبوع مثلاً مرة أو مرتين لإجبار المواطن على دفع مبلغ مالي مقابل السماح له بالمرور بعد انتظاره أياماً وليالي ليمر”.
وتعاني الأنبار، بسبب المعارك المستمرّة، من شحة في المواد الغذائية في الأسواق، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار إلى ضعف قيمتها، فضلاً عن وجود شحّة كبيرة في مشتقات الوقود.
وردّاً على شكوى السائقين وسكّان الانبار، أكد مجلس محافظة الأنبار، أن “بعض الجنود المتواجدين في السيطرات الأمنية يقومون بابتزاز المواطنين ويفرضون عليهم أتاوات مالية مقابل السماح لهم بالمرور عبر السيطرات الأمنية إلى مدينة الرمادي”.
وطالب المجلس في بيان تلقت “العالم الجديد” نسخة منه، “قيادة عمليات الأنبار بفتح تحقيق فوري بهذا الخصوص”.
وأوضح المجلس أن “هذه التصرفات التي يقوم بها بعض جنود الجيش تصرفات غير مسؤولة ومرفوضة تماماً وعلى قيادة العمليات أن تأخذ إجراءاتها السريعة وأن تحاسب هؤلاء الجنود ليكفوا عن هذه التصرفات غير المقبولة”.
وتابع البيان “الجنود لا يسمحون للمواطنين وأصحاب الشاحنات بدخول مدينة الرمادي وبعض المناطق الأخرى إلا بعد دفع مبالغ مالية، ونحن هنا نطالب بعدم احتكاك الجنود مع المواطنين لأن هذه المسؤولية من واجبات الشرطة المحلية حصراً”، وقال “لا دخل فيها للجيش ومهمة الجيش الحقيقية هي دعم القطعات الأمنية في مواجهة تنظيم (داعش) في المحافظة”.