كل شيء كان يجري بهدوء، قبل أن تنقلب سكينة الطقوس الى مزيج من صخب ورعب.. آلاف الزوار المتجهين الى ضريح الامام موسى الكاظم، والسائرين على الاقدام في مدينة الأعظمية التي ظلت وفية لوداعتها ورقيّ أهلها، عصفت بهم صيحات مجهولة المصدر مفادها أن انتحاريا دخل بينهم وسيفجر الحشود الزائرة.
وما هي الا لحظات حتى اختلف كل شيء، وارتطمت الوجوه بالوجوه، واكتظ البشر، وتلاحقت الأنفاس، حتى تسرب الهواء، وسقط عدد من المختنقين ارضا، مذكرين بواقعة جسر الأئمة التي ظلت شاخصة في نفوس الزوار على الرغم من مرور نحو عقد على حدوثها، والتي راح ضحيتها 1000 زائر أو يزيد.
ثلة من الشباب اتجهوا نحو عدد من المروجين لمثل تلك “الاشاعة” من أجل محاسبتهم، كما يروي مراسل “العالم الجديد” المتواجد قرب مكان الحادث، غير أن هؤلاء (المروجين) لاذوا بالفرار.. فيما فوجئ المارة من سرعة رد الفعل، فما هي الا ثوان معدودة، حتى شوهد عدد ضئيل من الناس وهم يهاجمون دائرة الاستثمار التابعة للوقف السني، وإحراق مولدة الدائرة، ومن ثم زادت حالة الشغب، فتم كسر وتحطيم سيارة قريبة من المكان، ليتعداها الى تخريب الدور المحيطة بالدائرة.
العيارات النارية التي أثارت رعب أهالي الكاظمية والأعظمية على حد سواء، كانت هي الرد الوحيد الذي استخدمه أفراد الشرطة المتواجدون في المكان، لتفريق الناس المتجمهرين، والمتفاجئين مما يحصل، منعا لتطور حالات الشغب.
شاهد عيان يروي لمراسل “العالم الجديد” في ساعة مبكرة من اليوم الخميس، أن “سيارات الاطفاء هرعت الى مكان الحادث، واطفأت الأماكن المحترقة، فيما سارعت قوة من مكافحة الشغب لتنتشر في المكان وتفرض سيطرتها، كما شوهد أيضا وجود عدد من القيادات الأمنية أبرزهم قائد عمليات بغداد عبد الامير الشمري”.
ويلفت مراسل “العالم الجديد” الى تواجد عناصر من الحشد الشعبي، ينتمون الى منظمة بدر وكتائب حزب الله وعصائب أهل الحق، وهم ينتشرون في مكان الحادث، ويقومون بضبط حركة الزوار الهلعين، فضلا عن تهدئة مخاوف أهالي الاعظمية، حيث طلبوا منهم البقاء في منازلهم، مؤكدين لهم انهم سيوفرون لهم الحماية الكاملة من أي اعتداء محتمل”.
وباءت محاولات “العالم الجديد” بالحصول على تصريح رسمي من قبل الأجهزة الامنية بالفشل بسبب عدم الرد على هواتفهم، غير أن عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية النائب عن حركة أهل الحق (العصائب)، قال في اتصال هاتفي، إن “العمل قام به مندسون حاولوا ان يربكوا هدوء الزيارة، ويثيروا الفتنة بين أبناء الشعب العراقي”.
ويضيف في حديثه لـ”العالم الجديد” إن “الأنباء التي تحدثت عن وجود حزام ناسف في الاعظمية، كانت مغرضة، وقد تم استغلالها من قبل مندسين قاموا بحرق بيوت وممتلكات الاهالي، الا أن ذلك لن يفت في عضد العراقيين، وسرعان ما سيتم الكشف عن خيوط الفتنة”، لافتا الى أنه أجرى عدة اتصالات مع قادة امنيين “الا أنهم ولم يردوا”.
الى ذلك، يكشف مصدر أمني في حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “فرقة عسكرية تابعة لمكتب القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي، انتشرت في الأعظمية والكاظمية، عقب صدور توجيه من قبل العبادي بتطويق الفتنة، ومحاسبة المقصرين”.
مصدر أمني آخر في الفوج الرئاسي يؤكد لـ”العالم الجديد” صباح اليوم، أن “جميع عناصر الفوج الرئاسي الخاص بحماية رئيس الجمهورية، خرج من المكتب والقصر الرئاسي”.
ويشير الى أن “الفوج الذي يشكل الأكراد معظم عناصره، انتشر لأول مرة في أحياء الجادرية والكرادة داخل، واجزاء من شارع السعدون وصولا الى الكرادة الشرقية، وحتى معسكر الرشيد، من اجل مساندة القوات الامنية، بناءً على توجيهات العبادي”.