دعا رئيس الجمهورية السابق جلال طالباني جميع العراقيين الى النزول للشارع لتنديد بالتوغل التركي والمطالبة بمحاكمة زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني ومن تعاون معه على ادخال الجيش التركي الى نينوى.
وذكر مصدر مسؤول في الاتحاد الوطني الكردستاني باتصال هاتفي مع “العالم الجديد” ان “طالباني ارسل اليوم (أمس) رسالة الى جميع مكاتب حزبه في انحاء البلاد، أكدت رفضه جملة وتفصيلا لاي احتلال غاشم للأراضي العراقية، داعيا العراقيين واعضاء حزيه الى عدم السماح للاتراك ولا لغيرهم باحتلال الموصل أو اي مدينة عراقية أخرى سواء اكانت في شمال البلاد أو جنوبه”.
واضاف المصدر الحزبي أن “طالباني ناشد العراقيين جميعا الى الاستعداد للمواجهة مع الاتراك حال رفضوا الخروج من ناحية بعشيقة شمال الموصل، مطالبا اياهم بالتكاتف وترك الخلافات، والتوحد لطرد الجنود الاتراك من الموصل”.
ولفت الى أن “الاتحاد الوطني يرى في المتواطئين مع الجيش التركي والممهدين لتوغله في الموصل من كرد وعرب قد ارتكبوا خيانة عظمى بحق الدولة العراقية الاتحادية”، مؤكدا على “ضرورة محاكمة ومحاسبة المتورطين”.
يذكر أن تركيا فاجأت الرأي العام العالمي بتوغل جيشها مطلع شهر كانون الاول الحالي، ودخول دباباتها وسياراتها المصفحة في عمق 110 كلم الى ناحية بعشيقة التابعة لمحافظة نينوى.
ولا يخفي العضو في حزب طالباني اتهامه لرئيس اقليم كردستان المنتهية ولايته مسعود بارزاني بـ”الاتفاق مع الاتراك وتسهيل دخولهم الى بعشيقة الواقعة تحت سيطرة حزبه (الديمقراطي الكردستاني)”.
ويستعد عدد من الناشطين من أهالي السليمانية للخروج في تظاهرات عصر اليوم الاثنين، عند الساعة الرابعة عصرا للتنديد بالتواجد التركي.
ونقل مراسل “العالم الجديد” في السليمانية عن ان “التظاهرات سيشارك فيها قيادات في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير بينهم كوسرت رسول وبرهم صالح”.
ولفت الى أن “حزب العمال الكردستاني سيشارك ايضا وبقوة في التظاهرات”.
وشهدت السليمانية الثلاثاء الماضي، تظاهرات ضد التدخل التركي في بعشيقة بالموصل نظمتها حركة حرية المجتمع الكردستاني بمشاركة عقيلة طالباني هيرو خان وشخصيات سياسية والمئات من ابناء المدينة. وكانت وسائل اعلام محلية قد نقلت عن هيرو خان تهديدها لمسعود بارزاني، باستمرار التظاهرات في السليمانية اذا لم يتراجع عن تأييده التواجد التركي.
واوضحت ان “الاحزاب والقوى السياسية في اقليم كردستان ممتعضة جدا من تصرفات بارزاني الاخيرة سيما دعمه لدخول القوات التركية الى ناحية بعشيقة شمالي نينوى”، مطالبة اياه بعدم اتخاذ اي قرار دون الرجوع الى القيادة الكردية. واكدت ان “تركيا اجتاحت الاراضي العراقية ونحن لن نقف مكتوفي الايدي ولكننا ننتظر موقف الحكومة الاتحادية والمجتمع الدولي وبعدها سيكون لنا رد مهم حول هذا الموضوع”، مشيرة الى “ان تركيا تسعى لتحقيق اهدفها وهو ما لا نسمح به على الاطلاق”.
ويجري وفد للاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة القيادي بالحزب ملا بختيار مباحثات في بغداد مع قادة الأحزاب العراقية الرافضة للتوغل التركي لتوحيد الصف أمام هذا المنعطف الجديد.
والتقى بختيار كلا من الامين العام لحزب الدعوة الاسلامية نوري المالكي، ورئيس منظمة بدر هادي العامري، ورئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عمار الحكيم، حيث تمخضت هذه اللقاءات عن الاتفاق على توحيد الجهود لمواجهة التحديات الارهابية والتصدي للتدخلات الخارجية في الشأن العراقي واحترام سيادة البلد واعادة العلاقات بين العراق وتركيا الى الوتيرة المتوازنة التي كانت عليها قبل التدخل العسكري، كما توافقت وجهات النظر بشأن مواجهة الارهاب واعتماد الحوار السياسي سبيلا للتوافق الوطني على اساس الدستور ومبادئ الشراكة الوطنية وضرورة تكثيف الحوار من اجل حل المسائل العالقة بين الاقليم والمركز.
وقال بختيار في مؤتمر صحفي ببغداد وحضرته “العالم الجديد” إن “علينا إفشال خطط الأعداء الطامعين بالعراق وكردستان”، كاشفا عن اجتماع مهم سيشرف عليه رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بحضور كل القوى الاساسية في البلاد، ونامل ان يتم اصدار بيان تاريخي لكي تتوضح للرأي العالمي ولمجلس الامن ولكل الدول الكبرى موقف العراق تجاه التدخل التركي في نينوى”.
وكان سكرتير المجلس المركزي للاتحاد الوطني الكردستاني عادل مراد، قد ذكر في بيان تلقت “العالم الجديد” نسخة منه أمس، ان “السياسات المتشنجة وابتعاد الرئيس مام جلال عن الساحة السياسية بداعي المرض ادى الى اختلال موازين القوى واضر بشكل كبير بالعمق الكردي في بغداد، وادى الى تراجع العلاقات مع الحلفاء التاريخين”.
وشدد مراد على ان “الاتحاد الوطني الكردستاني متمسك بعلاقاته التاريخية مع حلفائه من القوى العربية العراقية، ولن يتخلى عنها تجاوبا مع المخططات الطائفية التي تحاك في المنطقة والتي تهدف لبث الفرقة بين مكونات العراق”.
وكان مجلس النواب قد استضاف في جلسته يوم أمس وزير الخارجية ابر اهيم الجعفري في دعوة عامة لمناقشة التدخل التركي في شمال العراق، حيث شرح الخطوات التي قامت بها وزارته لمجابهة هذا التوغل بالتأكيد على ايصال رسالة استنكار الى السفير التركي وابلاغه برفض اي انتهاك، كما تم حث مجلس الامن الدولي على مطالبة تركيا بسحب قواتها فورا من العراق، منوها الى ان الخارجية كانت قد بذلت جهودا لتطويق الازمة من خلال الاتصال بوزير الخارجية التركي الذي وعد بعدم ارسال قوات جديدة، لكن تم ابلاغه بأهمية سحب القوات التركية فورا.
وبين الجعفري ان وفدا تركيا اجرى حوارات في بغداد وابلغناه بسحب القوات التركية فورا لتطويق الازمة مع انقرة، منوها الى ان الوفد وعد وزارة الخارجية خيرا بالموافقة المبدئية بعد ابلاغ القيادة التركية الا ان النتائج جاءت خارج المتوقع مما دفع العراق الى طلب اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب، فضلا عن دعوة سفراء الدول الخمسة الكبار الاعضاء في مجلس الامن الذين ايدوا العراق وشجبوا التدخل التركي.
واشار وزير الخارجية الى ان الجهود بقيت مستمرة مع كل الدول ومنها الدول العربية التي تجاوبت مع الرؤية العراقية في ان ماجرى يمثل انتهاكا للسيادة، مشددا على حرص العراق على توطيد العلاقات مع مختلف دول الجوار والعالم شرط عدم انتهاك سيادة العراق كونها خطا احمر، موضحا ان العراق لم يكلف روسيا في التحدث نيابة عنه في مجلس الامن او الدخول في تحالف معها.