يارسول الله، ائذن لي في يوم ميلادك المهيب ان لا اهنيك بل أعزيك..
أعزيك على دينك، فقد محونا عنه كل ملامحه الجميلة؛ رحمته، إنسانيته، محبته، شفقته، رأفته، ثم فصَّلناه وفق أحقادنا ومصالحنا، ومشتهياتنا.
أعزيك على حال اتباعك فإنهم أشد ظلما على ابناء جلدتهم حتى من أعدائهم..
يارسول الله ألم يأمرك ربك ان تجادل المخالفين لك بالتي هي احسن فقال لك عز من قائل: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)؟ يعني لا الحوار وحده يكفي ولا الدليل وحده يكفي ولا ان يكون الدليل قويا ومقنعا حتى يكفي بل فوق كل ذلك لابد ان يكون الاسلوب ليس حسنا فحسب بل احسن!!..
فأعزيك يانبي الرحمة إذ اصبح اتباعك بلا حكمة، ولا موعظة حسنة، ولا جدال بالتي هي احسن.. أصبحوا ولغتهم مع من يخالفهم قطع الرؤوس، وجز الرقاب، اصبحوا ولعن الاخر وشتم مقدساته هو الاسلوب السائد بينهم.. والانكى من ذلك يارسول الله صار من يدعو الى العودة الى قيمك واسلوبك منحرفا متهما في دينه.
يارسول الانسانية ألم يقل لك ربك مع علو منزلتك وارتفاع درجتك: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ)، وقال تعالى: (ومن تولى فما ارسلناك عليهم حفيظا)..
أعزيك يا نبيّ الانسانية فان رجالا من امتك نصبوا انفسهم مسيطرين، وحفيظين على الناس يكفرون من يشاؤون ويقتلون من يشاؤون كل ذلك باسمك وهم يدعون اتباعك..
يا حبيبي يا محمد العظيم، ألم يبين لك ربك ان المؤمنين بك وغيرهم من المخالفين لك حتى المشركين انت لاتحكم بينهم من منهم في الجنة ومن منهم في النار؟ وأن ذلك من شؤونه تعالى وحقه الذي لا ينازع عليه؟ فقال تعالى: ( إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِينَ هَادُوا۟ وَٱلصَّٰبِـِٔينَ وَٱلنَّصَٰرَىٰ وَٱلْمَجُوسَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُوٓا۟ إِنَّ ٱللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ شَهِيدٌ).
فيا رسول الله أعزيك، فإن قوما من مدعي اتباعك نازعوا الله على سلطانه فها هم يوزعون صكوك الجنة، وقسائم النار على وفق مشتهياتهم وطبق مقاييس ابتدعوها هم ما انزل الله بها من سلطان..
يارسول الله أنبئك أن معالم دينك قد تبدلت وتغيرت.. هجرنا تعاليمك.. ما عاد دينك يروي ظمأ الارواح المتعطشة للفضيلة، المفتشة عن قيم الحب والكرامة، والانسانية. فاصابها الجدب والتصحر.. تحول دينك الى ممارسات لاتغني ولاتسمن.. ممارسات لا تغور في اعماق الذات لتنير ظلمتها، وتصلح فاسدها.
اصبح الحديث عن الانسانية.. الاخلاق.. القيم.. العقلانية حديث ترف لايصغى اليه عند اتباعك.. فتبدلت الرحمة انتقام ، والمحبة كراهية، والاخوة عداوة والشفقة احقاد!
عزائي يا نبي الرحمة لم ولن ينتهي بعد لكن لا أحب ان اوجع قلبك المرهف الحساس، كيف والمسلمون اصبحوا في حال لايحسدون عليه: تخلف بل تقهقر.. أمية.. جهل.. خرافة.. تناحر.. تباغض.. تشتت.. تحاقد.. تقاتل.. تيه.. فقر.. فساد.. تبعية.. تقليد أعمى.. ضعف.. انحطاط..
خطيب وباحث اسلامي