صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

عشائر السنّة تغسل عار داعش

في بداية شهر آذار، انطلقت عمليات تحرير واسعة في جبهات الأنبار وديالى وصلاح الدين، بشأن تحجيم مساحة سيطرة تنظيم الدّولة (داعش)

في بداية شهر آذار، انطلقت عمليات تحرير واسعة في جبهات الأنبار وديالى وصلاح الدين، بشأن تحجيم مساحة سيطرة تنظيم الدّولة (داعش). ولا تزال القوات الاتحادية تتعافى وتمسك بزمام المبادرة بعد شهور من محاولات إعادة الهيكلة لأربع فرق عسكرية أصابها الضرر الكبير في بنيتها، وهناك مخطط قيد تجاوز مرحلة النقاش وهو تكوين قوات خاصة من خلال دمج قيادة قوات العمليات الخاصة التابعة لجهاز مكافحة الإرهاب مع قيادة قوات الرد السّريع، ضمن قيادة جهاز مكافحة الإرهاب، وتكون قوة مرتبطة بالقائد العام للقوات المسلحة إلى حين إقرار قانون جهاز مكافحة الإرهاب في البرلمان!

 

إذا انهار تنظيم الدّولة في هذه المحافظات، فسيُبشر ذلك بتحرير نينوى والسيطرة على الحدود العراقية السورية.

ولا تزال هناك بعض الأمور العائقة بين السكّان المحليّين من العرب السنة وبعض التصرفات الفردية من فصائل الحشد الشعبي. وحاليا تنصب الجهود  الحكومية بالأساس على آليات تنظيم عمل قوات الحشد الشعبي، فالطرفان يمكنهما الآن الاتفاق على عدد هذه القوات التي يمكن للقوات الاتحادية أن تستخدمها لحماية حزام بغداد، وسامراء وبلد والدجيل وآمرلي والخالص والعظيم.

 

ويمكن الانتفاع من قوات الحشد الشعبي بشكل تام إذا وثقت إيران والولايات المتحدة في بعضهما بعضا في ملف الحرب بالضد من تنظيم الدّولة (داعش).

وصورة تنظيم (داعش) في المناطق التي يسيطر عليها هي الأسوا والأكثر غِلْظَة، فهو ينفق على من ينتمي له ومن يناصره في نينوى ومناطق من الأنبار، ومن يساند التطرف والوحشية في القتل والحدود والتعزيرات، كما أن مسؤوليه يفرضون الضرائب والغرامات المالية الكبيرة. أضِف إلى ذلك معاملة التنظيم الوحشية والظالمة للأقليات والنصارى.

 

مرّت شهور منذ هزيمة العاشر من حزيران، وقد تغيّرت البنية التحتية لنينوى والأنبار كثيرا، إذ انخفضت إلى حد اليأس في توفير الحد الأدنى من الخدمات الإنسانية فيها، كما تبيّن التغطية الخاصة لمدوني محافظة نينوى والأنبار في مواقع التواصل الأجتماعي. فبنزوح الكثيرين من أهالي نينوى والأنبار إلى كردستان، أصبحوا أكثر حاجة وأشد فقرا، وزادت رغبتهم في الهجرة خارج العراق من خلال طلب اللجوء.

 

يلتحق أكثر من 5% من شباب القرى والأطراف بالتنظيم، بعد أن كان يلتحق 30%  في بداية 2014. هذا بينما فقد الاعتدال الديني بريقه وارتفع رصيد التطرّف بعد إعلان الخلافة. كذلك تراجع المجتمع المدني الذي طالما تميز به سكّان نينوى ومدن الأنبار. وبمرور الوقت، أصبحت أعداد الوافدين للهيئات الشرعية تتكاثر لإعلان التوبة والبيعة. وبينما تعلن الخلافة على أرض نينوى والأنبار في العراق، يبدو على الناحية الأخرى أن الفصائل السنّية لا تعترف بها.

 

تنظيم الدّولة ليس بالديمقراطي أو يجيد الحوار. مجلس الإمارة، البغدادي ونوابه، هو صاحب القول الفصل، ولكن دوره هو قيادة وإدارة ووضع الإستراتيجيّات العامة للولايات والملفات المختلفة، وهي مكونة من المئات من العسكر والأمن والشرعيين والإداريين والإعلاميين والماليين والفنيين والأكاديميين ورجال الأعمال، ورُغم أن هذا لا يجسد الشورى بأي شكل، فإنه بمثابة سياق جهادي شرعي.

 

البغدادي يراهن على الوقت لأن التناقض السياسي والطائفي الداخلي يصب في مصلحته أكثر مع الوقت، فهو يحتاج إلى مخرج من التقاطع مع جبهة النصرة وبقية الفصائل السلفية. فبعد نسبة سيطرة على 30% من العراق، و32% على مدار الشهور الماضية، انكمش التمدد بـ100% بعد 23 أيلول، وخسرت داعش محافظة ديالى ومعظم محافظة كركوك وصلاح الدين.

 

ويسهم تهريب النفط في دفع كلف التجنيد والعمليات اليوميّة، ولكن تراجع عمليات تهريب النفط مؤخرًا بـ80% يضغط على تنظيم الدولة أكثر. وتقع مخازن سلاح التنظيم في مناطق حدودية وصحراوية، وأيضًا في منطقة مضطربة عشائريا.

 

حيادية العشائر في المناطق الغربية تحوّلت بالضد من التنظيم أيضا، فبعد أن كانت العشائر أقل حماسة في إسناد القوات الاتحادية؛ أصبحت اليوم مندفعة للتعاون مع الحكومة الجديدة وخاصة بعد مجزرة البونمر!

 

عشائر العراق، كسائر مكونات المجتمع، جزء أصيل لا يتجزأ من نسيج العراق. وشيوخ العشائر وأمراؤها الكرام لهم كل التقدير والاحترام والمحبة لمكانتهم ودورهم الاجتماعي المهم من خلال عشائرهم الكريمة أو من خلال الموروث الاجتماعي الذي يمتاز وينفرد به العراق.

 

تشرفت خلال السنوات الماضية بلقاء عدد منهم في مناسبات اجتماعية مختلفة وكم أسعد حين يستذكرون لي عراق الزمن الجميل وقصص الآباء والأجداد وحين يقدمون لي النصح حول مختلف قضايا الحياة والسياسة. والدور الأبوي الذي يمتازون به هم وغيرهم له أثر كبير وإيجابي في المجتمع. وهم رواد النهضة العراقية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وما كان العراق ليكون كما عرفناه لولا دورهم.

 

الخطوات الشجاعة التي اتخذتها عشائر السنة في صلاح الدين عبر إعلان الحرب ضد داعش، وبمعية الحشد الشعبي، تدل على وعي أعيان وشيوخ هذه العشائر ومراعاة مصلحة الوطن بدلا من مصلحة الطائفة والقومية.

 

وهناك قليل من شيوخ العشائر وشيوخ الدين كانت أصواتهم شاذة ومتوافقة مع آراء المخابرات الإقليمية، وهي لا تريد لداعش البقاء، ولكنها لا تريد له الهزيمة على يد الحشد الشعبي، معادلة بائسة دفعتهم لتشويه العشائر السنية ووصفها بالعمالة والصفوية، وتضخيم وتهويل الأخطاء التي تقع على أيدي بعض مقاتلي الحشد الشعبي الغاضبين.

 

لا اعتراض لدي على تعبيرهم عن آرائهم الشخصية كمواطنين، ولكن أن لا يكون التصريح بمثابة أوامر توجيه لجميع أفراد العشيرة أو المذهب. بعض شيوخ الدين أصبح يتقلب مع مذهبه الديني، كما تنحدر الكرة من أعلى إلى أسفل، حتى قال أحدهم إن “شيوخ الدين أشد تقلبا من الحرباء فوق الشجر”.

 

معارك تحرير حمرين والعلم والدور غسلت عار داعش الذي جلبه بعض أبنائهم إلى مدنهم وقراهم. نعم شيوخ عشائر الجبور وشمر والجيسات والمجمع والعزّة.. أنتم علية القوم بالنسب والحسب فلا تضيعوها بالركض خلف الساسة الطائفيين!!

 

تجربة صلاح الدين ينبغي أن تكرر في الأنبار، وعلى شيوخ عشائر الأنبار نصح الشباب بالحكمة والموعظة الحسنة وسرعة نبذ الفتنة.

نصيحة الى شيوخ العشائر في العراق بالمسارعة في غسيل عار داعش عن عشائرهم.

إقرأ أيضا