تحليل: عشية انتهاء مهلة الصدر للعبادي.. تساؤلات الخيارات المفتوحة؟

عشية انتهاء المهلة التي منحها مقتدى الصدر قبل ايام لرئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي

عشية انتهاء المهلة التي منحها مقتدى الصدر قبل ايام لرئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي.. يثار جدل كبير بين النخب السياسية والثقافية والمتابعين للشأن العراقي عما يمكن ان تسفر عنه النتائج في مرحلة ما بعد تهديد الصدر للعبادي بسحب الثقة.

الكثير يتساءل: هل سيقدم العبادي يوم غد الخميس، قائمة بوزراء تكنوقراط..؟ هل يختزل الامر باستبدال بعض الوجوه فقط وكسب الوقت..؟ ثم ماذا بإمكان الصدر ان يعمله اذا ما رفض العبادي الانصياع لتلك المهملة كما لوّح بعض النواب من الكتلة التي ينتمي اليها العبادي؟!

بخصوص العبادي، فإنه لم يبد رباطة جأش في هذه الازمة، بل بدا مرتبكا اكثر من السابق، واكتفى بمشاهدة تحركات الاخرين ثم قام بردّة فعل ما تجاهها. حال العبادي المرتبكة هذه مختلفة عما هو الحال مع الاخرين، حلفاء العبادي الذين أتوا به للسلطة في آب اغسطس عام 2014 بدوا ممتعضين من تصرفاته، وخصوصا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، فهذا الاخير وجّه ردا قاسيا للأول على خلفية خطابه الذي حاول من خلاله رمي الكرة في ملعب الكتل التي قال انها لا تتفاعل مع الاصلاح. إذ خاطب الصدر حيدر العبادي قائلا: “لا تكثر من وعودك بلا نفع”. ذلك الرد وحده كافٍ ليظهر قناعة زعيم التيار الصدري برئيس الوزراء الحالي.

العبادي تأخر وتردد في ملف الاصلاحات، فوّت على نفسه فرصة اختيار اسماء من الكفاءات التي تناسبه وعرضها على البرلمان، وبالتالي احراج الكتل بخطوة سياسية اكثر جدية وبقي مترددا وتائها بين جدل الكتل وتقلبات مواقفها بالسر والعلن.

من جهة اخرى، ورغم أن خطوات التيار الصدري بدت اكثر نجاحا بالقياس لخطوات حيدر العبادي، ورغم ان التيار الصدري حقق مزيدا من التأييد الجماهيري وتصدّر المشهد في ملف “الاصلاح” يلامس حياة المواطن العراقي وهمّه الخدمي. وذلك مكسب سياسي من الوزن الثقيل الا انه في مجال الاصلاح الحقيقي لازالت الامور غير واضحة، فهل ستسفر تلك المغامرة “الصدرية” عن تغيير هادف ام تنتهي بما لا يحمد عقباه؟! ماذا لو تعنتت الكتل السياسية.. ما هو اقصى ما يمكن للصدر ان يفعله؟! هل يدخل المنطقة الخضراء ويسقط التجربة التي ساهم بنجاحها وفشلها؟! فالكتل السياسية لا ترضى بالانصياع للصدر بسهولة، إذ ان شرف الاصلاح مثل مشروع خدمي ناجح.. لن يسمح اي من الاطراف تمريره على حسابه ودون ان يحفظ فيه مكتسباته ضمن الحدود الدنيا. إن تحقيق ما يريده مقتدى الصدر يعني نصر سياسي كبير للتيار الصدري لا تسمح به الكتل الاخرى.. انطلاقا من ذلك فهل يستخدم التيار الصدري القوة والسلاح..؟! الاخرون لا ينقصهم ذلك! فلكل كتلة ذراع مسلح تستخدمه حينما تحين اللحظة المناسبة.

تلك المعطيات قد تدفع التيار الصدري الى الخضوع لطاولة التغيير تحت خيمة “المحاصة والتوافق” وان التغيير الذي يتوقع ان يحصل قريبا لن يكون انقلابا على جوهر ما تم اتباعه طوال العقد الماضي. هذا الخيار تشجّع عليه التفاهمات الاقليمية والدولية، فالعراق لازال ساحة صراعات دولية لم تحسم بعد ولم يتم التفاهم بشأنها بشكل نهائي، نعم كان الاتفاق النووي الايراني فيه شيء من التفاهم لكن الطرف الروسي لازال يبحث عن فرصة اكبر في العراق. وان خطوة بهذه المباشرة كالتي يقدم عليها التيار الصدري لا ينبغي ان تتجاوز حجمها الطبيعي وفقا لمزاج اللاعب الدولي. اللاعب الدولي قد لا يدخل في صراع عسكري بهذه السهولة مع اي طرف حاليا في العراق، لكن في نفس الوقت لن يسمح بتمرير تغيير شامل في العراق بين ليلة وضحاها، بعيدا عن اي حسابات وتعقيدات اقليمية ودولية في وقت ان المنطقة برمتها اعيد ترتيبها بحيث تكون سياقات الاحداث فيها تمشي ضمن مسارات محددة، حتى وان اخفق احد اللاعبين الدوليين وتراجع خطوة للخلف فإن هذا لا يغير المعادلة برمتها. ما يجري الحديث عنه من اصلاح لا يمكن ان يخرج عن النص في نهاية المطاف.

من هنا كان على الصدر وحلفائه عدم اغفال التنسيق مع الاطراف الدولية والاقليمية اذا ما اراد لحركته ان تنجح خصوصا وان الامريكان ابدوا استعدادهم للقاء الصدر وهذا بصراحة تحول ان لم يتم استغلاله فالأمريكان سيكونون في حل من امرهم. هذه رسائل سياسية من لم يتلقفها يفوّت الفرصة.

وبالمحصلة فإن الحالة العراقية تمثل الان مشهدا سياسيا مثيرا جدا وربما غير مسبوق، لكن في كل الاحتمالات فإن نهاية الاسبوع ليست كافية لاستيعاب سقف الاثارة واسدال الستار على ذلك المشهد المثير.

إقرأ أيضا