في ذروة التصعيد على مستوى الخطاب السياسي بين تركيا والعراق حتى وقت قريب لم يتحدث رجب طيب اردوغان الرئيس التركي بوضوح ومباشرة صارخة كما تحدث في تصريح له ادلى به مؤخرا مع قناة خليجية حينما قال: “الموصل لأهل الموصل وتلعفر لأهل تلعفر. ولا يحق لأحد أن يأتي ويدخل هذه المناطق، يجب أن يبقى في الموصل بعد تحريريها أهاليها فقط من السنة العرب والسنة التركمان والسنة الأكراد، لا يجب أن يدخل الحشد الشعبي للموصل”.
اردوغان الذي اكد في مناسبات سابقة ان تركيا ستكون مشاركة بتحرير الموصل اكد ايضا في رسالة عبر وجهها من خلال وسائل الاعلام الى البلدان الخليجية ان الخليجيين والاتراك لا ينبغي ان يكتفوا بالمراقبة وان عليهم المشاركة هذه المرة.
تبدو تركيا الاردوغانية عازمة هذه المرة على الدخول الميداني في العراق وان تفرض كلمتها وحضورها كطرف فاعل على الارض العراقية ويتحرك بترسانة عسكرية تؤثر في صناعة القرار السياسي، كما فعلت ذلك على مرأى ومسمع الجميع في جرابلس السورية. الرئيس التركي يتحرك بدعم ايضا من البرلمان التركي الذي صوّت مؤخرا على تمديد تفويض الجيش التركي في العراق وسوريا عاما آخر.
تحرك تركيا هذه المرة مختلف عن الغطاء الذي كانت تتحرك من خلاله في البلدين وخصوصا في سوريا فيما سبق، سيما الدعم المقدم تحت الطاولة للحركات المسلحة السورية المناهضة للنظام السوري، تركيا تريد ان تتحرك في سوريا والعراق بشكل معلن وتحت لافتة تبدو اكثر اقناعا وهي الحفاظ على الامن التركي، وكذلك تحت ذريعة مساعدة قوات البيشمركة وتشكلات اثيل النجيفي المسلحة من عشائر الموصل، ولهذا تتواجد منذ عدة اشهر في منطقة بعشيقة قرب الموصل حيث ارست لها قاعدة عسكرية هناك. رغم ان الحكومة العراقية رفضت ذلك من خلال جملة من المواقف جاءت على لسان رئيس الوزراء حيدر العبادي، اضافة الى البيان الذي صدر مؤخرا عن وزارة الخارجية العراقية والذي اعتبر تصريحات اردوغان “تدخلا سافرا في الشأن الداخلي العراقي وتجاوزا لمبادئ العلاقات الثنائية وحسن الجوار” الخارجية العراقية طالبت تركيا بالكف عن التصريحات الاستفزازية وعدم التدخل في الشأن الداخلي للعراق.
لقد اصبحت الموصل ازمة مدوّلة بشكل معلن، وهذا ما يؤجل عملية تحريرها حتى لو تفاهمت الحكومة المركزية مع سلطات اقليم كردستان. فكلما تسارعت الاستعدادات الميدانية من اجل تحرير المدينة وجميع قصباتها من قبضة “داعش” تتسارع بوتيرة اكبر الخلافات السياسية حول مصير المدينة والجهة التي ستتكفل بإدارتها في مرحلة ما بعد داعش، وايضا قبل ذلك الجهة التي ستشارك في تحريرها.