صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

عن القضاء الدستوري والسلطة التشريعية “ناقصة التكوين”

  لا أعرف السبب الرئيس الذي يقف وراء استمرار السلطة التشريعية العراقية في خرق الدستور…

 

لا أعرف السبب الرئيس الذي يقف وراء استمرار السلطة التشريعية العراقية في خرق الدستور وقرارات المحكمة الاتحادية العليا ما يثير الريبة حول جدية بعض الكتل السياسية في احترام مبادئ سيادة القانون.

 

المحكمة بوصفها المسؤولة عن النزاعات بين السلطات وغيرها من الصلاحيات المنصوص عليها، تعيد في كل مرة المبادئ التي اعتمدتها سابقاً في قسم من القرارات عن دعاوى تحمل نفس السيناريو وهو “الجنبة المالية”.

 

منذ سنوات والقضاء الدستوري العراقي استقر على أن مجلس النواب له الحق في اجراء مناقلات ضمن الموازنة، لكن صلاحيته تقف عند حدود فرض اعباء مالية جديدة على الحكومة من دون العودة إليها بوصفها الجهة المسؤولة عن السياسية المالية وفق المادتين 80/ أولاً، و 110 من الدستور.

 

بمعنى أن جميع المواد المضافة من قبل مجلس النواب على المشروع المرسل من الحكومة وتفرض التزامات مالية جديدة غير موجودة في ذلك المشروع تكون عرضة للنقض بمجرد الطعن فيها.

 

لكننا نجد بعد كل عمليات قيصرية لاقرار الموازنات الاتحادية قرار قضائي بالغاء نصوص من قانونها للسبب ذاته، ما يجعل المتخصصون في حيرة من أمرهم بصدّد الغرض الحقيقي وراء امعان مجلس النوّاب في تكرار الاخطاء نفسها، وكأنه يجهل آليات التشريع في النصوص المتعلقة بفرض التزامات واعباء مالية.

 

يبدو لي أن المسيطرين على المشهد داخل المؤسسة التشريعية لم يصلوا حتى الان إلى مستوى القيام بمهامهم، كما أن البعض يحاول بشكل وآخر زجّ القضاء في نزاعات ذات الطابع سياسي كما هو الحال بالنسبة لازمة جلستي البرلمان في شهر نيسان التي نجح القضاء الدستوري في وضع حلول لها وفق الاطر القانونية بما يحفظ هيبة السلطة التشريعية أمام الشارع العراقي.

 

تلك السلطة، ناقصة التكوين، بغياب مجلس الاتحاد، ما يجعل جميع ما صدر عنها على المحك مع وجود اراء فقهية قانونية تقول ببطلان جميع قوانينها الصادرة بعد نفاذ الدستور في عام 2005، مستدلين بالمادة (48) منه التي تعرف السلطة التشريعية تتكون من (مجلس النواب ومجلس الاتحاد)، وهذا يعني دخول العراق في فراغ تشريعي يهدّد مصير الدولة.

 

في حين أن المحكمة الاتحادية العليا، والتي تثار بين الحين والاخر محاولات الاجهاز على تجربتها، تمكنت من تعميق مبادئ حقوق الانسان تارة، وفي تارة اخرى وفرّت العدالة للاحزاب السياسية بالغاء فقرات صدرت مؤخراً وفق اهواء الاحزاب الكبيرة.

 

كما أن المحكمة حفظت حقوق الحشد الشعبي بعد دعوى اقامتها احدى النقابات تطالب بتحويل تخصيصات فصائله إلى النقابات والاتحادات، غير مهتمة لانتصارات هذا التشكيل العسكري الفتي والتضحيات التي قدمها المنتسبين له على مختلف الجبهات في المحافظات.

 

جميع هذه الاستحقاقات تجعلنا نقف أمام حقيقة هي نجاح القضاء الدستوري في تأسيس مبادئ عديدة تقتضي من الجميع احترامها وعدم تجاوزها.

 

إقرأ أيضا