الحديث عن وجود نوايا عسكرية للدخول في غمار عملية تحرير الموصل بدأ يأخذ جدية أكبر بعد أن أبدى أبرز الاطراف المعنية “الحشد الشعبي” و”الادارة الاميركية” رؤيته عن الاحتياجات العسكرية التي تتطلبها هذه المهمة.
الفريق الأول “الحشد الشعبي”، يبدو واضحا في أنه يرفض وبشدة الاستعانة بأي قوة أجنبية برية في عملياته العسكرية سواء في الموصل او اي مدينة أخرى، وقد أعلن بدئه الاستعدادات لعملية اقتحام الموصل خلال مدة اقصاها شهرين.
وبحسب المتحدث الرسمي باسم هيئة الحشد الشعبي أحمد الاسدي، فان الحشد والقوات الامنية وضعا خطة “تقتضي تحرير كامل صلاح الدين وكركوك للاقتراب من حدود نينوى، حيث لايمكن تحريرها إذا لم يتم تأمين طرق الامدادات للقطعات التي ستحتشد عند حدود المحافظة، لذلك فان تحرير صلاح الدين وكركوك سيمهدان الطريق لتحرير نينوى”.
يأتي ذلك بالتزامن مع اعلان عضو مجلس محافظة نينوى، بنيان الجربا، عن وجود 6 آلاف مقاتل من مدينة الموصل أكملوا تدريباتهم قبل يومين للدخول في المعركة المقبلة ضد تنظيم (داعش)، لافتا الى ان “المقاتلين سينخرطون ضمن صفوف الحشد الشعبي بعد أن تم تدريبهم في ثلاثة معسكرات تقع عند الحدود الفاصل بين محافظتي اربيل ونينوى”.
أما الفريق الثاني المتمثل بالجانب الأميركي فانه يرى أن تحرير الموصل من سيطرة التنظيم المتطرف بحاجة الى قوات برية مدربة على حرب الشوارع، ونقلت صحيفة الواشنطن بوست المقربة من البيت الأبيض عن قادة عسكريين أميركيين مخاوفهم من عدم قدرة الجانب العراقي على خوض تلك المعركة.
وقالت الصحيفة في تقرير موسع إن “النجاحات المتحققة في الاشهر الاخيرة على يد قوات البيشمركة والقوات العراقية والمدعومة من قبل الضربات الجوية التي نفذها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة تواجه تحديا جديدا خصوصا فيما يتعلق بعملية استعادة السيطرة على بعض المدن العراقية الأكثر أهمية والتي ماتزال خاضعة تحت سيطرة (داعش)”.
وأضافت الصحيفة، أن “محاولة استعادة مدينة الموصل، وكذلك تكريت والفلوجة اختبارا ليس عسكريا فقط للقوات العراقية، بل يمثل استراتيجية مهمة للبلاد التي تواجه توترا طائفيا”.
المراقبون للشأن السياسي لم يستبعدوا نجاح الحشد الشعبي والقوات الامنية في الوصول الى الموصل، وفقا لمعطيات الارض والانتصارات التي تتحقق اليوم. إذ يقول المحلل السياسي جاسم الموسوي، ان “القوات الأمنية مدعومة بسرايا الحشد تمكنت من تحقيق انتصارات مهمة على تنظيم (داعش)، ومن الممكن الوصول الى أعتاب نينوى وفق الجدول الزمني الذي وضعته هيئة الحشد الشعبي”.
ويضيف الموسوي في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “استحضارات تحرير الموصل اتضحت بعد نجاح التحالف الدولي في تقييد حركة التنظيم، وتوغل قوات البيشمركة في المحافظة”.
وكثيرا ما اتهمت فصائل في الحشد الشعبي في مناسبات عدة، التحالف الدولي باتباع سياسة الكيل بمكيالين في الحرب ضد (داعش)، والسعي للتواجد البري في العراق, لاسيما بعد تصريحات القادة الأميركيين التي نقلتها صحيفة الواشنطن بوست والمشككة بقدرة الجانب العراقي على تحرير الموصل بمفرده.
لكن هذه الاتهامات “السابقة” او “اللاحقة المحتملة”، يراها البعض بأنها تحمل شيئا من المبالغة لان التواجد البري او انشاء قاعدة اميركية في العراق لا يمكن له ان يتم دون طلب من الحكومة العراقية.
ويقول الناشط والصحفي العراقي رضا الشمري، إن “السبب الوحيد الذي قد يدفع بغداد للتقدم الى هكذا طلب هو تزايد حدة تهديد (داعش)، لكن بانتفاء هذا التهديد لن يعود هناك مبرر لهكذا طلب”.
ويضيف في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراق يمتلك الان ورقة الحشد الشعبي، وتطوير الجيش للخلاص من (داعش) بجهود عراقية، وان تحقق هذا فانه لن يتقد بطلب التدخل البري الاميركي، لان هذا يعني اعادة الصراع الايراني الأميركي على أراضيه، وهذا ما لايريده كل من العراق وإيران ولا حتى الولايات المتحدة”.
يبقى أن نعرف بأن التنظيم المتطرف سيعمل وبكل قوة على البدء باستعداداته الدفاعية تحسبا لوصول نيران الحرب الى الموصل, وفي اقتناع المختصين فان (داعش) سيتخذ أسلوب الكر والفر لابقاء الحرب قائمة في المحافظات الأخرى، ومنع وصول الجيش العراقي، والحشد الشعبي الى نينوى. كما يرون بأن أسلوب حفر الخنادق وتلغيم حدود المحافظة ستكون في مقدمة اجراءات (داعش) الدفاعية في حال حانت ساعة الصفر.