كلبهم البائس
هذا الكلب المزعج:
أصحابه لا يريدونه فاعطوه لنا، أبعدناه وضربناه على رأسه وقيدناه .
نبح، لهث، ودفع الأرض بقوائمه.
أرجعناه إليهم.
أبقوه معهم لفترة.
نقلوه بعدها إلى ملجأ الحيوانات. وضعوه هناك في قفص بأرضية اسمنتية.
يأتي الزوار وينظرون إليه. يقف على الاسمنت بقوائمه الأربع ذوات اللون الأبيض والأسود.
لا أحد يريده.
لا يتمتع بمواصفات جيدة. لم يعرف الكلب ذلك.
استمر وصول كلاب جديدة للملجأ. بعد فترة ضاق المكان ولم يعد له من متسع.
نقلوه إلى غرفة القتل الرحيم ليقتلوه، كان عليه الدوران حول الكلاب الاخرى الموجودة في الغرفة. قفز وسحب. أرعبته الكلاب الأخرى، وأرعبته الرائحة.
حقنوه بإبرة، تركوه يسقط في مكانه، وذهبوا لجلب كلب آخر.
ولكي لا يهدروا الوقت فانهم، وعلى الدوام، كانوا ينتظرون حتى نهاية العمل ليجمعوا الكلاب الميتة ويتخلصوا منها دفعة واحدة.
…….
الكلب
نحن على وشك مغادرة مكان يحتوي على حديقة زهور ونافورة. أنظر من نافذة السيارة وأرى كلبنا ملقى على نقالة متحركة قرب مدخل ما يبدو وكأنه سقيفة. ظهره يواجهنا. يستلقي دون حركة. هناك زهرتان موضوعتان على رقبته، واحدة حمراء والأخرى بيضاء. التفت عنه ثم أعاود النظر- أريد أن أنظر اليه لمرة أخيرة. ولكن مدخل السقيفة فارغ. في تلك اللحظة ذاتها اختفى الكلب: لحظة سريعة جدا، دفعوا النقالة بعيدا.
حلم
اودون فون هورفاث يخرج للتمشي
في احدى المرات كان اودون فون هورفات** يتمشى في جبال الألب البافارية عندما عثر، على مسافة من الطريق، على هيكل عظمي لرجل. كان الرجل بلا شك مسافرا مشّاءً، اذ انه كان يرتدي حقيبة الظهر. فتح فان هورفاث الحقيبة، والتي بدت وكأنها جديدة. وجد، في داخلها، بلوزة وبعض الملابس؛ حقيبة صغيرة تحتوي على ما كان مرة طعاما؛ يوميات؛ ومعايدة مصورة لجبال الألب البافارية، مهيأة للبريد، تقول “أمضي وقتا مدهشا”.
رجال
هناك أيضا رجال في العالم. أحيانا ننسى ذلك، ونعتقد بانه ليس هناك سوى النساء- تلال وسهول لا متناهية من نساء بمنتهى الجاذبية. نلقي بعض النكات ونواسي أحدنا الآخر وتمضي حياتنا بسرعة. ولكن بين الحين والآخر، حقيقة، ينبثق رجل فجأة من بيننا كشجرة بلوط، وينظر ببربرية إلينا، فنهرب متقافزين كأمواج عالية لنختبئ في الكهوف والوديان حتى يختفي.
الباحثات عن زوج
تهبط أسراب من النساء على جزيرة، بحثا عن أزواج من قبيلة شباب بمنتهى الجمال. تهب الأسراب عبر البحر كبراعم قطن او بذور نباتات برية، وعندما تقابل بالرفض تتراكم على الساحل ككومة طافية من صوف أبيض.
- تعتبر الكاتبة الأميركية Lydia Davis ليديا ديفز (1947) من أبرز الأسماء التي كتبت ما يعرف بالقصة القصيرة جداً. نشرت ديفز أكثر من ست مجاميع قصصية بالاضافة إلى أعمال مهمة في الترجمة والنقد. بعض قصصها لا تتجاوز السطر الواحد والكثير منها يلغي الحدود بين الأجناس الأدبية ويمكن قراءته كقصيدة نثر أو حتى مقالة قصيرة.
** كاتب مسرحي مجري- نمساوي (1901-1938)