صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

كافافي من وجهة نظر بعثية!

للبعثيين، ساسة وأدباء، شوارب دائمة الارتجاف، غضباً، من شيء ما، أو أحد ما

للبعثيين، ساسة وأدباء، شوارب دائمة الارتجاف، غضباً، من شيء ما، أو أحد ما. المهم انها ترتجف بغض النظر عن حالة الطقس؛ مبعث ارتجافها داخلي صرف؛ تغذيه شراسة يحاول بعض أدبائهم ومثقفيهم تغطية أتونها المشتعل بشتى السبل، كأن يتغنون بوطنيتهم “آخر ملاذ للأنذال”، أو بعصافير بلادهم السعيدة في تنقلها الهوائي المرح بين شوارب هذا وذاك من رفاق مدرسة العقاب الجماعي.

 

لم ينج من هزة شواربهم الغضبى أحد من مناوئيهم، من لم يُتهم بعروبته أُتهم بعراقيته باعتباره تبعية. من كُتبت له النجاة.. من تشمم كلابهم المدربة لأصوله العرقية، أوقعوه في فخ انتماء ما إلى حزب لا يتفق ورؤيتهم للعالم. وهم، إلى ذلك، وسواه، يعانون من أمر لا يليق بأمثالهم، من ذوي القلوب الوطنية الرقيقة والشوارب الغليظة، المعاناة من أمر مثله؛ ألا وهو انحراف كلاب الصيد العقائدية من وظائفها القومية في تشمم أفكار الآخرين، وافرازاتهم العرقية، إلى تشمم مؤخرات بعض كبار كتاب العالم من ذوي الميول اليسارية، أو المرتبطة باليسار، وأفكاره الإنسانية، ارتباطاً حراً. فبعد ان ولغوا في سيرة أبي نواس، أو مهرج الملوك على حد تعبير زعيمهم الراحل – بسبب من اصوله الفارسية – طبعاً – جاء الدور على لوركا ورامبو، وكان سبقهما إلى ذلك السياب والبريكان لأسباب لا تتعلق بميولهم الجنسية، الطبيعية، ولكن، لأسباب تتعلق بمنحدرهم الجنوبي! هكذا؛ وكأن على كل إنسان العودة – قبيل ولادته!- إلى دهاقنة علم الجمال البعثي، لسؤالهم عن آرائهم في ميوله الجنسية، وعن رضاهم، من عدمه، عن مكان ولادته!!

 

آخر ضحاياهم، وأكثرهم وداعة وشهرة، هو الشاعر اليوناني – شاعر الاسكندرية – كافافي، في مقالة طويلة، مملة، عنه، منشورة في صحيفة القدس العربي لمؤسسها القومجي الجميل (عبد المنتقم عطوان).. مقالة كتبها شاعر من أشد شعراء البعث سميةً، ومكراً، وإصراراً على البقاء مخلصاً لنهج حزبه الفاشي والمعوج.. شاعر لا يغمض له جفن، في آخرة ليله البعثي الزيتوني الطويل، قبل أن ينهي كتابة قصيدة في التشفي من عويل ضحاياه، من الشيوعيين، في سراديب تحقيق صال فيها وجال “خدينه” حميد سعيد. أعتقد أنكم عرفتم الشاعر المعني من جملة أوصافه الشهيرة، المذكورة آنفاً: إنه سامي مهدي. والسؤال، هو: ما الذي أراد سامي قوله عن تجربة اليوناني الكبير في مقالته العصماء؟ ما أراده هو اثبات عدم أهمية قصائد كافافي الايروسية، مفضلاً عليها قصائده، الأخرى، التاريخية، مستشهداً على صحة ما يورده من حجج بأبيات من قصائد الشاعر الايروسية نفسها، ليستنتج منها، حالما ينتهي من إيراد أبياتها المجتزأة، حكمه الجائر، والذي مؤداه: قصائد كافافي الايروسية مجرد استمناء ذهني؛ أي أن صاحبها لم يكتبها بدافع من دوافع الفن الأصيلة!! فلئن كان رهاب المناطقية هو دافعهم الرئيس إلى شتم شعراء الجنوب العراقي، والعرقية المقيتة دافعهم إلى تشويه صورة أبي نؤاس، فإن رهابهم الجنسي هو المتحكم الأول في اهتزاز شوارب شاعرهم الممسوس سامي مهدي، في مقالته، سيئة الصيت، عن شاعر الاسكندرية العظيم.

 

إقرأ أيضا