صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

لماذا امتنع الشيوعي العراقي عن التعزية بوفاة نوشيروان مصطفى؟

  منذ الجمعة الماضية والاحزاب والتيارات السياسية العراقية العربية والكردية والمسيحية وغيرها من مكونات الشعب تصدر بيانات تعزية بوفاة زعيم حركة التغيير (الكوران) نوشيروان مصطفى، الا الحزب الشيوعي العراقي لم يعز بالمناسبة

 

منذ الجمعة الماضية والاحزاب والتيارات السياسية العراقية العربية والكردية والمسيحية وغيرها من مكونات الشعب تصدر بيانات تعزية بوفاة زعيم حركة التغيير (الكوران) نوشيروان مصطفى، الا الحزب الشيوعي العراقي لم يعز بالمناسبة.

 

 

الامر على ما يبدو مرتبط تماما بالحادثة التاريخية التي حصلت في قرية (بشت آشان) الحدودية مع ايران في الأول من آيار 1983، التي قتل فيها أكثر من سبعين شخصا من أعضاء وكوادر الحزب الشيوعي العراقي على يد عناصر مسلحة من الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني ونوشيروان مصطفى بتهمة الولاء والتحالف مع الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني المدعوم في ذلك الوقت من قبل الجمهورية الاسلامية الايرانية. بينما كان حزب الاتحاد الوطني الكردستاني متحالف مع الحكومة العراقية وفي حالة حرب كبرى مع القوات الايرانية على الشريط الحدودي.

 

 

ونشرت صحيفة طريق الشعب الناطقة باسم الحزب الشيوعي العراقي العديد من القصص والشهادات والملفات عن هذه المجزرة واتهمت بشكل علني جلال طالباني ونوشيروان مصطفى بارتكاب جريمة بحق كوادرها في منظمة جبهة الانصار الشيوعية في ثمانينات القرن الماضي.

 

 

وطالب الكثير من ذوي الضحايا قيادة الحزب ما بعد عام 2003 بتفعيل ملف المجزرة لمحاسبة الجناة بالاشارة الى ( نوشيروان وجلال طالباني)، الا ان مطالبهم لم تؤخذ على محمل الجد بحسب شهادات شيوعيين سابقين في احدى الحوارات التلفزيونية.

 

 

وادرجت الحكومة الاتحادية ما بعد عام 2003 اسماء ضحايا المجزرة ضمن مؤسسة الشهداء وقدمت تعويضات مالية لذويهم. ووفقا لشهادات الشيوعيين فان الانصار الذين تمت تصفيتهم على يد قيادات الاتحاد الوطني الكردستاني من بينهم نوشيروان مصطفى كانوا من القومية العربية والاكثرية منهم من ابناء المحافظات الجنوبية.

 

 

وفي لقاء متلفز نفى نوشيروان مصطفى ان يكون القصد من الهجوم على معسكرات بشت آشان هو  لاستهداف الشيوعيين.

 

واوضح مصطفى انه “في تلك المرحلة كانت هناك جبهتان بالحركة الكردية، الاول تتألف من الحزب الديمقراطي الكردستاني والحزب الشيوعي العراقي والحزب الاشتراكي الكردستاني، بينما الجبهة الثانية فكانت تضم كلا من الاتحاد الوطني الكردستاني وحزب البعث بقيادة غزوان الكبيسي وغيرها من الاحزاب”، مشيرا الى ان “الحزب الشيوعي انضم الى الجبهة الثانية في فترة متاخرة”.

 

 

وبين ان “الجبهة الاولى كانت مدعومة من قبل ايران، بينما الثانية كانت تقاتلها”، مستدركا ان “معركة (بشت آشان) لم تكن موجهة بالاساس ضد كوادر الحزب الشيوعي العراقي، ولكن الاخير كان عضوا في جبهة بارزاني العسكرية”.

 

ونشرت رواية (خلف الطواحين) للكاتب عامر حسين عام 1991 تروي تفاصيل قصة مجزرة بشت آشان.

 

حيث يقول المؤلف في نهاية الرواية : وبعد المجزرة يجلس الناجون الانصار من المذبحة في مكان خارج الحدود وعند منتصف الليل يقترح عليهم أحدهم حفلة صراخ بعد أن ملّوا من الحديث والثرثرة والذكرى والشجن والمسؤولية والدم وتبدأ حفلة صراخ عارية عارمة تشبه مناحة كربلائية لثوار حلم (يقودها المؤلف عامر لكن بلا حُسين) ليس في صحراء بل في جبل، بعد أن تركوا خلفهم أكثر من سبعين شهيدا ـ كما هو عدد شهداء صحراء الرمل والغدر والفجيعة ـ لكنه ليس صراخا عاديا: انه نوع من البكاء البطولي لرجال بواسل تركوا مدنهم وقراهم ومدارسهم وزوجاتهم وحقولهم وعوائلهم وعاداتهم وصعدوا الى الجبل من اجل حلم الثورة والتغيير من دون سؤال ولا مناقشة ولا توجس ودخلوا التجربة كما يدخل درويش في حلقة نار أو صوفي في صومعته وهو يتقد بالوهج والنور والجمر والشعلة:(صرخوا كالذئاب. صرخوا كالعفاريت. صرخوا كالشياطين. صرخوا كالوحوش، كالمجانين، كالمعتوهين، كالمتسولين… وما زالوا يصرخون ولا أحد يسمع في صحراء الصمت ولا أحد يجيب.

 

 

وكلما استذكر الشيوعبون أسم نوشيروان مصطفى يستعرضون في اذهانهم مجزرة بشت آشان.

 

 

ويعد نوشيروان مصطفى، الذي توفى الجمعة الماضية سياسيا كرديا بارزا  توج عمله السياسي بتأسيس حركة التغيير، فقد دخل العمل السياسي مبكرا وقاتل النظام العراقي البائد، واختار مغادرة الاتحاد الوطني الكردستاني بعد خلافات مع زعيمه جلال طالباني في 2006، وقاد حركة التغيير عبر الانتخابات المحلية والبرلمانية لتكون القوة السياسية الثانية في إقليم كردستان العراق.

 

 

ولد عام 1944 بالسليمانية باقليم كردستان، وكان الابن الأكبر لوالده مصطفى أمين. يتقن عددا من اللغات من بينها الكردية (اللغة الأم) والعربية الفارسية والألمانية والإنجليزية. تزوج عام 1981 ورزق بتوأم ولد وبنت.

 

كان يتزّعم التيّار اليساري في الاتحاد الوطني، بصفته زعيم كتلة “عصبة كادحي كردستان”.

 

وعقب سقوط نظام صدام وانخراط الاتحاد الوطني الكردستاني في العمليّة السياسيّة ورئاسة طالباني مجلس الحكم الانتقالي، تبنّى مصطفى توجّها إصلاحيّا داخل الحزب، يطالب بالشفافيّة ومكافحة الفساد، وإعادة هيكلة مؤسسات الحزب.

 

 

وفي بداية سنة 2009، أسس مصطفى حركة التغيير التي قدمت نفسها بديلا سياسيا.

 

 

حلت حركة التغيير كثاني أكبر حزب من حيث الأصوات بانتخابات جرت بعد تأسيسها، وشاركت بحكومة الإقليم بداية من عام 2014، إلا أنها استمرت في أسلوبها الناقد للحكومة ما دفع الديمقراطي الكردستاني لاعتبار أن حركة التغيير ما تزال تؤدي دور المعارضة رغم امتلاكها لأهم الوزارات كالبيشمركة والمالية ودائرة الاستثمارات.

 

 

واستمرت حركة التغير في معارضتها، وأدى ذلك لاصطدام سياسي مع الحزب الديمقراطي (البارتي) تسبب بإخراج وزراء الحركة ومنع رئيس البرلمان يوسف محمد – وهو من حركة التغيير – من دخول مبنى البرلمان نهاية عام 2015، ما سبب تعطيلا للبرلمان.

 

 

 

إقرأ أيضا