تصاعدت حدة الجدل بين الاوساط السياسية حيال تأخر مصادقة رئيس الجمهورية فؤاد معصوم على احكام الاعدام الصادرة من قبل السلطة القضائية بحق المدانين بالارهاب.
وكان رئيس الجمهورية فؤاد معصوم قد قال انه متردد في التصديق على 500 حكم اعدام ينتظر تصديق رئاسة الجمهورية.
وقال في تصريح متلفز الشهر الماضي ان “170 حكما هو وفق مواد ارهابية والباقية جنايات”، لافتا الى ان “500 حكم هو متراكم منذ عام 2006”.
واضاف انه متردد في تصديق هذه الاحكام، لوجود اعتراضات وطعون سياسية وجنائية فيها، داعيا الى مراجعة بعض هذه الاحكام، لوجود شك في الاجراءات المتعلقة بالاعترافات والادلة على حد قوله.
التحالف الوطني كان من اشد المعارضين لموقف معصوم واكد سعيه في مناسبات سابقة لاستجوابه في مجلس النواب من أجل الوقوف على “الاسباب الحقيقة” لامتناعه عن المصادقة لكنه حتى الان لم يتم جمع اكثر من 70 توقيعا ما زاد الامر تعقيدا اكثر.
بعض المراقبين للشأن السياسي لم يذهب بآرائه بعيدا حول خضوع هذا الامر للتوافقات السياسية والتي حالت دون المصادقة على الاحكام المذكورة.
ويشكك الباحث في الشأن السياسي جاسم الموسوي بالاسباب التي اعلنها الرئيس معصوم حول عدم تصديقه للاحكام، قائلا ان “رئيس الجمهورية ينظر لمصلحة الاكراد قبل مصلحة البلاد وكل قرار يتخذه يتم وفق هذا الاساس”.
وأضاف في حديث لـ”العالم الجديد” ان “رفض معصوم يخضع لتأثيرات داخلية وخارجية في نفس الوقت”, مشددا على انه “لا يريد ان يصادق على الاحكام باسم الكرد، كون المدانين بالارهاب هم من (المكون السني) وهو نوع من المحاباة للسياسيين السنة”.
وتابع ان “كثيرا من المدانين هم من دول عربية، وبالتالي فان معصوم يريد ان يضمن علاقات ستراتيجية بين اقليم كردستان والدول العربية”.
بالمقابل، يبرر التحالف الكردستاني تأخر رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بالمصادقة على قرارات الاعدام, بوجود شكوك في تلك القرارات.
وتقول النائب عن التحالف اشواق الجاف في تصريح صحفي ان “الاتهامات التي وجهت لرئيس الجمهورية من قبل عدد من النواب بتعمده برفض المصادقة على قرارات الاعدام ليست في محلها, كما ان اطرافا سياسية اخرى شككت بقرارات الاعدام الصادرة من قبل القضاء, ما دفع برئيس الجمهورية الى التريث لحين التحقق من الادلة وهذا حقا دستوريا”.
واضافت، ان “الكثير من السجناء المتواجدين في السجون ابرياء باعتبار انه لا توجد ادلة قاطعة تثبت بأنهم ارهابيون”.
يبقى ان بعض خبراء القانون يرون في مصادقة رئاسة الجمهورية على الاحكام الصادرة من القضاء أمرا تشريفيا، وليس ملزما للسلطة القضائية.
ويقول الخبير القانوني طارق حرب ان “السلطة القضائية مستقلة، ولا بد ان يكون هناك التزام ببنود الدستور وتطبيق مبدأ الفصل بين السلطات وانصاف المواطنين بالمصادقة على احكام الاعدام” .
ويضيف في حديث لـ”العالم الجديد” ان “الدول المعتمدة للنظام البرلماني لا تحتاح الى تصديق احكام الاعدام من قبل رئاسة الجمهورية لانها دول تحترم القضاء واستقلاليته”.
ويشدد حرب على ان حديثه “ليس تحليلا، انما واقع تعيشه كثير من الدول المتقدمة، ومنها روسيا وامريكا ومصر” .