صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

ماذا فعل إخوان العراق؟

كل من حاول اكتشاف أسرار المكون السني كهوية فرعية في العراق اصطدم بالصراع المحموم على…

كل من حاول اكتشاف أسرار المكون السني كهوية فرعية في العراق اصطدم بالصراع المحموم على زعامة هذا المكون من قبل أطراف ثلاثة هم الاخوان المسلمون والسلفيون والبعثيون، فيما تقبع على الهامش مكونات أقل حجما مثل الصوفيين والعلمانيين الذين تغلب عليهم العشائرية.

 

حين تتساءل داخليا عن الطرف الذي كان جزءا من المعارضة ابان الحكم الدكتاتوري لصدام حسين فلن تجد أوضح مشاركة وأكثر فاعلية من الحزب الإسلامي الجناح السياسي للاخوان المسلمين في العراق. لقد شارك الاخوان في أغلب مراحل التمهيد لاسقاط الديكتاتور، بل وأسهموا في تسليم مدن دون صِدام عسكري في لحظة سقوط الطاغية، وأسهموا في مجلس الحكم والحكومات المتعاقبة، هم في كل تلك اللحظات كانوا ديمقراطيين وداخل التاريخ وواقعيين، إلا أن سمة المكر التي غلبت على الجماعة تاريخيا في كل مكان اتضح أنها لا تفارق فروعها، حتى ان المصريين لم يكونوا يقولون “حسن البنا” بل “حسن الصبّاح” في إشارة الى زعيم الحشاشين وقلعة آلموت.

 

لقد قدّم الإخوان تصورا مغايرا عن الحقيقة عن الداخل السني، وأفهموا الامريكان والشيعة تفاصيل لم تكن على الأرض. بدأت الحقائق تتضح مع بروز الصحوات كحل لمواجهة المد التكفيري داخل التمرد السني، وهنا بات من اليسير على ضوء خارطة المليشيات السنية معرفة لمن الأغلبية داخل هذا المكون. لقد اتضح لجميع الباحثين ان الاغلبية السنية هي سلفية الانتماء بمشارب متعددة، وان الاخوان يأتون ثانيا خصوصا مع ذوبان البعثيين في التنظيمات السلفية المتمردة على الدولة، وهذه الصورة هي خلاف ما تشكل في ذهن الامريكان والشيعة، اذ ان الاخوان أوهموا الجميع بأنهم الكل في الكل وان الجامعات والمؤسسات الحكومية ورجال الأعمال في جيب الجماعة، وهذا ما لم يتحقق.

 

انقسم الاخوان على أنفسهم على أساس فكري (بنائين/قطبيين)، وعلى أساس مناطقي فهناك اخوان ديالى وهناك اخوان الموصل وهناك اخوان بغداد، وحتى باتت مليشيات الجماعة تتجاذب أطرافها وقياداتها وتحركها وتختار من يكون رأسا ومن يكون ذيلا، أما الخطاب الطائفي فقد بات من ثمرات الانقسام وعلى لسان الأجيال الجديدة داخل الجماعة وتحديدا ممن رفعتهم عوائلهم عاليا في الحزب الإسلامي. دخل الحزب في صراعات تخص الأوقاف السنية، ونجح في جزء وخسر الكثير، والعداء بينهم وبين السلفيين اتسع حتى بات الثأر مزاجا أساسيا لدى مجموع أهل السنة والجماعة.

 

بالتأكيد ان سقوط الاخوان في مصر وتضاؤل دور قطر أضرّا الجماعة في العراق، إلا أن تركيا الأردوغانية أنعشت أبناء الصواف وأعادتهم أقوياء. أرى أن الفرصة مؤاتية للشيعة والأكراد ان يلتفتوا الى زعامات سلفية تهادن الدولة يمكنها ان تطبع الأوضاع في المناطق السنية شريطة ان لا يخربوا الاخوان هذه الجهود بمكرهم الشهير، وعلى ضوء ما كتبته هنا أرى ان أحق الناس بالمصالحة في العراق هم السنة أنفسهم وتحديدا بين شقيهم الكبيرين الاخوان والسلفيين.

 

إقرأ أيضا