قادمين اليهم من وراء البحار ونحمل في جعبنا عقدنا، امراضنا وارهاصات عقدنا التاريخية التي لا تغني ولا تسمن من جوع! نتوسل الحصول على مأوى وملاذ آمن! في سبيل ذلك المأوى نحن مستعدون لإعادة تركيب الواقع كما نريد، نشوّه هذا ونتهم ذاك، مستعدون لقول كل شيء حقا او باطلا عن اي جهة او احد بهدف تمرير ملف الحصول على اقامة دائمة في بلد اوروبي، كل شيء مشروع بالنسبة لنا والغاية تبرر الوسيلة!
وحينما نحصل على اقامة ونعيش بأمان في احضان الدولة الاوروبية الجديدة، تبدأ معزوفة الامتعاض من هؤلاء الناس، ننظر اليهم من فوقية مطلقة، كأنهم مجرد اغبياء يستحقون الشفقة! ننزوي في بيوتنا وفي دوائر مغلقة ونلقي باللوم كل اللوم على هؤلاء الذين استقبلونا! كأنهم ارتكبوا خطأ فاحشا بذلك الموقف الانساني الذي ابدوه! لماذا لا نتفاعل ايجابيا مع المجتمع الذي نعيش فيه؟! نبحث بجد واصرار على فرصة عمل ما وان وجدناها فلا نفرط بها بسهولة خصوصا مع توفر البديل في بلدان يتحكم فيها القطاع الخاص ببوصلة الاقتصاد. لماذا لا نحرص على تعلم لغة اي بلد نعيش فيه؟! و “من تعلم لغة قوم وقى شرهم” كما يقول موروثنا الاسلامي، لماذا لا نحرص على تعلم القانون والالتزام به..؟! فالمخالفات كفيلة بجعلنا ندفع اثمانا باهظة في بلدان تحترم القانون، لماذا لا نتعلم ثقافة اي بلد نعيش فيه..؟! فهي كفيلة ليس فقط بتنمية الجانب الثقافي والتوعوي بل ايضا تساهم بشكل كبير في نجاحك بحياتك اليومية وخصوصا ما يتعلق بحصولك على فرصة عمل وحتى الاستمرار فيها. يجب ان نتكيّف الى حد ما مع الواقع الذي نعيش فيه، وان لا نكتفي باستيراد رجال دين ووعاظ يحشرون انفهم بحياتنا الشخصية واليومية في مهاجرنا المختلفة وهم لا يفقهون عادة تعقيدات الواقع الذي نعيش فيه! مما يضعنا احيانا بصدام مع المجتمعات التي نعيش فيها. لماذا نكفّر لمجتمع احتضننا دون تمييز بين دين او عرق؟! لماذا نخجل ان نعبر بكلمة شكر وتقدير لبيئة ومحيط قدم لنا ما لم تقدمه لنا بلداننا التي نتغنّى بها ليل نهار؟! لماذا لا ننظر الى المجتمعات التي عشنا بينها لعقود من الزمن الا من زاوية كونها مجتمعات غربية بيننا وبينها اسفين! هل نشارك الاوروبيين افراحهم واحزانهم؟! هل نشارك بفاعلية في مناسباتهم الوطنية والاجتماعية؟! هل نشارك بشكل مطلوب في المواسم الانتخابية؟! ماذا نريد منهم اذن اكثر مما قدموه..؟! يجب علينا تحمل المسؤولية واداء واجباتنا ثم نطالب بمزيد من الحقوق!