احد انجح المنظومات الاقليمية على صعيد العالم هو مجلس بلدان الشمال”norden” ، المنظومة الجغراسياسية التي تضم السويد، النرويج، آيسلندا، الدنمارك والجزر التابعة لها مثل غرلايند وجزر الفارو، كذلك فنلندا وجزيرة آلاند “آهفنن ما” التابعة لها. وبالإضافة الى البلدان الاعضاء هناك بلدان اخرى وجهات دولية تشارك في اجتماعات المجلس بصفة مراقب.
يعود تأسّيس مجلس دول الشمال الى عام 1951 وانضمت اليه فنلندا عام 1955، بهدف التنسيق بين اعضاء المجلس، ويقع المقر الرئيسي للمجلس في العاصمة الدانماركية كوبنهاغن، كما تعقد اجتماعاته سنويا في عواصم الدول الاعضاء بشكل دوري. يمثل البلدان في المجلس اعضاء من برلمانات الدول المؤسسة، يتم انتخابهم سنويا، وتعقد بين الحين والاخر قمة على مستوى زعماء الدول.
مجلس بلدان الشمال ورغم انه منتدى للتشاور والتنسيق بالدرجة الاولى الا انه نتج عن ذلك المجلس سلسلة من التسهيلات الاقتصادية في حركة البضائع بين البلدان الاعضاء، حيث حصل اتفاق مشترك بهذا الجانب عام 1954، اضافة الى توحيد بعض القوانين القضائية، ومن بين اكثر القرارات التي اتخذها المجلس اهمية هو توقيع اتفاقية الاتحاد الشمالي لجوازات السفر التي يسمح فيها لمواطني اعضاء المجلس التنقل فيما بينهم دون الحاجة لجوازات سفر، وقد دخلت الاتفاقية حيّز التنفيز ابتداءا من الثاني عشر من تموز عام 1952. وهي الاتفاقية التي استنسخها لاحقا الاتحاد الاوروبي في اطار ما سمّي لاحقا بـ”إتفاقية شنغن”. اضافة الى اتفاقية الضمان الاجتماعي لبلدان الشمال ابتداءا من العام 1955.
الجهود الدبلوماسية لبلدان مجلس الشمال اسفرت ايضا عن تشكيل منتدى وزراء بلدان الشمال الذي تأسس عام 1971، ويقع مقره الدائم ايضا في كوبنهاغن.
في العديد من المنظمات الدولية فان بلدان الشمال تعمل ككتلة واحدة، كما هناك اتفاقيات لتلك المجموعة الدولية بموجبها يتم التنسيق من اجل ترشيح الاعضاء بالتناوب في منظمات الامم المتحدة، كما هو الحال مع دعم المجلس على سبيل المثال لآيسلندا في مجلس “منظمة الاغذية والزراعة” الفاو التابعة للأمم المتحدة ابتداءا من العام 2014.
التعاون بين اعضاء هذه المنظومة الاقليمية في شمال اوروبا لا يقتصر على اجتماعات الدول بل ايضا هناك تشكيلات حزبية بأفكار عابرة للحدود والجغرافيا من اجل التنسيق فيما بينها، على غرار احزاب اليسار، اليمين، الوسط، او حتى احزاب الخضر، حيث تلتقي بين الحين والاخر من اجل تنسيق المواقف وتنضيج الافكار. على الصعيد الثقافي والفني هناك ايضا سلسلة جوائز توزع على المبدعين من بلدان الشمال في مجال الادب، ادب الاطفال، السينما، الموسيقى، وجائزة في مجال البيئة. ان مجلس بلدان الشمال تجربة ناضجة جدا تستحق الاهتمام وتسليط الضوء عليها.