أعلن السيد مقتدى الصدر عن تجميد مجموعتيه المسلحتين اللتين تقاتلان ضمن صفوف الحشد الشعبي “سرايا السلام”، و”اليوم الموعود”، في خطوة عدها مراقبون بأنها تحول في رؤيته للدولة، وينتظر منها لجم أي محاولة لاعادة الاقتتال الداخلي الذي يخدم تنظيم “داعش”، بعد امتصاصها لغضب الشارع السني الذي كان ينتظر موقفا شيعيا “معتدلا” عقب حادثة اغتيال الشيخ قاسم سويدان الجنابي.
الا أن هذه الخطوة واجهت رفضا من فصائل الحشد الشعبي، لكن المراقبين للشأن السياسي العراقي استبعدوا تأثير القرار على وحدة الصف داخل التحالف الوطني.
وقال الباحث في الشأن السياسي الدكتور ياسين البكري، إن “التداعيات السلبية في المواقف الشيعية لهذا القرار امر متوقع, لكن يجب أن نفهم أن الصف الشيعي ليس موحدا في المواقف وهناك تباينات في العديد من القضايا السياسية”.
وأوضح البكري في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذا القرار لن يكون سببا في حصول شرخ في البيت الشيعي، لان المواقف في الاساس غير موحدة”، مشيرا الى ان “القرار يعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح لان الصدريين أخذوا يميلون الى رؤية بناء الدولة أكثر من السلطة، بعد أن فهموا أن بناء الدولة لن يتم بمعزل عن المكونات الاخرى”.
ورجح البكري تأثر الحشد الشعبي “كقوة تحارب ضد (داعش) سلبا بهذا القرار, لكنه شدد على ان هذا القرار يحمل ابعادا سياسية مهمة اعطت رسالة تطمين لسكان المحافظات الغربية بأن التيار الصدري لن يدخل مناطقهم دون رضاهم”.
وقال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الاسبوع الماضي، في رد على سؤال لأحد أنصاره عن حادثة اغتيال الشيخ قاسم الجنابي واتهام بعض المليشيات بتنفيذها “أعلن تجميد لواء اليوم الموعود وسرايا السلام وجهات (فصائل) أخرى إلى أجل غير مسمى”.
وفي ردود الأفعال حول قرار تجميد الصدر لنشاطات سرايا السلام ولواء اليوم الموعود، فقد تباينت آراء الاطراف السياسية والمراقبين، وهي الأجنحة العسكرية التابعة له، وتقاتل في صفوف الحشد الشعبي.
إذ أن هذا القرار الذي تزامن مع اشتداد المعارك التي يشنها الحشد الشعبي بمعية الجيش العراقي ضد تنظيم “داعش” لم يلق صدى داخل التحالف الوطني وتحديدا كتلتي المواطن وبدر.
وحذر وزير النقل والقيادي في كتلة المواطن (المجلس الأعلى الاسلامي) باقر جبر الزبيدي، من انعكاسات سلبية قد يخلفها هذا القرار على ملف الحرب ضد التنظيم المتطرف. وقال الزبيدي في حوار متلفز تابعته “العالم الجديد”، إن “تجميد سرايا السلام يؤثر سلباً على معنويات الحشد الشعبي”، معتبرا أن “هذا القرار مخالف لفتوى المرجعية الدينية بشأن الحرب ضد “داعش”. وتوقع الزبيدي ان تكون هناك “عودة قريبة عن هذا القرار من قبل الصدر”.
وأعرب عن استعداده “للتعاون مع الجهات المختصة لكشف المجرمين الذين نفذوا هذه الجريمة النكراء”، متسائلا “ألم أقل لكم إن العراق لا يعاني من شذاذ الآفاق فحسب، بل من المليشيات الوقحة أيضاً؟، ألم أقل لكم إنه يجب تسليم الجيش زمام الأمور؟ ألم أقل لكم إن الحقبة السابقة ابتلت العراق بازدياد نفوذ الميليشيات، وشذاذ الآفاق وتسلطهم على رقاب الشعب المظلوم؟”.
من جهتها، دعت كتلة بدر النيابية الصدر الى عدم اطالة تجميد سرايا السلام ولواء اليوم الموعود”، مشيرة الى “حاجة العراق لكل “الشجعان” لقتال تنظيم (داعش).
وقال رئيس الكتلة النائب قاسم الاعرجي في تصريح صحفي، إن “قرار الصدر هو قرار داخلي ويعود اليه باعتباره زعيما لهذه الفصائل، وهو يرى الاصلح ونحن نحترم ارادته”، داعيا في الوقت نفسه “السيد مقتدى بان لايكون التجميد لفترة طويلة”.
وأضاف الأعرجي، أن “العراق بحاجة لكل الايادي العراقية، ولكل الشجعان لمقاتلة (داعش) الارهابي”، مبينا ان “الجميع لايرضى بأي تجاوزات من اي شخص ونحن نسعى لحماية الدم العراقي وممتلكات المواطنين حيث ان هدفنا هو هدف الجميع وهو محاربة (داعش)”.
في المقابل ثمن عضو المكتب السياسي لتحالف القوى العراقية حيدر المُلا موقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بتجميد عمل سرايا السلام ولواء اليوم الموعود، داعيا الى جعل قرار التجميد نقطة للشروع بتشريع “قانون تجريم المليشيات”.
وقال الملا في بيان حصلت “العالم الجديد” على نسخة منه “في الوقت الذي نثمن موقف السيد مقتدى الصدر بتجميد عمل سرايا السلام ولواء اليوم الموعود الذي عبر فيه عن موقف رجل دولة استشعر فيه خطورة انفلات السلاح خارج إطار سلطة القانون وضرورة حصره بيد الدولة، ندعو القائد العام للقوات المسلحة الى وضع خارطة طريق لإنهاء المظاهر المسلحة وحصر السلاح بيد الدولة وتبني مشروع قانون تجريم المليشيات في مجلس الوزراء، الذي نعتبره حجر الأساس لبناء الدولة واستمرار الدعم الداخلي والاقليمي والدولي لحكومته”.