منذ بدء حركة الشارع العراقي بتنظيم مظاهرات اسبوعية قبل حوالي شهرين مطالبة بتوفير الكهرباء، بقية الخدمات واصلاح ما افسدته الطبقة السياسية المسيطرة على مقاليد الحكم في العراق فان جميع محاولات الالتفاف على المظاهرات، قمعها، تقويضها من الداخل او توجيهها باتجاه اطراف بعينها فان جميع تلك المحاولات في واد، وما حصل يوم السبت الماضي حينما صوّت البرلمان العراقي على منح الثقة مرة اخرى لوزير الكهرباء الفهداوي في واد آخر.
ان تحسين الكهرباء ومحاسبة الفاسدين في تلك الوزارة كان في مقدمة المطالب التي رفعها المتظاهرون، ان ما حصل في مجلس النواب مؤشر خطير جدا يؤكد ان الكتل السياسية اعادت هيكلة التفاهمات فيما بينها وابرمت اتفاقات ما بهدف تجاوز مرحلة المظاهرات.
كأن ما حصل كان بمثابة توافق من نوع آخر بين الاخوة الأعداء بعدما شعروا جميعا ان مصالحهم الكبرى في مهب الريح. ان التصويت على القناعة بأجوبة وزير الكهرباء بمثابة استفزاز للشارع العراقي، وكأن ما حصل خطوة هجومية من قبل الطبقة السياسية ضد التظاهرات.
في حسابات الطبقة السياسية ايضا ان تلك الخطوة المستفزة جدا هي بمثابة جس نبض لردة فعل الشارع لكي يبنى على أساسها سقف ردود الأفعال القادمة من قبل الكتل السياسية تجاه المظاهرات.
وان لم تحصل ردة من فعل قبل المتظاهرين تتناسب وحجم ما حصل من استفزاز للشارع العراقي وتجبر القوى السياسية على اعادة النظر من جديد بحساباتها السياسية والتوافقية.. فهذا يعني ان العاصفة قد عدّت وان ما سيأتي من قرارات لاحقة سيكون هامشيا جدا. من جهة اخرى ايضا فان رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي وبعد كل ما تمتع به من تفويض شعبي ومساندة غير مسبوقة من قبل المرجعية التي دعته للضرب بيد من حديد بعد وصول الجميع الى مرحلة “للصبر حدود” عليه ان يستثمر تلك المرحلة بشكل جيد وان يضع الجميع امام مسؤولياته، المداراة واللف والدوران ستنعكس بشكل سلبي علينا جميعا بما في ذلك العبادي نفسه، وقد ينقلب السحر على الساحر ويتبدل التأييد الشعبي للرجل الى غضب عارم ضده.